أجرى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى ليلة أمس مباحثات بناءة ومثمرة مع فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان بحضور صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.
وقد أكد جلالة الملك أن المباحثات قد جرت في إطار تنسيق المواقف والرؤى بين البلدين حول جميع التطورات الجارية إقليميا ودوليا ولا سيما في ظل الظروف التي تشهدها المنطقة.. كما أكد جلالته أن هذه المباحثات قد عكست الرغبة القوية في الرقي بالعلاقات الأخوية بما يعزز مصالحنا المشتركة، والسعي الجاد للتوصل إلى السبل الكفيلة بحل المشكلات والأزمات التي تموج بها المنطقة لتكون في وضع أقوى وأكثر استقرارا.
وخلال هذه الزيارة التي وصفها جلالته بأنها ذات أهمية خاصة قلّد جلالته فخامة الرئيس أردوغان وسام صاحب العظمة عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، وهو أرفع وسام يمنح في مملكة البحرين، تقديرا واعتزازا بجهود الرئيس التركي الجليلة ومواقفه النبيلة في خدمة ورفعة أمتنا الإسلامية وحماية مكتسباتنا الإنسانية.
وخلال المباحثات الرسمية أكد الرئيس التركي أن تركيا ستواصل الوقوف إلى جانب البحرين في السراء والضراء قائلا: إنني أؤمن بأننا سنعمل معا من أجل استقرار منطقتنا وأمنها ومستقبلها، مشيرًا إلى أن البحرين وقفت إلى جانب تركيا في أصعب أيامها.. لذا فإن البحرين تشغل مكانا عزيزا في قلوبنا، كما عبر عن سعادته بتقليده أسمى الأوسمة في البحرين، مؤكدا أنه يعد رمزا للأخوة بين الدولتين والشعبين التركي والبحريني، وقال لجلالة الملك: أشعر بالسعادة الكبيرة وأنا أرى الإرادة والعزيمة نفسها لديكم.. مؤكدا أن هذا الوسام الأرفع سيظل له مكانة مرموقة في تاريخنا المشترك.
وبحضور جلالة الملك والرئيس أردوغان تم توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين حول الإعفاء المتبادل من رسوم التأشيرة لحاملي جوازات السفر العادية.. والتعاون في مجال التعليم العالي، والتربية والتعليم، والصناعة العسكرية.
(التفاصيل)
كان حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى في مقدمة مستقبلي فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس جمهورية تركيا الشقيقة لدى وصوله إلى البلاد مساء أمس في زيارة لمملكة البحرين بدعوة رسمية من جلالة الملك المفدى.
كما كان في الاستقبال صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.
استقبال رسمي
وبعد استراحة قصيرة بقاعة التشريفات الكبرى بقاعدة الصخير الجوية، توجه موكب جلالة الملك المفدى وضيف البلاد الكريم، ترافقه كوكبة من خيالة الشرطة إلى قصر الصخير، حيث جرت لفخامة الرئيس التركي مراسم استقبال رسمية، وعزفت الفرقة الموسيقية السلامين الجمهوري التركي والملكي البحريني.
ثم تفقد جلالة الملك المفدى وفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان حرس الشرف الذي اصطف لتحيتهما.
بعد ذلك عقد حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى وفخامة رئيس جمهورية تركيا اجتماعا، بحضور صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء وصاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، ووفدي البلدين حيث تم استعراض أوجه العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين الشقيقين والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
وقد ألقى جلالة الملك كلمة قال فيها:
نرحب بكم فخامة الرئيس ضيفًا وأخًا عزيزًا في بلدكم مملكة البحرين التي يكن لكم شعبها كل التقدير والمحبة، مستذكرين بكل الاعتزاز زياراتنا الثلاث لبلدكم الشقيق (2008 و2011 و2016)، وزيارتكم لمملكة البحرين (نوفمبر 2005)، والتي شكلت فرصًا ثمينةً وطيبةً للالتقاء بكم والتشاور معكم ودفعت بالعلاقات بين بلدينا وشعبينا إلى آفاق متقدمة ورحبة، ونؤكد في هذه المناسبة العزيزة علينا، أن نجدد دعمنا التام لكم ولحكومتكم الرشيدة في كل خطوات التنمية والتقدم وإجراءات تعزيز الأمن والاستقرار في الجمهورية التركية.
