تسجيل الدخول

سمير يزبك: رحل الضاحك… رسول الزمن الشجي

zajelnews2015 zajelnews201523 أغسطس 2016آخر تحديث : منذ 8 سنوات
سمير يزبك: رحل الضاحك… رسول الزمن الشجي

1596298361464108073ثم رحل الضاحك دوماً. سمير يزبك الغارق في الفرح حتى آخر صدحة «الأوف» الشجية، مضى باسماً في رحلته الأخيرة. ذهب بعدما أعياه الألم الشخصي والوجع الجماعي. كان لا بد لذلك اليوم من أن يأتي. اليوم الذي يتعب فيه القلب المحب، ويصير عاجزاً عن احتمال أعباء المحبين.
«الشحاد» التائق لنظرة عطف من عينين دافئتين، أغمض عينيه الجميلتين ومضى. لم يعد الزمن زمنه، ولم تعد اللغة تطاوعه. ثمة مصطلحات جافة صارت مستعصية على اللسان السيال، وثمة عيون باردة في هذا الزمن العابق بالقحط والجدب ورعونة الريح. سمير الماضي الجميل لم يبق لديه ما يقيم به الصلة مع الحاضر. ختم الموال على كثير من الحنين والإلفة، ثم مضى يحتضن بقايا بسمة عرفت به وعرف بها. سيفتقد الناس في هذا الزمن العابس ابتسامة سمير، وسينتابهم حنين إلى دفء صوته النابع من أعماق القلب. وسيسألون طويلاً: لماذا ازدات الحياة تجهماً؟! وستعجزهم الإجابة. سيكون عليهم أن يتناسوا تلك الآه الصادقة التي كانت تخرج قسراً من أفواههم، بينما يراكم سمير يزبك الجواب والقرار في تناغم نادر.

تقول الأخبار إنّ سمير يزبك (1939 ــ 2016) رحل أمس بعد صراع طويل مع المرض. التوصيف يفتقد إلى الدقة. هو يعتمد صيغة إخبارية جاهزة تستوفي الشروط الأكاديمية وحدها. الصواب أنه بالرغم من حنجرته الجريحة، غنى سمير للمرض حتى أطربه، والمنطقي أنه أشجى الموت بينما هو يلوح له من بعيد. وإذ أحس به يقترب منه، اشتعلت فوق شفتيه أغنية: «خدني معك خدني على بلاد الهوى.. قلبي انجرح من هالدني وعمري انطوى». كان ينظر إلى جسده المتواري كما يصغي إلى شظايا صوته القافز فوق حدود المألوف. ثم أغمض عينيه بتواضع عرف عنه. والأرجح أنه قبل أن يدخل في إغفاءته الأخيرة، قال لنفسه بخفوت جميل: «أحسنت يا سمير.. لقد كانت وصلة موفقة»!
كان سمير يزبك استثنائياً حتى الرمق الأخير، يكفيه، ويكفينا، أن السيدة فيروز هي التي اكتشفت امكاناته الفنية، وفتحت له الدرب الرحباني المنطوي على سحر كثير، فكان أن بلغ المدى الأرحب. يصعب أن تعيش أغنية عقوداً كثيرة من دون أن يكون سمير يزبك صاحبها، ويصعب أن تضج الذاكرة بأغان تنتمي إلى الزمن السحيق، من دون أن تكون حصته منها هي الأوفى. ترى كم سيكتب الشعراء من كلمات، وكم سيبني الملحنون من أنغام، وكم سيغني المطربون من أغان حتى تأخذ أغنية ما مكانة «دقي دقي يا ربابة»؟!! وكم سيتراكم من الآلام في صدر البشرية، حتى يكون متاحاً لها ابتكار تعريف للوجع يضاهي مدلوله في مواله الشهير «موجوع»؟

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.