تسجيل الدخول

ابن دراج القسطلي شاعر الاندلس

واحة الأدب
زاجل نيوز28 يوليو 2016آخر تحديث : منذ 8 سنوات
ابن دراج القسطلي شاعر الاندلس
11a-na-128933

– مولده و نشأته :

اسمه الكامل أَحْمَد بن مُحَمد بن أحْمد بن سُليمان بن عيسى بن دراج القسْطلِّي ، وكنيته أبو عمر 1، ولد في شهر محرم سنة 347 هـ /958 م، في بيت ذي مكانة من بيوت قسطلة، فقد كانت أسرة ابن دراج – بشهادة الكثيرين ممن ترجموا له – أسرة نبيلة، مرموقة الشأن، حتى أن بلده قسطلة حمل اسم أسرته فعرف عند المؤرخين بقسطلة دراج ، ويقول ابن سعيد بأن دراجا جد الشاعرالأعلى وبنيه تداولوا على رياستها.
وينحدر بنو دراج من قبيلة صنهاجة البربرية بالمغرب، وعلى الرغم من ذلك فإن متأمل ديوان ابن دراج لايجد أثرا لهذا النسب البربري ، ويرجع الدكتور محمود علي مكي ذلك إلى ” أن البربر الذين دخلوا في الأول من فاتيحها[الأندلس] المسلمين لم يستقروا في هذه البلاد حتى تأقلموا بسرعة مذهلة ، وهكذا لم يمض قليل من الوقت حتى اندمجوا في المجتمع الأندلسي اندماجا كاملا “2
وعلى هذا الأساس فابن دراج ولد ونشأ أندلسيا خالصا ، إذ لم يشعر قط بنسبه الصنهاجي البربري ، و ما هجاؤه للزعيم البربري زيري بن عطية المغراوي حينما أعلن الثورة على المنصور بن أبي عامر إلا دليلا على تجرد الشاعر من هذه العصبية ، ثم أن جل شعره بعد انهيار الدولة العامرية في مدح أولئك الملوك الذين ناصبوا البربر العداء.
أما عن طفولة ابن دراج و الأساتذة الذين أخذ عنهم فإن المراجع التي ترجمت له لا تجود بالشيء الكثير من أخبار هذه المرحلة من حياة الشاعر ، إذ يلفها غموض يمتد من مولده إلى ظهوره فجأة في بلاط المنصور بن أبي عامر، مما جعل حديث الدارسين عن هذه الفترة يعتمد
_________________________________
1 – وفيات الأعيان و أنباء أبناء الزمن ، ابن خلكان ، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد ، مكتبة النهضة المصرية ، ط 1، 1948، ج1 ص 116 .
2 – مقدمة ديوان ابن دراج القسطلي، تحقيق محمود علي مكي ، ط 2 ، المكتب الإسلامي، 1389، ص 24-25 .
على الظن حينا و على التخمين أحيانا أخرى ، حيث يقول محمود علي مكي : ” وأغلب الظن أن ابن دراج بدأ حياته تلميذا يتردد على مجالس الشيوخ وحلقاتهم في جيان ، ولعل دراسته في تلك الفترة المبكرة من حياته لم تكن تختلف عما يتلقاه أمثاله من الصبيان من حفظ للقران ، وإلمام بمادئ النحو و اللغة والأدب و الأخبار والأنساب والفقه ” 1
وعلى أي فابن دراج بعد تلك الطفولة التي لا نعرف عنها الشيء الكثير صار فحلا من فحول الشعر في زمانه ، و شهد له الكثير من النقاد بتفوقه و براعته كما سنرى بعد حين ، ومن يكن أمره كذلك لابد أن يكون قد نشأ تنشئة أدبية عالية.
وعندما نضجت موهبة شاعرنا و فاضت شاعريته ، تطلع إلى العاصمة الأندلسية “قرطبة” حيث المنصور بن أبي عامر، وهناك سطعت شمسه ، شاع ذكره.

