تسجيل الدخول

الفقر ولقمة العيش

زاجل نيوز27 سبتمبر 2016آخر تحديث : منذ 8 سنوات
الفقر ولقمة العيش
350

لم يعد حديث السياسة هو الأساس للحوار بين المسافرين، من دولة عربية إلى أخرى، أو بين أبناء البلد الواحد.. حيث تسيطر الشكوى من الأوضاع الاقتصادية على لسان كلِّ مَن تقابلهم، كزائر أو سائح، إلى الأقطار المجاورة، دون منازع..!
أحزمة الفقر والبطالة تزداد تدريجياً، والغلاء يتسارع بشكل كبير، ولا تَوازُن بين الغلاء والدَّخْل.. ما أدّى، ضمناً، إلى تضخّم طبقة الكادحين والمتعطلين عن العمل، في معظم الدول.
في الأراضي الفلسطينية شكوى دائمة من ارتفاع الأسعار، ومن البطالة، ومن الأوضاع الاقتصادية الصعبة.. وما يُؤلِم أكثر هو محاولة البعض المقارنة بين الأوضاع الآن، وما كانت عليه قبل عقدين من الزمان.. وهي، وإنْ كانت مقارنة ظالمة، ومحاولة لإسقاطٍ سياسيٍّ ما، إلاّ أنّّه في حقيقة الأمر، هناك تراجع في دَخْل الفرد، وربما انعكس ذلك على مستوى المعيشة، ومحاولة الكثيرين البحث عن سِلَعٍ وخدمات بديلة أقلّ تكلفة.
وفي اللحظة التي تَطَأ القَدَمُ فيها دولة عربية مجاورة، أو بعيدة، تكون الأوضاع الاقتصادية ليست محور الحديث فقط، وإنّما تفريغ حاد لما يعانيه المواطنون العرب من سحق في هذا المجال.. بحيث إن نسبة عالية من المواطنين لا تكاد دخولُهم تكفي سدّ الحاجات الأساسية للعيش، وليس للعيش الكريم!!
عند الحديث عن أسعار المواد الغذائية، تسمع مسلسلات درامية عن الارتفاع المتتالي، خاصة في أسعار المواد الاستهلاكية الأوّلية.. بحيث يصبح همُّ المواطن، فقط، هو اللّهاث وراء لقمة العيش.. وما دون ذلك يصبح همّاً ثانوياً، لا قيمة له..!
وتبدو هذه الشكوى واضحة مع محاولة التسوّق الأولى، في أيٍّ من العواصم العربية، حيث تبدأ المقارنة بين الأسعار قبل سنة مثلاً، فتجد أنّ الارتفاع أكبر بكثير من قدرة المواطن أو الموظّف البسيط، على تحمّلها..!
هذا الوضع الاقتصادي الصعب، أدّى إلى اتّساع ظاهرة أحزمة الفقر في معظم المدن الكبيرة، وليس العواصم فقط.. ويتجلّى ذلك من خلال المساكن العشوائية، أو الأحياء الفقيرة، أو ما تُسمى في مناطق المغرب العربي، على سبيل المثال؛ مدن الصّفيح.. التي تصبح، في نفس الوقت، مرتعاً لآفات اجتماعية، بدءاً من انتشار المخدرات، وليس انتهاءً بسياحة الجنس، التي يعمل أغنياء الصّدفة على استغلالها، بشكل يعيد للأذهان عصور السُّخرة..!
وعندما يتحدّث الناس، نلاحظ، أيضاً، التحولات الاجتماعية السريعة في معظم الدول العربية، في ظل تنمية ضعيفة، وموارد شبه جافّة، بحيث بات الارتهان للمساعدات الأجنبية مبدأً أساسياً من أجل تحصيل لقمة العيش.. وممّا لا شك فيه، أنّ المساعدات الخارجية لم ولن تكون من أجل سود العيون العربية، وإنّما مرتبطة، أساساً، بمصالح الدول القومية..!!
نعود لنؤكّد، أكثر من مرّة، لكلّ الذين يراهنون على مبدأ الأمّة، أنهم ما زالوا يعيشون في مخلّفات الماضي، لأنّ مثل هذه الأمّة، ليست فقط غير قادرة على الفعل، ولكن لأنها وصلت إلى درجة من الاحباط يصبح فيها مجرّد الحديث عن الشأن السياسي، في أيّة قضية من القضايا العربية، أقرب إلى التّرَف منه إلى الحقيقة!!
إنّ كل إنسان يقصر مطالبه على لقمة العيش، لا يمكن أن يمثّل قوّة من أجل التحرير، ولا يمكنه تقديم شيء يذكر للقضايا المصيرية العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، سوى بعض مواقف التضامن اللفظي!!
بمعنى آخر؛ هناك متغيرات كثيرة حصلت على الواقع العربي بشكل خاص، وعلى المفهوم القومي الجمعي، ولا بد لصانعي القرار، خاصة ضمن القوى الفلسطينية، من إعادة النظر بشكل كبير، وإعادة صوغ الاستراتيجيات الفلسطينية، على مبدأ الواقعية، وأن لا نظلّ أسرى تابوهات خَلَقناها بأنفسنا، لأنّ معظم هذه التابوهات قد تحطّم، نتيجة كثير من المتغيرات، أهمها الصراع الفلسطيني – الفلسطيني، والانقسام، الذي سبّبه الانقلاب العسكري في غزة..!!
فلَمْ تعد النظرة للفلسطينيين وللقضية الفلسطينية، القائمة اليوم، هي نفس نظرة عَصْر عبد الناصر، وهواري بومدين، والملك فيصل آل سعود.. إنّ الأوضاع تتغيّر، والاقتصادي يسيطر، بشكل مطلق، على السياسي..!!
ولهذا، فإنّ كل المراهنين على الخارج والأمّة، نقول لهم: تمهّلوا رويداً.. ولنحاول إعادة بناء علاقاتنا واستراتيجياتنا بشكل منطقي ومعقول، حتى لا نخسر كلَّ شيء..!!

كلمات دليلية
رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.