تسجيل الدخول

مطلقات سجينات رغم ادعاء الانعتاق

زاجل نيوز30 أكتوبر 2016آخر تحديث : منذ 7 سنوات
مطلقات  سجينات رغم ادعاء الانعتاق

_93510_e3

اصبح إنهاء الحياة الزوجية في مصر، بالانفصال، أسهل الطرق لحل المشكلات الأسرية، حتى أن هناك حالة طلاق أو خُلع تقع كل 6 دقائق، حسبما أكدت إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (جهة حكومية)، وهكذا احتل المصريون المرتبة الأولى عالميا، في نسب الطلاق.

رغم أن محاكم الأسرة في مصر، تعج بمكاتب حلّ النزاعات الزوجية، التي يتمثل دورها في محاولة تقريب وجهات النظر بين الزوجين، في حال نشوب نزاع بينهما، إلا أن الحاصل على أرض الواقع، يوحي بأن هذه المكاتب لم يعد لها دور يُذكر، لأن الزوجة عندما تدخل إلى المحكمة، تعتبر خطوة الجلوس أمام مكتب حلّ النزاعات لا قيمة لها، وتسعى للوقوف بين يدي القاضي بأقصى سرعة، للحصول على “الخلاص”.

وأرجعت دراسات صادرة عن محاكم الأسرة، أسباب الانفصال، إلى الاختلافات الدينية والاجتماعية والسياسية بين الزوجين، وعدم الإنجاب، وعدم إنفاق الزوج على الأسرة، بالإضافة إلى عدم التوافق في العلاقات الجنسية، والاعتداءات الجسدية، والخيانة الزوجية، وصغر سنّ الزوجين، وتدخلات “الحموات”، فضلا عن نقص الوعي، وانتشار المواقع الإباحية على الإنترنت، وقانون الخلع.

أضيف إلى هذه الأسباب مؤخرا، إدمان أحد الزوجين، التدخين والمخدرات بمختلف أنواعها، وذكرت إحصائية لمحاكم الأسرة، عن النصف الأول من العام 2016، أن هناك 37 ألف حالة طلاق، وقعت بسبب التدخين والإدمان، بينها 16 ألف قضية خُلع رفعتها الزوجات، للانفصال عن أزواجهن بسبب إدمان المخدرات.

تختلف حقوق المرأة المصرية، إذا كان الانفصال عن زوجها تمّ عن طريق الطلاق، عنها إذا كانت هي التي خلعته من خلال المحكمة، ففي الحالة الأولى يحق لها، وفق قانون الأحوال الشخصية، أن تحصل على كامل حقوقها، من نفقة وحضانة الأطفال الصغار، وكل ما يحتويه منزل الزوجية تقريبا، أما في حال خلع زوجها، فتخسر كل ما سبق، ما عدا حضانة الأطفال الصغار، نظير أن تكسب حريتها.

    الطبيعة الجغرافية والبيئة المحيطة بالأسرة تحددان طريقة الانفصال بين الزوجين، ما إذا كانت طلاقا أو خلعا، ففي أكثرية المجتمعات الصعيدية والريفية والبدوية، لا تجرؤ المرأة على أن تذهب إلى المحكمة لخلع زوجها، لأن التقاليد والأعراف صارمة في هذه المناطق

وتحدّد الطبيعة الجغرافية والبيئة المحيطة بالأسرة طريقة الانفصال بين الزوجين، وما إذا كانت طلاقا أو خلعا، ففي أكثرية المجتمعات الصعيدية والريفية والبدوية، لا تجرؤ المرأة على أن تذهب إلى المحكمة لخلع زوجها، لأن التقاليد والأعراف في هذه المناطق صارمة، وتنظر للمرأة التي تطلب الخلع، على أنها أقدمت على وصمة عار، لن تلحق بها وحدها، وإنما بعشيرتها كلها.

ناهيك عن أن الطلاق في هذه المناطق، يكون بنسب منخفضة للغاية، حتى وإن كانت المرأة تعيش ظروفا قاسية، مع رجل لا يوفّر لها متطلبات الحياة، أو حتى يعاملها بشكل لا يليق بمكانتها، إنها تستسلم رغبةً منها في الحفاظ على أبنائها، وحتى لا تحصل على اللقب المشؤوم، مطلّقة، والذي يعدّ في تلك البيئات، صفة معيبة بالنسبة إليها، قد يجعلها منبوذة، ومن ثم فهي ترضخ لضغوط أسرتها، بالصبر والتحمّل، تحت مبرر أن “ظلّ رجل ولا ظلّ حائط”.

أما في المناطق الحضرية، حيث تتباعد فيها العلاقات الاجتماعية، فإن الأمر يكون مختلفا تماما، وبحسب آخر الإحصائيات الصادرة عن مركز معلومات مجلس الوزراء، نهاية العام 2015، فإن أكثر من 90 بالمئة، من حالات الطلاق والخلع، تحدث في المناطق الحضرية، وأن لجوء المرأة إلى طلب الانفصال من خلال المحكمة، تسبّب في أن تكون هناك (بالحضر)، 240 حالة طلاق يوميا، بمعدل 10 حالات في الساعة الواحدة.

وأعطى قانون الخلع، الذي جرى إقراره في العام 2001 للمرأة المصرية حق تقرير المصير، والذي يعني أن المرأة لن تبالي بنظرة المجتمع لها، وستختار الانفصال طواعية، حتى وإن ظلّ قاضي المحكمة يلحّ عليها، بأن تفكر مرّة ثانية وثالثة في هذه الخطوة، بعكس الطلاق، الذي في الغالب ما يكون فيه الرجل هو صاحب القرار الأول والأخير، فإذا عاندها، ليذلّها أو يخضعها، يمكنها اللجوء للمحكمة، لتطليقها بالقانون.

