قدمت حلبة البحرين الدولية منذ خطوتها الأولى في عام 2004 على مستوى احتضانها لواحدة من جولات بطولة الجائزة الكبرى لسباق الفورمولا واحد، 12 تجربة ناجحة بشهادة المتابعين والمراقبين للبطولة ونوعية بكل ما في الكلمة من معنى وما أظهرته خلال السنوات الماضية من مستويات تنظيمية فنية راقية جدا، إضافة إلى خصوصية حلبة البحرين الدولية في التقديم، حيث تتميز عن بقية التجارب العالمية للبطولة التي تلف العالم في كل موسم بتحويلها هذه المناسبة الرياضية إلى مهرجان منوع، وقد اتسمت التجارب السابقة بالإثارة والإبهار وإقناع جميع المتابعين إلى حد كبير بمستوى الإتقان الفائق والنجاح التنظيمي الملفت للانتباه بفضل ما يصاحب جولات الحلبة الصحراوية «موطن رياضة السيارات في الشرق الأوسط» من حب وتسابق للفرق على القدوم إلى البحرين والندية بين المتسابقين على المضمار المفضل لديهم، الذين يجدون أنفسهم في أجواء تنظيمية وفنية مغايرة ويستمتعون كثيرا في التسابق داخل أسوار حلبة البحرين الدولية لما لها وللبحرين من طبيعة خاصة، حيث التفاعل الكبير من الحدث الرياضي والحضور الجماهيري الغفير من مختلف عشاق ومحبي رياضة السيارات من داخل وخارج البحرين.
وقطعت حلبة البحرين الدولية خلال مشوارها الحافل بالنجاح في هذا المجال الرياضي خطوات جبارة على طريق التقدم ووضع رياضة السيارات البحرينية في الواجهة الأولى وفي أن تكون محل ثقة واهتمام الاتحاد الدولي للسيارات وعراف بطولة الجائزة الكبرى والعالم برمته، وعلى صعيد آخر بنت رياضة السيارات البحرينية لها مساحة بارزة وانتشارا واسعا أسهم إلى حد كبير في تسليط الضوء عليها بفضل دعم واهتمام القيادة الرشيدة وحكمة القائمين على هذه الحركة الرياضية، وتتجه أنظار العالم اليوم من جديد صوب البحرين التي تستعد لاحتضان الجولة الثالثة من بطولة الجائزة الكبرى لسباقات الفورمولا واحد للموسم الجاري 2017 بعد أن اختتمت الجولة الأولى على مضمار حلبة ملبورن الأسترالية بفوز الألماني سيباستيان فتيل سائق فريق فيراري باللقب والجولة الثانية في الصين بفوز المتسابق البريطاني لويس هاملتون سائق فريق مرسيدس باللقب.
وبدأت الفرق بالتوافد إلى البحرين منذ يومين للتنافس على لقب جائزة البحرين التي ستكون حائرة بين هاملتون وفيتيل وهما أقوى المرشحين لنيل لقب البحرين، ومن المهم أن نشير إلى الأدوار المساهمة في التميز والنجاح لجميع العاملين في حلبة البحرين الدولية وفي الأندية المهتمة برياضة السيارات لمساهماتهم المتواصلة وأخذهم الأدوار المطلوبة في الجوانب التنظيمية والفنية وكل بحسب تخصصه والمطلوب منه وتأديتها بحرفية عالية، وهذا بالتأكيد ينم عن الوعي الكبير للرياضي البحريني في كيفية التعامل مع أهم سباق في عالم رياضة السيارات مع كل ما فيه من نجوم ومشاهير وما يحتويه من أمور تنظيمية وفنية دقيقة للغاية، ولعل ما يميز سباق البحرين عن غيره هو تحمل الشباب البحريني بنسبة مائة في المائة المسؤولية في هذه الجوانب وبطاقات وكوادر شبابية بحرينية خالصة تدير وتتحكم في كل صغيرة وكبيرة لتسيير السباق الذي يضم مشاهير رياضة السيارات ويتجول في جميع قارات العالم.
حلبة بأدوار متعددة
يتفرع مضمار حلبة البحرين الدولية لينقسم إلى 55 حلبات للسباق وفي الوقت الذي يشكل فيه مجموعة من الحلبات المختلفة الأغراض والاستخدام حيث الأولى الداخلية بطول 2.55 كيلومتر وبعرض ما بين 14 إلى 15 مترا وتحتوي على 8 منعطفات، أما الحلبة الثانية الخارجية فتمتد إلى طول يصل إلى 3.664 كيلومترات وعرض يتراوح ما بين 14 إلى 17 مترا وتحتوي على 10 منعطفات، والحلبة الثالثة التي يضمها مضمار الحلبة الصحراوية فهي بطول 5.412 كيلومترات وبعرض يتراوح ما بين 14 إلى 22 مترا، وتمتد حلبة الـ «بادوك» إلى مسافة 3.7 كيلومترات بعرض يتراوح بين 14 – 22 مترا وبتسعة منعطفات.
