تجلس علي أريكة مصنوعة من الخشب شاردة الذهن، وبجانبها نساء قريتها يتشحن بالسواد لمواساتها، دموعها لا تتوقف طوال حديثها وهى تقول: أماني بنتي الوحيدة، كانت زى الوردة، بس منه لله الظالم اللي تسبب في قتلها، بنتي راحت ضحية البلطجة عشان إحنا ناس غلابة، بس منهم لله ربنا ينتقم من كل ظالم، كانت عندي قبل الحادثة بساعة إلا ربع وهى عائدة من مدرستها، وكانت لابسة المريلة وقلت لها تقعد تتغدى معايا، لكنها قالت لي هروح يا ماما أغير هدومى وأرجع تاني، بس راحت وما رجعت، ما كنتش أعرف إن دى آخر مرة هشوفها فيها
أخذت روحي معها
بكلمات ممزوجة بالحزن والحسرة تابعت «إيمان» صاحبة 42 عاماً والدة الطفلة «أماني محمد فضيل» 11 سنة التي افترسها نمر العياط حديثها قائلة: «بعد ما سابتنى راحت لبيت والدها، وفوجئت بعدها بطفل جاي يقول لي الحقي بنت أختك ماتت، ما كانش يعرف إنها بنتي وأول فرحتي ونور عيني، أماني كانت حنينة عليّ أوي بالرغم أنى منفصلة عن والدها وهى عايشة معاه، لكن كانت كل يوم تعدى تسلم علي وتقعد معايا، كانت أقرب واحدة لي في الدنيا، راحت وأخدت روحي معها، حسبي الله ونعم الوكيل أنا عايزة حقها علشان تبرد ناري.
عروسة البيت
وتقول جدة الضحية وهى تبكى «منه لله، يا رب يجرحه زى ما جرحنا ويكسر قلبه زى ما كسرنا، بسببه راحت منا عروسة البيت راحت زينة البنات إحنا طالبين عدل ربنا وحق بنتنا.
وتتحدث خالة الضحية عن تفاصيل الحادث قائلة إن أماني كانت بصحبة والدها في إحدى الجناين المجاورة للمزرعة، وكل من شاهدها قبل الواقعة قال إنها كانت تلعب في التوك توك في قمة سعادتها وفرحتها، فلم تكن تعرف هذه البريئة أنها ذاهبة بقدمها إلى نهايتها.
ظلم وبطش
واتهم عدد من الجيران صاحب المزرعة «عمرو سعد» المحبوس علي ذمة التحقيقات في تلك القضية بأنه كان يلفق القضايا لهم، وأن جميع أهالي قرية «كفر حميد» يخشون ظلمه وبطشه، وقال سيد عبدالله سيد خليل، 45 سنة، نجار مسلح: «لم نعرف أن مزرعة عمرو سعد تربى داخلها الحيوانات المفترسة إلا عندما حدثت الواقعة الأولى في عام 2011، حيث هرب من المزرعة ثلاثة ضباع، وكانت سبباً في ذعر وخوف كبير عانى منه الأهالي بالقرية وقتها، إلى أن تمكنا من قتل اثنين منها وأمسكنا بالثالث، وقتها توجه بعض الأهالي وأنا منهم إلى وزارة البيئة وتقدمنا بشكوى وطلب باستبعاد المزرعة عن المنطقة التي نعيش بها لخطورتها علينا، إلى أنه علم بالشكوى فقام بنقل الحيوانات قبل أن تأتى لجنة الفحص من الوزارة، وبالتالي لم يجدوا أي شيء ثم عادت الحيوانات مرة أخرى لمكانها.
وفي سياق متصل جدد قاضي المعارضات بمحكمة جنوب الجيزة الكلية، حبس صاحب مزرعة النمور والأسود بالعياط لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات، لاتهامه بالإهمال والتسبب في قتل طفلة بعد هروب نمر من مزرعته.
أما هدير محمد صديقة الضحية بالمدرسة فقالت: «إنها كانت بصحبة أماني في يوم الحادث نفسه بالمدرسة، ولعبا سوياً، وأضافت أن أماني كان مستواها الدراسي متميزاً وأخلاقها طيبة ومحبوبة من الجميع، وأن ثاني يوم وفاتها في المدرسة بكى كل زملائها، وكانوا في شدة الحزن عليها، والمدرسة طلبت منهم قراءة الفاتحة على روحها وعدم البكاء عليها.