قفزت أسعار النفط الخام بنحو 8 في المائة أمس في ظل موجة برد عززت الطلب على زيت التدفئة في الولايات المتحدة وأوروبا في حين انتهز المستثمرون فرصة وصول الأسعار إلى أدنى مستوياتها منذ 2003 لتغطية بعض مراكز البيع التي راهنت على انخفاض الأسعار.
وبحسب “رويترز”، فقد ساعدت عمليات تغطية مراكز البيع التي يقوم فيها المستثمر بشراء أصول كان قد باعها من قبل بسعر أعلى في ارتفاع أسعار الخام 12 في المائة خلال جلستين فقط.
وصعد سعر خام القياسي العالمي مزيج برنت 2.05 دولار إلى 31.30 دولار للبرميل ليتجه لتحقيق أكبر مكسب يومي له منذ آب (أغسطس) 2015، وارتفع الخام الأمريكي 1.75 دولار إلى 31.28 دولار للبرميل.
وسجلت العقود الآجلة للخام أول مكاسبها الأسبوعية منذ بداية العام لكن بعض المحللين يقولون إنه لم يحدث أي تغير في العوامل الأساسية المتمثلة في تجاوز المعروض للطلب بكثير ونمو مخزونات النفط الخام والمنتجات النفطية، وهبط سعر النفط بنسبة 16.8 في المائة في كانون الثاني (يناير) مسجلا أكبر هبوط في أول شهور السنة منذ ما لا يقل عن 25 عاما.
واجتاح الطقس الشديد البرودة والعواصف الثلجية الساحل الشرقي للولايات المتحدة ومناطق في أوروبا وهو ما عزز الطلب على زيت التدفئة وأسهم في دعم النفط.
وخفضت وكالة “موديز” تقديراتها لسعر خام القياس العالمي مزيج برنت وخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي وسط احتمال ضخ إمدادات إضافية من إيران، إذ عدلت توقعاتها لسعر برنت 10 دولارات للبرميل والخام الأمريكي 7 دولارات عن تقديراتها السابقة، وتتوقع الوكالة ارتفاع أسعار برنت والخام الأمريكي 5 دولارات للبرميل في المتوسط خلال عامي 2017 و2018، كما تتوقع ارتفاع الإنتاج الإيراني هذا العام بما يعوض أو يتجاوز حجم الانخفاض في الإنتاج بالولايات المتحدة.
وقال باتريك بويان الرئيس التنفيذي لشركة توتال، إن نزول النفط الخام عن 30 دولارا للبرميل يؤثر سلبا على ربحية مصادر الطاقة المتجددة واستثماراتها، مضيفا أنه كمستثمر كبير في الطاقة الشمسية كنت أباهي بأن لدينا 20 بلدا يمكننا أن نجعل من الطاقة الشمسية فيها عملا مربحا، لكن الأمر لم يعد كذلك اليوم، وهذا غير ممكن في أي بلد عند 30 دولارا للبرميل.
وأفادت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري أن معروض النفط سيفوق الطلب لعام آخر على الأقل، بينما تواجه سوق النفط خطر الغرق في تخمة المعروض، وكان مختصون نفطيون استبعدوا فكرة إقدام “أوبك” على عقد اجتماع وزاري طارئ بمقترح من عدد من الدول الأعضاء، فيما يعكس قناعة المنظمة باستمرار سياسة الإنتاج الحالية.
وطلبت فنزويلا عقد اجتماع طارئ للمنظمة لبحث الخطوات اللازمة لدعم أسعار النفط التي هبطت لأدنى مستوياتها منذ عام 2003، ومن المقرر أن تعقد “أوبك” اجتماعها الدوري القادم في حزيران (يونيو).