2- في ظل الدولة العامرية :
ا- عهد المنصور بن أبي عامر
بعد أن قوي عود القسطلي و أنس في نفسه القدرة الأدبية شق طريقه إلى بلاط الحاجب العامري بقرطبة ، لما بلغه عنه من إكرامه للأدباء وتقديره لهم وعلى رأسهم صاعد البغدادي الذي نال الحظوة عنده وقربه إليه ، فما كان من ابن دراج إلا نظم قصيدة عارض بها قصيدة صاعد لعلها تكون همزة وصل بينه وبين المنصور ، وعسى أن يثبته في ديوان شعرائه ، ويغدق عليه من هباته خصوصا وأنه كثير العيال مع رقة حاله و زوال سلطان أجداده ” فمعروف أن أجداده كانوا سادة بلدة قسطلة وحكامها، أي أنه ألف العيش الرغد و الحياة الناعمة فلعل سلطان قومه قد زال ولعل رياستهم انتقلت إلى غيرهم ، ولكن الشاعر ظل على تعلقه بحياة القصور والاتصال بالرؤساء ” 2. وقبل أن نعرض تلك القصيدة التي تعتبر أول ما أنشده ابن دراج في حضرة المنصور، ورد فعل هذا الأخير، وحاشيته من الأدباء والشعراء، لابأس أن نقدم لمحة موجزة عن البيئة العامرية التي عاش فيها الشاعر أزهى مراحل حياته، ولن نبالغ إن نعتنا هذه الفترة
_____________________________________
1 – المرجع السابق ،ص 36
2- الأدب الأندلسي من الفتح إلى سقوط غرناطة ، الدكتور أحمد هيكل ، دار المعارف، مصر، ط 4 ،1968 ، ص 327
بالفترة الذهبية من حياة الشاعر ، نظرا لاستقرار حاله واطمئنان نفسه نسبيا قبل أن يبدأ رحلة الغربة والتشرد ، ومما يشفع لهذه التوطئة أيضا ذلك الارتباط القوي بين شخصية المنصور بن أبي عامر وشخصية ابن دراج ، بين المادح و ممدوحه .
إن الباحث في معالم هذه الفترة السياسية والإجتماعية و الثقافية و العلمية سوف يجد الكثير من الأخبار المبثوثة في كتب التاريخ و التراجم الأندلسية. فقد شهدت الأندلس على عهد المنصور بن أبي عامرنهضة كبيرة في جميع الميادين متمما بذلك مسيرة الخلفتين الأمويين عبد الرحمن الناصر [300 – 350 هـ] وابنه الحكم المستنصر [350 – 360 هـ] .
وقد تولى ابن أبي عامر حجابة الخليفة الأموي هشام بن الحكم الملقب بالمؤيد بمساعدة من صبح البشكنسية ، أم هذا الأخير نظرا لصغر سنه إذ لم يبلغ إذ ذاك من العمر إلا إحدى عشر سنة ، فوجدها ابن أبي عامر فرصة لتوطيد سلطانه ، فأصبح الأمير الفعلي للبلاد ، وصاحب الكلمة الأولى ، ولقب نفسه بالمنصور ، ودعي له على المنابر، وكان الخليفة الأموي هشام المؤيد ” أضعف من أن يفكر بمحاربة المنصورأو حتى من هو أقل منه شأنا لعدم إهتمامه الحقيقي بشؤون السلطة والملك ” 1
وخلال هذه الفترة التي قضاها ابن أبي عامر في الحجابة وطد الأمن في جميع أنحاء البلاد ، ووجه غزوات كثيرة نحو الممالك المسحية المجاورة ، و لم يعرف الهزيمة خلالها قط ، ولم تنكس له راية . كما شجع الصناعة و الزراعة و التجارة حتى ازدهرت أحوال البلاد الاقتصادية وارتفع مستوى الشعب المادي و فتجمعت الأموال في صندوق الدولة وامتلأت المستودعات بالغلال والغنائم وخيم الرفاه و الإستقرار على الأندلسيين طيلة حكمه.
ولتوضيح معالم هذه الفترة أكثر نورد هنا نصا للفتح ابن خاقان يقول فيه : ” فقام [المنصور] بتدبير الخلافة ، وأقعد من كان له فيها أنافة ، وساس الأمور أحسن سياسة ، وداس الخطوب بأخشن دياسة ، فانتظمت له الممالك ، واتضحت به المسالك ، وانتشر الأمن في كل طريق ، واستشعر اليمن كل فريق ، وملك الأندلس بضعا و عشرين حجة و لم تدحض لسعدتها حجة، و لم يزخر بمكروه بها لجة ، لبست فيها البهاء و الإشراق، وتنفست عن مثل أنفاس العراق، وكانت أيامه أحمد أيام …. ، وعلى هذه الهيئة فهو و ابنه المظفر كانا اخر سعد الأندلس وحد