بينما سعى الكثير من رجال المحاماة والقانون، لرفع دعاوى قضائية لتعديل قانون الخُلع، باعتباره أحد عوامل انهيار الاستقرار الأسري، لأنّ الزوجة تستسهل الأمر وتنهي الحياة الزوجية بقرار منها، ونجح الحشد النسائي المعارض لهذه الخطوة، في أن يُبقى القانون على وضعيّته، من منطلق أنه أحد أدوات تحرير المرأة من “سجون زوجها”، إذا فقدت الأمل في استكمال الحياة معه.

تعد نظرة المجتمع للمرأة المطلقة عموما، سلبية إلى حد بعيد، وتفسّرها سعاد مصطفى، أستاذة علم اجتماع الأسرة بجامعة عين شمس بالقاهرة، بأن الذكورية، وشعور الرجال بأنهم الفصيل الوحيد في قيادة المجتمع، والتحكم في مصير الأسرة، فضلا عن الموروث الثقافي، بأن المطلقة امرأة سيئة السيرة والسمعة، عوامل تسببت في أن يتم النظر للمرأة المطلّقة، بطريقة دونية تجعلها دائما في دائرة الاتهام.

وتصبح النظرة للمرأة أكثر بؤسا، إذا كانت هي التي خلعت الزوج، لأن المجتمع يعتبرها شاذة الفكر أو الشخصية، تحت مبرّر أنها فضحت زوجها، وكسرت هيبته أمام المحكمة، وأفشت الأسرار الزوجية، والمعاناة التي تعيشها معه، ما قد يمنحها لقب امرأة لا تصون العشرة، وغير أمينة على الحياة الزوجية، وفي كل الأحوال لا تستطيع الدفاع عن نفسها أو ذكر الحقيقة، ما قد يدفعها لتجنّب الرجال بشكل عام، وعدم الزواج مرة أخرى.

وقالت مصطفى لـ”العرب” إن بعض المطلقات توافقن على الزواج مرة أخرى لمجرد حماية سمعتهن، وقطع الطريق على من يشكّك في سلوكهن، من منطلق “السترة” ليس أكثر، لكن بعضهن يبحثن عن “تجربة أخرى لعلها تكون أكثر إيجابية من التجربة الأولى، إلا أنه في الغالب قد ترفض المطلقات الزواج مرة ثانية، لا سيما في المجتمعات الحضرية، حيث لا يعرفهن سوى الأقارب والأصدقاء”.

يذكر أن عدد المطلقات، اللاتي لم يتزوجن مرة أخرى، بلغ نحو 3 ملايين امرأة، بحسب إحصائيات رسمية صادرة عن مجلس الوزراء والجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، و86 بالمئة منهن يعشن في المناطق الحضرية، لكن المشكلة أن الدولة ذاتها تصنّفهن مطلقات في بطاقات إثبات الشخصية.

ووسط الحق الممنوح للزوجة، وفق القانون بخلع زوجها، فإن الكثيرات من نساء مصر تعانين من قوانين تغلب عليها المصلحة الذكورية، وأبرزها قانون بيت الطاعة، الذي يظل سيفا مسلطا على رقاب الزوجات الفارات من جحيم الزوج، خاصة في أوساط محدودي الدخل، اللاتي يصعب عليهن اللجوء إلى الخلع لأنه يمثل تنازلا عن حقوقهن، التي سوف تساعدهن على العيش في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

وبيت الطاعة، إجراء قانوني، يعطي الزوج الحق في إجبار زوجته على أن تعود إلى منزل الزوجية، وإذا امتنعت فإنها تعتبر ناشزا، ما يؤدي إلى أن تفقد حقوقها من مؤخر ونفقة، بل ويذهب بعض القضاة إلى أبعد من ذلك، بحرمانها من الزواج مرّة أخرى، باعتبارها ناشز المسكن الذي أعده الزوج لزوجته لتقيم فيه، والكثير من الزوجات تهربن من بيت الزوج إلى بيوت أسرهن، لتفادي الانفصال النهائي، حتى وإن كانت تتعرض للإهانة، أو ملّت العيش معه، وذلك لخشيتها من أن توصف بلقب امرأة مطلقة.

غير أن شيماء محمد، (23 عاما) ، وأمّ لطفلة عمرها سنتان، تغلّبت على كل هذه التعقيدات، بعدما تركت بيت زوجها وعادت إلى أسرتها التي رفضت استقبالها، فما كان منها إلا أن قررت الهجرة من حي بولاق الدكرور بوسط القاهرة، إلى الاستقرار في مدينة دمنهور بالبحيرة، (شمال القاهرة)، حيث لا يعرفها أحد هناك، واضطر زوجها لطلبها في بيت الطاعة فرفضت، واعتبرتها المحكمة ناشزا.

وقالت شيماء لـ”العرب”، “لا يعنيني هذا الوصف، فأنا لن أتزوج ثانية، وتركت بلدتي الأصلية لتفادي النظرة السلبية من المجتمع.. اخترت حياة جديدة بعيدة عن الذلّ والقهر، ولو كنت أعرف طريقة لخلع زوجي لفعلتها، فأسرتي اختارت الحفاظ على صورتها على حساب حقوقي الزوجية وآدميتي.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.