مع ازدياد حدة عمليات شراء السندات في سوق الدين تماشياً مع أسعار الفائدة السلبية التي أقرتها عدة بنوك مركزية عالمية كجزء من سياسات التحفيز الكمي الهادفة إلى دعم القطاعات الاقتصادية، ارتفعت قيمة السندات ذات العوائد السلبية بشكل كبير خلال أيام معدودة وبلغت نحو 13.4 تريليون دولار. وكانت السندات الحكومية ، حول العالم، لا سيما في أوروبا واليابان، إضافة إلى السندات الصادرة عن عدة شركات كبرى، قد بلغت قيمتها الأسبوع الماضي فقط نحو 13.1 تريليون، وذلك بحسب البيانات التي جمعتها «فايننشال تايمز». وتأتي هذه الارتفاعات مع سعي البنوك المركزية حول العالم إلى دعم التضخم والنمو الاقتصادي في بلدانها وخاصة في كل من دول الاتحاد الأوروبي واليابان التي أقرت مؤخراً حزمة من السياسات التحفيزية. ويرى غريغوري بيترز، كبير مسؤولي قسم الاستثمار في مؤسسة «برودينشال فيكسيد إنكم»، أن ما يحدث شيء غير واقعي، ومن الواضح أن البنوك المركزية حول العالم أصبحت تهيمن على أسواق السندات، وتتسابق فيما بينها في سبيل دعم اقتصاداتها، لذلك فهي السبب الرئيسي لما يحدث الآن في الأسواق من ارتفاع في قيمة السندات.
وكان البنك المركزي النيوزيلندي قد قام مؤخراً هو الآخر بتخفيض معدل الفائدة مرة أخرى، في الوقت الذي قام فيه بنك إنجلترا بإعادة إطلاق برنامج التحفيز الكمي، بهدف طمأنة المستثمرين ودعم اقتصاد البلاد الذي من المتوقع أن يشهد تراجعاً خلال الفترة المقبلة بعد قرار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وليصبح بذلك أكثر من ربع الاقتصاد العالمي يتعامل بأسعار فائدة سلبية أو ضمن النطاق السلبي. وأدت تلك الإجراءات إلى نسف عوائد السندات وأجبرت المستثمرين على الانتقال إلى الأسواق الناشئة، والتعامل بالسندات عالية المخاطر، إضافة إلى الديون الحكومية طويلة الأجل، وكل ذلك بهدف الحصول على ما تبقى من إيرادات ممكنة يمكنهم أن ينتفعوا بها. وأثارت هذه الحالة المتفاقمة حفيظة المستثمرين وسخطهم، ودفعت بعضهم إلى القول إن السندات ذات العوائد السلبية الناجمة عن معدلات الفائدة المنخفضة أصبحت تشوه الأسواق العالمية وستسبب على المدى البعيد ضرراً أعظم بكثير من النفع الحالي.