وتؤيد العراق طلب فنزويلا بعقد الاجتماع الاستثنائي للمنظمة شريطة تحقق إجماع على هذا الطلب، وقال عادل عبد المهدي وزير النفط العراقي، إن فنزويلا التي تعد من أكثر الدول المتضررة من هبوط أسعار النفط طلبت عقد اجتماع عاجل لوزراء أوبك وقد وافق العراق شريطة تحقق إجماع على ذلك، مضيفا أن الذهاب إلى مثل هذا الاجتماع دون الاتفاق مسبقا على ما سيسفر عنه سينعكس سلبا على الأسعار.
وكانت بيانات من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أظهرت ارتفاع مخزونات الخام والبنزين بالولايات المتحدة أكثر من المتوقع الأسبوع الماضي في حين تراجعت مخزونات نواتج التقطير.
وزادت مخزونات الخام أربعة ملايين برميل الأسبوع الماضي بينما توقع المحللون ارتفاعها 2.8 مليون برميل، وارتفعت مخزونات الخام إلى أعلى مستوى لها منذ 1990، وجاءت الزيادة مع قيام شركات التكرير بخفض الاستهلاك لكن واردات الخام تراجعت.
وأشارت إدارة معلومات الطاقة إلى أن مخزونات الخام بنقطة التسليم في كاشينج بولاية أوكلاهوما زادت 191 ألف برميل، وأظهرت الأرقام تراجع استهلاك المصافي من الخام 233 ألف برميل يوميا، وتراجع معدل استغلال طاقة المصافي 0.6 نقطة مئوية.
وارتفعت مخزونات البنزين 4.6 مليون برميل مقارنة بتوقعات المحللين في استطلاع بأن تزيد 1.4 مليون برميل، بينما تراجعت مخزونات نواتج التقطير التي تشمل الديزل وزيت التدفئة مليون برميل مقابل توقعات لزيادتها 133 ألف برميل، وهبطت واردات الخام الأمريكية 409 آلاف برميل يوميا الأسبوع الماضي.
وتتوقع شركة شتات أويل النرويجية تعافي سوق النفط من تخمة المعروض وتحقيقها توازنا أفضل خلال 2016 بعد سنوات شهدت فائضا في الإنتاج أدى إلى هبوط حاد لأسعار الخام.
وتتناقض هذه التوقعات مع تقديرات وكالة الطاقة الدولية التي تشير إلى أن السوق ستظل متخمة بالمعروض حتى أواخر العام الحالي على الأقل وأن سعر النفط قد ينزل عن مستواه الحالي الأدنى في 12 عاما.
وقال إريك ويرنس كبير المختصين الاقتصاديين في شتات أويل، إنه لا يمكننا استبعاد استمرار تخمة المعروض إذا جاءت الزيادة في إنتاج إيران فوق التوقعات، وفي الوقت نفسه يتطلب ذلك انخفاضا نسبيا في نمو الطلب الصيني، وعليه يمكن أن تتحقق توقعات وكالة الطاقة الدولية، لكن ذلك ليس هو السيناريو المفضل لشتات أويل.
وأشار ويرنس إلى أن النتيجة الأرجح هي أن إنتاج إيران سيزيد بما بين 300 ألف و500 ألف برميل يوميا خلال السنة، بينما سيتراجع الإنتاج في بعض المناطق خارج “أوبك”، ومن ثم سيكون هناك تعافٍ بفضل النمو القوي للطلب الذي قد يصل إلى 1.5 مليون برميل يوميا، وبناء على ذلك تتمثل النتيجة الأرجح في أن السوق ستتوازن في 2016.
من جهة أخرى، أظهرت مذكرة من “سيتي جروب” أمس أن البنك خفض توقعاته لسعر خام القياس العالمي مزيج برنت في 2016 إلى 40 دولارا للبرميل، مضيفا في مذكرته للعملاء أنه نظرا للمخاوف الجديدة المتعلقة بالاقتصاد الكلي الصيني وفي ظل عدم تأثر أحجام الإنتاج من خارج “أوبك” حتى الآن فإن البنك يخفض توقعاته لسعر برنت في 2016 إلى 40 دولارا للبرميل كي تتماشى مع الوقائع الجديدة للسوق.