تسجيل الدخول

في آيات في التنمية البشرية القيادة في قصة ذي القرنين

دين ودنيا
زاجل نيوز20 يونيو 2016آخر تحديث : منذ 8 سنوات
في آيات في التنمية البشرية  القيادة في قصة ذي القرنين

d8b5d988d8b1d8a9-d982d8b5d8b5-d8a7d984d982d8b1d8a2d986

ما زلنا مع ذي القرنين، وبالأمس تحدثنا عن التمكين، العلم والمعرفة، الأخذ بأسباب العلم، المرجعية واتخاذ القرار، العدل، التحفيز لإجادة العمل، ديناميكية الحركة، التواصل والاستماع.. لنواصل رحلتنا اليوم في صفات القائد التي يمكن استلهامها من ذي القرنين التي ذكرت في القرآن الكريم.

العفة وطهارة اليد: يعلمنا القرآن الكريم من خلال قصة ذي القرنين مبدأ مهمّا من المبادئ التي يجب أن يتمتع بها القائد الناجح وهو العفة وطهارة اليد، فالقائد الحق هو من لا يستغل حاجات رعيته ومرؤوسيه وينهب ثرواتهم ويلعب بمشاعرهم بحجة أنه يقوم على رعايتهم ويحقق مصالحهم، وذلك من خلال الآية 94 التي يقول فيها تعالى (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ)، فهؤلاء القوم الذي مرّ عليهم والذين لا يفقهون حديثًا عرضوا عليه (خرجًا) أي مبالغ من الأموال أو خراج الأرض وما إلى ذلك في مقابل أن يقيم بينهم وبين قوم يأجوج ومأجوج سدًا حتى لا يتسببوا في إزعاجهم وقتلهم والإغارة عليهم بسبب أخلاقياتهم السيئة، كما وصفهم الله بأنهم (مفسدون في الأرض ..)، حيث ان الفساد هنا يمكن أن يشمل الكثير من السلوكيات السيئة التي جُبل عليها هؤلاء القوم، الذين لا نعرف عنهم إلا أنهم مفسدون في الأرض.

إلا أن هذا القائد – أو أي قائد كائنا من كان – يرسم لنا صورة جميلة من الصفات الأخلاقية التي يجب أن يتمتع بها القائد، فرعيته ومرؤوسوه يعرضون عليه مكسبًا دنيويًا مقابل القيام بعمل لهم، وهذا مشروع، إلا أنه من الصفات الأخلاقية أنه لا يحق للقائد أخذ أجر على عمل يؤديه لمرؤوسيه ورعيته، كما أنه لا يقبل هدية أو عطية بسبب منصبه أو ما مكنه الله له، فهو يجب أن يتنزه ويسمو عن كل ذلك، فالقيادة إحساس بالمسؤولية؛ فعندما يشعر القائد بالمسئولية تجاه من يقودهم فإن هذا يكون دافعًا لتحقيق مصالحهم من دون التكسب من وراء ذلك.

لذلك نجد أن ذا القرنين يرفض رفضًا قاطعًا تلك الهدية أو ذلك العرض، ويفضل ثواب الله عليه وكذلك إعطاء البشرية درسًا في النزاهة التي يجب أن يتمتع بها الحاكم أو القائد، وتوضح الآية الكريمة رده في الآية 95 حيث يقول تعالى (قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ ..)، وهذا تعالٍ وسمو في الأخلاقيات وغلق باب للكسب غير المشروع وقطع عنق الرشوة ومن يرتشي، إذ ان كل تلك الأمور حتمًا ستؤدي يومًا إلى الفساد الذي ينخر اليوم في جسد الأمة.

نصرة المظلوم: ومن خلال الآيتين 94 و95 نتعلم أيضًا صفة أخلاقية أخرى من صفات القائد وهي نصر المظلوم؛ ففي هاتين الآيتين نتعلم أن إحدى الصفات القيادية المهمة أن نصرة المظلوم واجب، ولإتمام هذا فإنه لا يحتاج إلى مقابل، وهذا ما ظهر واضحًا لدى ذي القرنين.

ولكن الإسلام كمفهوم عام وكدين شامل لا يترك مثل هذا الأمر من غير تقنين، إذ إنه يمكن أن يستغل أبشع استغلال، وخاصة للذين يفسرون الأمور بحسب ما يشتهون ويرغبون، لذلك نجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضح لنا من هو الظالم ومن هو المظلوم وكيف يمكننا أن ننصر أحدهما على الآخر، فقد قال صلى الله عليه وسلم في حديث مرفوع «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نصرتُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ أَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: «تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ، فَذَلِكَ نُصْرَتُكَ إِيَّاهُ».

وهذا هو المنهج الرباني لنصرة جهة أو فرد على جهة أخرى وفرد آخر.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.