___________________________________
1 – تاريخ العرب في اسبانيا ، خالد الصوفي ، د .ت ، د.ط ، ص 103
السرور بها و التأنس ” 1
أما من الناحية الثقافية و العلمية فقد طالما تحدثت المراجع الأندلسية القديمة والدراسات الحديثة عن النهضة الرائعة التي قدرت للأندلس في هذا الميدان، وقد كان للأدب في هذه النهضة الثقافية أكبر نصيب، و أصبحت قرطبة محورا يجتذب من يأنس في نفسه إقتدارا أدبيا لا من الأندلسيين فحسب بل و من المشارقة أيضا ، وأصبحت بذلك تضاهي كبريات العواصم المشرقية كبغداد ودمشق و غيرها.
وقد كان المنصور بن أبي عامر رغم كثرة غزواته واضطلاعه بأعباء الحكم ” محبا للعلم مؤثرا للأدب ، مفرطا في إكرام من ينتسب إليهما، ويفد عليه متوسلا بهما بحسب حظه منهما، وطلبه لهما ومشاركته فيهما ” 2 حتى أنه استوزر من بينهم عددا لابأس به وشجعهم على النظم والتأليف والكتابة ، ورتبهم في ديوان خاص يتقاضون منه الرتب و الهبات فرجت سوق الأدب و الشعر في عصره و تقاطر عليه اللأدباء والشعراء لا من الأندلس فحسب بل حتى من المشرق .
وكان المنصور يعقد مجالس أدبية أسبوعية في قصره بقرطبة يجتمع فيها بالعلماء والأدباء ورجال الفكر، ولا عجب أن يهتم بالأدب و الأدباء فقد ” كان هو نفسه ينظم المقطوعات الجميلة القوية” 3
وبعد هذه اللمحة السريعة عن البيئة العامرية خاصة فترة المنصور بن أبي عامر الذي عاش شاعرنا في ظله قرابة عشرة سنوات [ 382 – 392 ه] ، نعود إلى القصيدة التي عارض بها ابن دراج قصيدة صاعد البغدادي ، و التي تعتبر أول ما أنشده القسطلي بحضرة المنصور في أول لقاء له به والتي يقول في مطلعها :

____________________________
1- البيان المغرب في أخبار الأندلس و المغرب ، ابن عدرى المراكشي ،تحقيق و مراجعة ج.س.كولان و إ.لفي بروفنسال ، دار الثقافة ، بيروت ،ج 2 ص 273 – 274 .
2- جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس ، الحميدي ، تحقيق الدكتورة روحية عبد الرحمن السويفي، دار الكتب العلمية،بيروت ، ط 1 / 1998 ، ص 131 .
3 – تاريخ العرب في إسبانيا ، الدكتور خالد الصوفي ، ص 253

أضَاءَ لَهَا فَجْرُ النّهَى فَنَهَاهَا عَن الدّنِفِ المُضَنَّى بِحَرِّ هَوَاهَا 1
وضَلَّلَهَا صُبْحٌ جَلا لَيْلَةَ الدّجَى وقَدْ كَانَ يَهْديهَا إِلَيَّ دُجَاهَا

ثم يصف فيها رحلته من بلده إلى قرطبة ، ووداعه لزوجه و ابنته الصغيرة :

وللهِ عَزْمِي يَوْمَ وَدَّعْتُ نَحْوَهُ نُفُوسًا شَجَانِي بَيْنُهَا و شَجَاهَا
وَرَبَّةُ خِدْر كَالجُمَّانِ دُمُوعُهَا عَزيزٌ عَلَيَّ قَلْبي شُطُوطُ نَوَاهَا
وبِنْتُ ثَمَانٍ مَايَزَالُ يَروعُني عَلَى النَّأي تِذْكَاري خُفُوقُ حَشَاهَا
وَمَوْقِفُهَا والبَيْنُ قَدْ جَدَّ جِدّهُ مَنُوطًا بِحَبْلَيْ عَاتِقَيَّ يَدَاهــَا

ثم ينتقل إلى مدح المنصور فخلع عليه من الصفات أعظمها ليستمل قلبه، فيصفه بالسمو والعظمة والشجاعة و الكرم وعراقة النسب ، ولا ينسى خلال ذلك أن يجعله معقد آماله :

فَحَطَّتْ بِمَغْنَى الجُودِ والمَجْد رحْلَها وألْقَتْ بِرَبْعِ المكرومات عصاها
لدى ملكٍ إحدى لَوَاحظِ طَرْفِهِ بِعيْنِ الرِّضَا حَسْب المُنى وكَفاها
هو الحاجبُ المنصورُ و الملِكُ الذي سَعَى فتعالى جَدّه فتــناهى
سليلُ الملوكِ الصِّيدِ مِنْ سَرْوِ- حِمْيَرٍ توَسَّطَ في الأحْسَابِ سَمْكَ دُراها