كما تأتي زيارتكم الكريمة في سياق ما تشهده مسارات تعاوننا الثنائي من نشاط طيب ومتين في قطاعات تنموية حيوية، وبشكل يؤسس لشراكة استراتيجية نموذجية تضع نصب عينيها عمق علاقاتنا التاريخية، والاعتزاز بما يجمعنا ويوحدنا من أواصر أخوة قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون الجاد.
مقدرين لكم، أخي الرئيس، مواقفكم الداعمة لمملكة البحرين وخصوصًا في ظل ما تشهده المنطقة، من إرهاب ممنهج وهجمات مغرضة تستهدف بناءنا الحضاري، والتي لن تجد من جانبنا، بعون الله، إلا صلابة الموقف والاصرار والعزم الدائم على حماية قيمنا الانسانية المتحضرة والداعية إلى السلام والأمن والعدالة والبناء.
وفي مجال التعاون الاقتصادي، نود التشاور في خطوات الاتفاق على بناء جسر الملك حمد بتمويل من القطاع الخاص، وذلك بالاتفاق مع المملكة العربية السعودية، مؤكدين على التعاون في المجالات التجارية والاستثمارية عن طريق المؤسسات المالية الإسلامية وغيرها، وكذلك بحث إقامة معرض استثماري شامل لرجال الأعمال من الجانبين في مملكة البحرين بمشاركة جميع القطاعات، يروج للفرص الاستثمارية في البلدين.
إن بلدنا يتطلع إلى تعزيز التعاون العسكري مع بلدكم الشقيق في مختلف المجالات كبرامج التدريب ومشتريات السلاح.
هذه بعض الأمور بين بلدينا الشقيقين، وتعلمون أن هناك أمورا كثيرة ومجالات واسعة بين بلدينا، شاكرين ومقدرين مرة أخرى لفخامتكم القيام بهذه الزيارة، متمنين لكم طيب الإقامة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وقد ألقى فخامة الرئيس رجب طيب اردوغان كلمة قال فيها: أخي العزيز أبو سلمان.. السادة المحترمين أعضاء الوفدين.. احييكم بكل محبة واحترام وأريد ان اسجل سروري العميق بزيارة مملكة البحرين، وقال: ان هذه الزيارة ستفتح آفاقا كبيرة للتعاون القائم بين بلدينا مملكة البحرين والجمهورية التركية.
وقال أنني زرت البحرين عام 2005 عندما كنت رئيسا لمجلس الوزراء، واستضفنا جلالتكم خلال شهر أغسطس الماضي حيث عقدنا عدة اتفاقيات واليوم خلال هذه الزيارة سنوقع على اتفاقيات جديدة هدفها تطوير العلاقات والتعاون بين البلدين، وأنا أعطي أهمية كبيرة للتعاون الثنائي بين البلدين بما تم الاتفاق عليه.
المباحثات وكلمة جلالة الملك
بعد ذلك عقد جلالة الملك وفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان مباحثات رسمية، حيث ألقى حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى كلمة قال فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
فخامة الأخ رئيس الجمهورية التركية الشقيقة،
أصحاب السمو، ضيوفنا الكرام،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
إنه لمن دواعي سرورنا واعتزازنا أن نلتقي بكم مجددًا في ضيافة بلدكم الثاني، مملكة البحرين، الذي يرحب بكم على الدوام ويسعد بمقدمكم، لما تحمله زيارتكم الميمونة من معانٍ جليّة تؤكد على صلابة علاقاتنا الأخوية، وثبات توجهاتنا، وتنامي مصالحنا المشتركة، بما يعود بالنفع والخير على بلدينا وشعبينا العزيزين.