وإلى جانب هذه الحلبات تضم مرافق حلبة البحرين الدولية حلبة سباقات السرعة «دراغستر» بمواصفاتها الدولية وبخطها المستقيم الذي يبلغ طوله 1.2 كيلومتر وعرض 18.5. حلبة «كارت زون» و«فيفا» لسباقات سيارات «كارتينغ» المضمار الصحراوي الوعر لسيارات الدفع الرباعي وهو الوحيد والفريد من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، وتندمج الحلبتان الداخلية والخارجية لتشكلا في المطاف الأخير حلبة جائزة البحرين الكبرى المعدة لسباقات الجائزة الكبرى للفورمولا واحد، ويبلغ أقصى ارتفاع لها بنسبة 3.60% وأقصى انحدار بنسبة 5.60% والتفاوت في الارتفاع يتراوح بين صفر و18 مترًا، ويحتوي مضمار حلبة البحرين الدولية لسباقات الفورمولا واحد على 15 منعطفا، 6 منها على جهة اليسار و9 لجهة اليمين، والوقت المتوقع للمتسابق أن يقطعه على المضمار للفة الواحدة بسيارة سعة 2.4 لتر في حدود 1.31 دقيقة وفي حين يبلغ متوسط السرعة على المضمار 210 كيلومترات في الساعة والسرعة القصوى تصل إلى 285 كيلومترا في الساعة.
«برج الصخير» العلامة الفارقة
تضم حلبة البحرين الدولية العديد من المرافق الحيوية والمباني المتنوعة ذات الطاقة الاستيعابية الهائلة، ولعل أبرز هذه المرافق وما يمثل التحفة المعمارية والعلامة الفارقة في بقية حلبات العالم «برج الصخير» المكون من 9 طوابق والمخصص للشخصيات المهمة، ويضم البرج أجنحة ضيافة من الدرجة الأولى ومنصة رئيسة لمتابعة السباق حيث يمكن للجميع متابعة أحداث السباق برؤية كاملة ويسمح لمرتادي هذا البناء متابعة السباق من جميع الزوايا والمنعطفات الخاصة بمضمار السباق.
وإلى جانب هذا البرج تحتوي حلبة البحرين الدولية على مبنى الواحة والعديد من المرافق الحيوية الأخرى و477 جناحا خاصا للضيافة في المنصات الرئيسة ومدرجات الواحة، كما تتضمن مركز الموارد التقنية المخصص لسيارات سباقات الفورمولا واحد ومباني إدارية وصيانة تستوعب 11 فريقا بكل ما لديهم من معدات وأجهزة ومركز صيانة التحكم في السباقات المزود بأحدث تقنيات رياضة السيارات ومجهز بـ 41 آلة تصوير ومتابعة، وتتميز حلبة البحرين يما تضمه من أنفاق تمر تحت مضمار السباق وتستخدم لعبور المشاة والآليات والكثير من مراكز التسوق والاستراحة.
450 مليون مشاهد
تبدو بصمات المهندس الألماني الشهير وخبير رياضة السيارات هيرمن تيلكي واضحة تماما على مضمار ومعالم حلبة البحرين الدولية الذي تولّى تصميمها وهندستها بهذا الشكل الرائع والفريد من نوعه بمحاكاته الطابع البحريني الصحراوي والمحتفظ بكامل جماليته ورونقه بعد مرور ما يربو على اثني عشر عاما على افتتاحها، وبلغت كلفة البناء بحسب الأرقام الرسمية 150 مليون دولار أمريكي ما يعادل 56.2 دينارا بحرينيا بعدما حظيت شركة «سيباركو» البحرينية مع شركة «دبليو سي تي» الماليزية بتشييدها.
وبدأ العمل بجد واهتمام وبشكل متواصل في نوفمبر 2002 واستمر لغاية 5 مارس 20044 الذي أعلن فيه الانتهاء من العمل في زمن قياسي على مستوى تشييد الحلبات الدولية وجاهزية الحلبة البحرينية لاستقبال الجولة الثالثة من بطولة الجائزة الكبرى لسباقات الفورمولا واحد في أولى التجارب التاريخية لرياضة السيارات البحرينية بوجه خاص والرياضة البحرينية بوجه عام، وصممت الحلبة بطريقة مبتكرة لينقسم مضمار السباق إلى خمس حلبات مختلفة للتسابق، ما أعطى الفرصة المناسبة للحلبة الصحراوية لاستضافة العديد من البطولات والسباقات الدولية وإقامة العديد من بطولات الشرق الأوسط والبطولات المحلية ويبقى سباق الجائزة الكبرى للفورمولا واحد الأبرز والذي يتابعه سنويا أكثر من 450 مليون مشاهد من فوق المدرجات وعبر شاشات التلفزيون.
وتنطلق منافسات هذا الموسم بمشاركة عشرة فرق بمعدل سيارتين لكل فريق وبمجموع عشرين سيارة على مضمار السباق، والفرق والشركات المصنعة المشاركة في الموسم الجديد هي فرق مرسيدس حامل لقب المصنعين والسائقين عبر سائقه الألماني نيكو روزبورغ الذي قرر الاعتزال بشكل مفاجئ للجميع، ماكلارين، فيراري، فورس إنديا، هاس، ريد بول، رينو، ساوبر، ويليامز وتورو روسو، وكشفت معظم الفرق عن سياراتها الجديدة وأظهرت التجارب التي أقيمت استعدادا للموسم الجديد تنافسا قويا ودخول فرق بقوة على خط المنافسة، كما أظهرت الجولتين السابقتين تنافسا قويا في هذا الموسم بين أكثر من فريق أبرزها مرسيدس وفيراري، ولن يكون فريق مرسيدس في هذا الموسم مغردا خارج السرب كعادته في الموسمين الماضيين في ظل المنافسة التي شهدتها الجولتان الأولى والثانية.