يرتبط اسم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، بالخير، فلا يلقب إلا بزايد الخير؛ لكثرة ما كان يحرص على فعله من الخير، وهذا أسلوب عربي شهير، فليس ادعاء ولا تقولاً عليه، وكما قالوا:
الناس أكيسُ من أن يحمَدوا رجلاً … حتى يروا عنده آثار إحسانِ
فقد أجرى الله تعالى ألسنة الخلق بالثناء عليه، وهم شهداء الله في الأرض، فمن أثنوا عليه خيراً وجبت له الجنة، كما صح في الحديث.
وقد أراد ابنه البار وخليفته المبارك صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد، رئيس الدولة – أمد الله في عمره بلطف وعافية – أراد أن يزيد أباه خلوداً بالذكر، ووفرة بالأجر، بجعل العام المقبل 2018 عام زايد الخير، كما كان قد جعل هذا العام 2017 عام الخير، ليكون الخير صفة راسخة في شعب الإمارات، كما كان صفة ثابتة في المغفور له بإذن الله الشيخ زايد.
وبناءً على هذا التوجه فإن الخير سيتفعَّل بالبرامج المتنوعة، وليس فقط بالعطاء – مع أهميته وكثرة فائدته وكبير نفعه – بل أن تكون هناك أنشطة خيرية أخرى باسم صاحب العام، وذلك بمختلف وجوه الخير.
فلنجعل من عام زايد للخير ما يلي:
1- عاماً للتعليم الخيري: أساسياً ومتوسطاً وثانوياً وجامعياً ودراسات عليا، وذلك للإسهام في تعليم الناس الذين لديهم قدرات فكرية يمكن أن تسهم كثيراً في نفع أنفسهم ومجتمعاتهم، فإن التعليم، لاسيما التقني والبحثي، أهم أنواع الاستثمار على المديين القريب والبعيد، فننشئ مدارس خيرية وجامعات خيرية، أو أعداداً من المقاعد الدراسية الخيرية في مختلف التخصصات، لتواكب جميع التطلعات للشباب والشابات، فإنه ما من إنسان إلا ولديه قدرة على تعلم نوع أو أنواع من المعارف والمهارات، فالأمية والبطالة ليستا قَدراً على الناس، وإنما العجز الذي يفرض عليهم ذلك، وواجبنا أن نسهم في رفع ذلكم العجز بما نقدر عليه.
2- عاماً للطِّب الخيري للتخفيف من آلام الناس المحتاجين الذين يعيشون بأوصابهم وأتعابهم، ويعجزون عن أداء وظائفهم، أو يغرقون في الديون إن حاولوا اجتياز مرحلة المرض، وهم إخوة لنا في الدين أو الإنسانية، ولهم حق علينا، سنُسأل عنه، وذلك بإنشاء مستشفيات خيرية لمعالجة العاجزين، أو التعاقد مع مستشفيات متخصصة مشهود لها.
3- عاماً للإعاشة والإعالة بإعالة المحتاجين وسد خَلّتهم، فكثير من الأسر لا تجد سداد العيش الكريم لقلة الدخل وغلاء المعيشة، كما يعلم من كثرة المراجعين للجمعيات الخيرية ونزلاء السجون الذين أغرقتهم الديون.
4- عاماً لزيادة وتوسيع الانطلاق للخارج؛ بأنشطة الخير المختلفة لإغاثة البلدان التي أصيبت بالحروب أو الكوارث، فهؤلاء لهم حقوق على كل إنسان قادر، وإذا كانت المنظمات الإنسانية، ولاسيما منظمات العدالة، عجزت عن أن تحميهم مما أصابهم من القتل والقهر والأذى، فلا أقل من أن نبادر نحن المسلمين عموماً والإماراتيين خصوصا بالإسهام في تخفيف معاناتهم إيواءً وإطعاماً، وتعليماً وعلاجاً، وغير ذلك.
5- ويمكن أن يكون كل ذلك من خلال برامج خيرية ترعاها الدولة، كإنشاء بنك مستقل، يسمى «بنك زايد الخيري» يوضع له رأسمال نافع، ويدعى الناس للإسهام فيه، كما تسهم فيه الدولة برأسمال كبير، وتجمع الإسهامات الخيرية من أهل الخير، ثم يبادر بالأنشطة المذكورة مع استثمار جزء منه، استثماراً مأموناً، يعود ريعه لأنشطة الخير المختلفة.
6- ويمكن أن يستفاد من البنك الإسلامي للتنمية التابع لمنظمة التعاون الإسلامي؛ لما حققه من نجاح في الاستثمار ونفع الدول الفقيرة المشاركة في المنظمة، مع استقلالية الاستثمار وبإشراف حكومي مباشر.
فلو فعَّل «عام زايد» بمثل هذا لكان ذلك استمراراً لمنهج زايد الخير الذي كان قد أسهم برأسمال كبير لفعل الخير، وأنشأ مؤسسة زايد الخيرية لتقوم بهذا الدور، فإحياءُ منهجه ومبادراته الخيرية هو المراد من تخصيص عام كامل لزايد الخير.. وبالله التوفيق.