فخامة الرئيس،
إن جهودكم الحثيثة ومبادراتكم الرائدة في بناء نموذج الدولة التركية الساعية للسلام والتقدم والتسامح والاعتدال، لهي محل تقدير وإعجاب بالنظر إلى ما يشكله ذلك من أهمية كبرى بالنسبة لنا، ولانسجامه مع ما نسعى له على الدوام ونجده سببًا في حفظ استقرار مملكة البحرين ووضوح وثبات علاقاتها ومواقفها، كما هو الحال في تركيا الشقيقة.
ويسرنا بهذه المناسبة الطيبة، وتعبيرًا عن مشاعر الامتنان والعرفان التي تكنها لكم مملكة البحرين وأهلها، أن نقلدكم وسام صاحب العظمة عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، وهو أرفع وسام يمنح في مملكة البحرين، تقديرًا واعتزازًا بجهودكم الجليلة ومواقفكم النبيلة في خدمة ورفعة أمتنا الإسلامية وحماية مكتسباتنا الإنسانية. ولكم منا، في الختام، كل شكر وامتنان لتلبية دعوتنا، فأهلاً وسهلاً بكم وبجميع من رافقكم ضيوفًا أعزاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
ثم قلد حضرة صاحب الجلالة فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان وسام الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة من الدرجة الممتازة تقديرا لدوره في تعزيز العلاقات البحرينية التركية.
كلمة الرئيس التركي
بعد ذلك ألقى فخامة الرئيس التركي كلمة مماثلة:
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي العزيز أبو سلمان
إخوتي الأعزاء
أحييكم بمشاعري القلبية وبكامل المحبة والاحترام خلال الزيارة الرسمية التي قمتم بها إلى بلادنا في شهر آب/ أغسطس الماضي لقد وقفتم إلى جانبنا في أصعب أيامنا وشغلتم مكانا عزيزا في قلوبنا.
وها أنا ازور اليوم هذه الأرض الصديقة مع وفد يرافقني وأنتم تشرفوننا بوسام الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة حيث هي أسمى الأوسمة في البحرين.
إني تسلمت هذا الوسام كرمز للأخوة بين دولتي تركيا والبحرين وأخوة الشعبين التركي والبحريني.
وأتضرع إلى الله عز وجل أن يجعل من أخوتنا وصداقتنا أخوة باقية ومن تعاوننا دائما.
إني أشعر بسعادة كبيرة جراء رؤية نفس الإرادة والعزيمة لديكم أيضا ومثلما أفاد الرسول (صلى الله عليه وسلم) في الحديث النبوي الشريف فإن المسلمين إخوة كالبنيان المرصوص.
إن شاء الله ستتواصل الأخوة التركية البحرينية وستعزز لتغطي جذورها كافة المجالات الأخرى أيضا.
إن تركيا ستواصل الوقوف إلى جانب البحرين في السراء والضراء.
إنني أؤمن بأننا سنعمل معا من أجل استقرار منطقتنا وأمنها ومستقبلها.
بهذه المشاعر الطيبة أتقدم إليكم بالشكر على ما أبديتموه لنا من كرم الضيافة وحسن الاستقبال وأعرب عن فائق احترامي لجميع الإخوة في البحرين.
سأحتفظ بهذه الميدالية دائمًا حيث إن لها مكانة مرموقة في تاريخنا المشترك.
دمتم بخير والله يكون في عوننا.
توقيع الاتفاقيات الثنائية
عقب ذلك وبحضور حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى وفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس جمهورية تركيا، جرى التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين.
{ مذكرة تفاهم بين حكومة مملكة البحرين وحكومة الجمهورية التركية حول الإعفاء المتبادل من رسوم التأشيرة لحاملي جوازات السفر العادية.
