قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أحد يموت إلا وقد ندم, قالوا وما ندامته يا رسول الله؟ قال: إن كان محسنا ندم ألا يكون ازداد, وإن كان مسيئا ندم ألا نزع, (الترمذي).. قال الله تعالى «وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب, وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون» (العنكبوت: 64).
وروى المقدسي عن أبي ذر قال: أوصاني خليلي (صلى الله عليه وسلم) بأربع كلمات هن أحب إلي من الدنيا وما فيها, قال لي: يا أبا ذر أحكم السفينة فإنّ البحر عميق, وأكثر من الزاد فإنّ السفر طويل, وخفف الحمل فإنّ العقبة كؤود, وأخلص العمل فإنّ الناقد بصير. وقال سليمان بن عبدالملك لأبي حازم: ما لنا نكره الموت؟ قال: لأنكم عمرتم الدنيا, وخربتم الآخرة, فكرهتم أن تنقلوا من العمران إلى الخراب, قال: فكيف القدوم غدا على الله؟ قال: أما المحسن فكالغائب يأتي أهله فرحا, وأما المسيء فكالعبد الآبق يأتي مولاه خائفا حزينا، (أ.هـ).
عن البراء بن عازب قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جنازة فجلس على شفير القبر فبكى حتى بل الثرى، ثم قال: يا إخواني لمثل هذا فأعدوا, (ابن ماجه).
فنسيان الموت ضلال كبير وبلاء عظيم, ما نسيه أحد إلا طغى، وما غفل عنه إنسان إلا غوى, فكن على أهبة الاستعداد, فالدنيا مدبرة والآخرة مقبلة، ولكل منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا, فإنّ اليوم عمل ولا حساب, وغدا حساب ولا عمل, واعلموا أن كل نفس ذائقة الموت, وإنما توفون أجوركم يوم القيامة, «ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون», (الجمعة).
وقال لقمان لابنه: يا بني إنك استدبرت الدنيا من يوم نزلتها, واستقبلت الآخرة، فأنت إلى دار تقرب منها أقرب إلى دار تتباعد عنها. قال ابن السماك في قوله تعالى: «فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا», (مريم: 84), قال: إذا كانت الأنفاس بالعدد، ولم يكن لها مدد، فما أسرع أن تنتهي, يا من لك في بطن الأرض حفرة أتأنس بالدنيا وأنت غريب, وما الموت إلا نازل وقريب, نسال الله حسن العاقبة.