ان ما نشره الموقع الإلكتروني للصدر كحصيلة لجولته الخليجية الأخيرة التي شملت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وهي: استثمارات محتملة في المناطق ذات الأغلبية الشيعية جنوبي العراق ووسطه، مساعدات إنسانية للمُشرَّدين، مجلس تنسيق سعودي – عراقي، تعزيز العلاقات بين الشباب، وربّما فتح قنصلية سعودية في محافظة النجف، وإقامة روابط جوية وبرية بين المملكة والمدينة العراقية التي تعتبر مقدسة بالنسبة للصدر.
وبحسب التقرير فإنّ ما نُشر “يكفي” لتوضيح الدور الذي يبدو أنّ الصدر سيمارسه كلاعبٍ رئيسي في جهود المملكة العربية السعودية ودول خليجية أخرى لإضعاف نفوذ إيران في العراق.
وينقل التقرير عن رئيس “مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية” في العاصمة السعودية الرياض، محمد السلمي إشارته إلى أنَّ “هناك نقاشاً حول الحاجة إلى إحياء السلطة الشيعية العربية في محافظتي النجف وكربلاء العراقيتين وتعزيزها، بعد سنواتٍ من التهميش المنهجي من جانب إيران”، وذلك نقلاً عن موقع “بلومبرغ” الأميركي.
ويرى التقرير أنّه ومنذ الغزو الأميركي للعراق والإطاحة بالرئيس صدام حسين، في العام 2003، وجدت طهران فرصتها الأكبر لبسط نفوذها على بلدٍ غزته قواته في عام 1980 سعياً لدحر الثورة الإسلامية، ممّا أسفر عن اندلاع حربٍ مدمِّرة استمرت ثماني سنوات بين البلدين.
حصان الرهان
ويشير التقرير نقلاً عن الموقع الإلكتروني الخاص بالصّدر إلى أنّ الإمارات العربية المتحدة دَعَت الصدر إلى إجراء محادثات مع ولي عهد الإمارات محمد بن زايد، في أعقاب لقاء الصدر مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في المملكة الشهر الماضي، وزيارة نادرة أخرى وجهاً لوجه مع مسؤولٍ خليجي كبير نوقشت فيها المساعدات المالية والعلاقات العميقة.
وينقل التقرير عن وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش أمس الإثنين، قوله إنَّ “طموحنا هو رؤية عراقٍ عربي مستقر ومزدهر”، مضيفاً أنَّ “لقاء الصدر مع بن زايد هو جزءٌ من اتصالات الخليج مع العراق”، مضيفاً: “التحرُّك المُبشِّر تجاه العراق بقيادة الأمير محمد بن سلمان وبمشاركة الإمارات المتحدة والبحرين مثالٌ على نفوذ دول الخليج حين تتّحد في الرؤية والأهداف”.
ويذكّر التقرير بما أعلنته “وكالة الأنباء السعودية” حول أنَّ مجلس الوزراء السعودي برئاسة الأمير محمد بن سلمان قد وافق أمس الإثنين على تشكيل مجلس تنسيقٍ سعودي – عراقي، يقوده من الجانب السعودي وزير التجارة والاستثمار السعودي.
ماراثون إقليمي
ويشير التقرير إلى أنّ التواصل مع الصدر هو جزءٌ من جهودٍ أوسع تقودها المملكة العربية السعودية لوقف نفوذ إيران المتزايد في أنحاء المنطقة، ومن بينها العراق، حيث تسيطر الأحزاب التابعة لها على مقاليد السياسة منذ الغزو الأميركي للعراق الذي كان تحت قيادة الأغلبية السنية، بحسب التقرير.
ويضيف أنّه مع ازدياد انتشار نفوذ إيران في العراق، ولبنان، واليمن، ودولٍ أخرى، وجدت مراكز الثقل الإقليمية نفسها على جانبين متضادين في صراعاتٍ طائفية عدة.
ويشير السلمي إلى أنَّ “السعودية والإمارات العربية المتحدة تحاولان إعادة العراق إلى هويته الثقافية، والتاريخية، والعِرقية العربية”.
ويلفت إلى أنّ “هناك دول خليجية تريد إحباط المخططات التي تتعمد استغلال الطوائف الدينية لتحقيق أهدافٍ سياسية، وطموحاتٍ توسُّعية. وقد يستغرق ذلك الكثير من الوقت والجهد”.
وينقل التقرير عن السياسي الإماراتي عبدالخالق عبدالله إشارته في تغريدة أمس الإثنين إلى ما وصفه بـ”تنسيق سعودي إماراتي لإنقاذ العراق من سطوة وسيطرة إيران”، مضيفاً: “لا يمكن لأحد بعد اليوم ان يتّهم العرب ودول الخليج تحديداً أنّها أدارت ظهرها للعراق”.
وكان الصدر، الذي يحظى بحشدٍ كبيرٍ من المؤيدين من فقراء المدن في العراق، وينتقد حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، قد ندَّد بنفوذ إيران في بلاده. وطالَب بحلّ “قوات الحشد الشعبي” التي ترعاها الدولة، وهي ائتلافٌ من مجموعات خاضعة لسيطرة مقاتلين مدعومين من إيران، قَوَّت شوكته في العراق بعد انهيار الجيش العراقي في مواجهة هجوم تنظيم “داعش”، الذي يشهد حالياً تراجعاً كبيراً، دائماً بحسب تقرير “هاف بوست”.
“ضد نفوذ إيران لا الشيعة”
وينقل التقرير عن رئيس مركز “المشرق للشؤون الاستراتيجية” سامي نادر في بيروت، قوله إنَّ “دول الخليج تحاول القضاء على نفوذ إيران في المنطقة، وتمكين قوى شيعية عربية، لأنَّ تجاهل البلدان الخاضعة للنفوذ الإيراني، سواءٌ في لبنان أو العراق، يُعَد استراتيجةً انهزاميةً تماماً”. مضيفاً: “يريدون أن يُظهِروا أنَّهم ليسوا ضدّ الشيعة، ولكن ضدّ نفوذ إيران غير العربية في المنطقة”.
وذكرت وكالة أنباء الإمارات الحكومية أنَّ بن زايد أكَّد أهمية استقرار العراق وازدهاره. وأضاف: “علَّمتنا التجربة أن نستحضر دائماً ما يربطنا كعرب ومسلمين، وأن ننبذ أنصار الانقسام”.