مملكة البحرين: الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، وزير الداخلية.
جمهورية تركيا: السيد مولود تشاوش أوغلو، وزير الخارجية.
{ مذكرة تفاهم بين وزارة التربية والتعليم في مملكة البحرين ومجلس التعليم العالي في جمهورية تركيا بشأن التعاون في مجال التعليم العالي.
مملكة البحرين: الدكتور ماجد بن علي النعيمي، وزير التربية والتعليم.
جمهورية تركيا: وزير الاقتصاد نهاد زييكجي.
{ البرنامج التنفيذي بين حكومة مملكة البحرين وحكومة الجمهورية التركية للتعاون في مجال التربية والتعليم 2017/2019.
مملكة البحرين الدكتور ماجد بن علي النعيمي، وزير التربية والتعليم.
جمهورية تركيا: وزير الطاقة التركي براءت اليبرق.
{ مذكرة تفاهم بين حكومة مملكة البحرين وحكومة الجمهورية التركية للتعاون في مجال الصناعة العسكرية.
مملكة البحرين: اللواء الركن يوسف بن أحمد الجلاهمة، وزير شؤون الدفاع.
جمهورية تركيا: السيد فكري إيشق، وزير الدفاع الوطني.
وقد بارك الملك المفدى والرئيس التركي التوقيع على هذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والتي ستشكل نقطة انطلاقة جديدة لتعزيز مسيرة التعاون البحريني التركي على كافة المستويات.
مأدبة عشاء على شرف أردوغان
وقد أقام حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى مأدبة عشاء تكريمًا لفخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والوفد المرافق.
وقال جلالة الملك: إن اللقاء بفخامة الرئيس التركي فرصة طيبة للتشاور وتبادل الأفكار حول مسار علاقات بلدينا الأخوية المتنامية على مختلف الأصعدة والوصول بها إلى آفاق أرحب تعم فائدتها على البلدين والشعبين الشقيقين.
وأضاف جلالته: لقد أجرينا مباحثات بناءة ومثمرة مع فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان وذلك في إطار تنسيق المواقف والرؤى بين البلدين حول كافة التطورات الجارية إقليميا ودوليا ولا سيما في ظل الظروف التي تشهدها المنطقة، ولما للبلدين من دور مهم في تعزيز أمن واستقرار المنطقة.
وعكست المباحثات الرغبة القوية للرقي بالعلاقات الأخوية بما يعزز مصالحنا المشتركة، والسعي الجاد للتوصل إلى السبل الكفيلة بحل المشكلات والأزمات التي تموج بها المنطقة لتكون في وضع أقوى وأكثر استقرارا.
وأكد جلالته أن لدينا قناعة تامة أن حجم الطموحات التي نريدها لشعبينا وجسامة التحديات التي تحدق بمنطقتنا، وسرعة التغيرات التي تمرّ بعالمنا توجب علينا تنمية العلاقات الثنائية وتضافر كل الجهود وتعزيز التعاون بين جميع الدول وخاصة مع بلد شقيق ومؤثر وذي دور محوري مهم في المنطقة كتركيا، للوصول إلى مرحلة تحفظ لدولنا ولجمع دول المنطقة وحدتها وسلامتها وتنعم فيها شعوبها بالتنمية والرخاء.
وقد أعرب حضرة صاحب الجلالة عن بالغ اعتزازه وسعادته بزيارة فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية الذي يحل ضيفًا عزيزًا على مملكة البحرين في زيارة ميمونة تكتسب أهمية خاصة لما يربط بين مملكة البحرين والجمهورية التركية من علاقات قوية راسخة، ولما يمتلكه البلدان من إرادة مشتركة لتوسيع مجالات التعاون وفتح أفق أوسع للعلاقات.
وقد تشكلت بعثة الشرف برئاسة الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية.