تسجيل الدخول

التنمية المستدامة والطوارئ: توازن حتمي بين الصمود والاستجابة

zajelnews2015 zajelnews201515 أبريل 2025آخر تحديث : منذ 4 أيام
التنمية المستدامة والطوارئ: توازن حتمي بين الصمود والاستجابة

د. واصف يوسف العابد
رئيس المنظمة العربية للتنمية المستدامة

مقدمة
أصبحت الطوارئ والأزمات – سواء كانت صحية، بيئية، أو إنسانية – جزءًا لا يتجزأ من المشهد العالمي، مما يفرض على المجتمعات تبنّي سياسات تنمية مستدامة مرنة وقادرة على التكيّف. فبينما تهدف التنمية المستدامة إلى تلبية احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة، تفرض حالات الطوارئ تحديات ضخمة تهدد المكتسبات التنموية وتختبر جاهزية النظم الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

أولًا: العلاقة بين التنمية المستدامة والطوارئ
تشير التجارب الحديثة إلى أن الدول التي تبنّت مبادئ التنمية المستدامة كانت أكثر قدرة على التعافي والاستجابة الفعالة خلال الطوارئ. وتتمثل هذه العلاقة في ثلاث محاور رئيسية:
1. الصمود المؤسسي: وجود بنى تحتية قوية، وخطط استجابة مرنة.
2. التكامل البيئي: حماية الموارد الطبيعية يقلل من حجم الكوارث المناخية.
3. العدالة الاجتماعية: المجتمعات العادلة تكون أكثر تماسكًا في مواجهة الأزمات.

ثانيًا: الطوارئ كاختبار حقيقي للاستدامة
أظهرت جائحة كوفيد-19 والظواهر المناخية الحادة أن الخطط التنموية غير المستدامة تؤدي إلى هشاشة في البنية الاقتصادية والصحية. وقد كانت أبرز التحديات:
• نقص أنظمة الإنذار المبكر والاستجابة السريعة.
• غياب العدالة في توزيع الموارد أثناء الأزمات.
• تدهور الخدمات الصحية والتعليمية نتيجة ضعف التمويل المستدام.

ثالثًا: دمج الاستجابة للطوارئ في خطط التنمية
لضمان عدم تراجع أهداف التنمية المستدامة خلال الأزمات، يجب اعتماد ما يُعرف بـ “الاستدامة الوقائية”، وتشمل:
• بناء أنظمة إنذار مبكر شاملة.
• تدريب الكوادر على إدارة الطوارئ بكفاءة.
• تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية للاستجابة الجماعية للأزمات.
• ضمان تمويل مستدام لخدمات الصحة والغذاء والماء أثناء الكوارث.

رابعًا: المنطقة العربية كنموذج للتحدي والفرصة
تواجه المنطقة العربية تحديات مضاعفة بفعل النزاعات، وتغير المناخ، والأزمات الاقتصادية. ومع ذلك، فإنها تملك فرصًا استراتيجية لتعزيز التنمية المستدامة في ظل الطوارئ، من خلال:
• الاستفادة من صناديق الزكاة والوقف كتمويل طارئ مستدام.
• توظيف التكنولوجيا في التنبؤ والاستجابة السريعة.
• تمكين المجتمع المدني وتعزيز دوره في إدارة الأزمات.

خاتمة
تمثل الطوارئ تحديًا مباشرًا لأهداف التنمية المستدامة، لكنها أيضًا فرصة لإعادة هيكلة النظم الاقتصادية والاجتماعية نحو مزيد من الصمود والمرونة. إنّ الاستثمار في بناء قدرات المجتمعات لمواجهة الطوارئ ليس فقط خيارًا إنسانيًا، بل ضرورة استراتيجية لضمان استدامة التنمية في العالم العربي والعالم أجمع.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.