وقد ظفرت هذه القصيدة بإعجاب المنصور فأمر بإثبات ابن دراج في ديوان العطاء ، إلا أنها في الطرف الأخر كانت مبعث حسد له ومثار تشكيك الوشاة فيه، فقد استكثر منافسوه أن يشاركهم في ديوان العطاء، فاتهموه بالسرقة و الانتحال، مما جعل المنصور يستحضره في مجلس آخر، ليتأكد من شاعرية ابن دراج، وكان ذلك حسب الحميدي عشي يوم الخميس لثلات خلون من شوال سنة 382 . وقد اقترح عليه الأمير في هذا المجلس الارتجال في موضوع عينه له، وإن كنا لا نعرف بدقة الشعر الذي ارتجله الشاعر في هذه المناسبة فإن ما وصلنا من أخبار تؤكد
– ديوان ابن دراج القسطلي ، ص 8 (القصيدة 8 ) – جذوة المقتبس ، الحميدي ، ص 98

أنه اجتاز هذا الإختبار بنجاح و زالت عنه تهمة الانتحال ، إذ يقول الحميدي : ” فبرز وسبق وزالت التهمة عنه ، فوصله بمائة دينار وأجرى عليه الرزق و أثبته في جملة الشعراء ” 1
ثم أكد شاعريته بقصيدة أخرى أعدها من قبل كأنه أحس بأن ما سيقوله ارتجالا سيأتي دون المستوى الذي يرتضيه فأشفع ارتجاله بها ، والتي يقول في مطلعها :

حَسْبي ِرضاكَ من الدَّهْرِ الذي عَتَبَا وعَطْفُ نُعْمَاكَ للحَظِّ الذِّي انْقَلَبَا 2
يا مَلِكًا أصْبَحَتْ كَفِّي ومَا مَلَكَتْ ومُهْجَتي و حَياتي بَعْضُ ما وَهَبَا

ثم تعرض فيها للمحنة التي أصابته من جراء اتهامه ظلما وبهتانا بالانتحال ، ثم يفتخر بتفوقه عليهم :

ودَسَّسُوا لِي في مَثْنَى حَبَائِلِهم شَنْعَاءَ بِتّ بِهَا حَرّانَ مُكْتَئِبا
حتى هُزِزْتُ فَلا زَنْدَ القَريضِ كَبا فيما لدَّي ولا سيف البَديهِ نَبا
وأشْرَقَتْ شاهِداتُ الحَقِّ تَنْشُرُ لي نُوراً غَدْتْ بِهِ أقْوال الوشاة هبا
هَيْهَات أعْجَزَ أهْلَ الأرْضِ أنْ يجِدُوا للدُرِّ غَيْرَ عُبَاب البَحْر مُنْتَسَبا

ثم يشير إلى أن كبار الشعراء قبله اتّهِمُوا بالسرقة و الانتحال وما ذلك إلا دليلا على شاعريتهم التي كانت مثار حسد الوشاة :

ولسْتُ أولَ منْ أعْيَتْ بدائعُهُ فاسْتَدْعَت القَوْل ممن ظَنَّ أوحَسِبا
إنَّ امْرَأ القَيْسِ في بعضٍ لَمُتّهَم و في يديْه لواءُ الشعراء إنْ رَكِبا
والشعر قد أسر الأعشى وقَيّده خبرا وقَدْ قيل والأعشى إذا شربا

____________________________________
1- جدوة المقتبس ، الحميدي ، ص 97
2- ديوان ابن دراج القسطلي ، ص 307 (القصيدة 100
على أن هذه القصيدة هي الأخرى استولت على إعجاب المنصوروحبه وتقديره، وتوطدت منزلته عنده حتى أصبح من كبار شعراء بلاطه ، وقلده أيضا منصب الكتابة في ديوان الإنشاء لتمكنه من فن الكتابة والخطابة كما أشار إلى ذلك في هذه القصيدة :

إن شِئْتَ أَمْلَى بَديعَ الشعر أو كَتَبا أوْ شِئْتَ خَاطَبَ بالمنْثورأو خَطَبا

هكذا سما قدر ابن دراج عند المنصور ، ولازمه كظله في السلم والحرب و في الرخاء والشدة، يمدحه بغرر قصائده ، ويصف أبرز أحداث الدولة العامرية- وما أكثرها- فعهد هذا الحاجب كان كله غزوات متواصلة وفتحا لمعاقل استعصت على من قبله ، فلم يفت شاعرنا أن يرفع لواء شعره في الإشادة بعظمة فتوحات هذا القائد ،وعز الدولة الأندلسية ، لذلك فشعره – إلى جانب قيمته الفنية- يعد وثيقة تاريخية لحقبة مهمة من تاريخ الأندلس .
ولو رُمْنا تتبع كل شعر ابن دراج في المنصور لطال بنا الحديث، لأن قسطا مهما من شعره في هذا القائد إذ مدحه ب 32 قصيدة بين طويلة و متوسطة .
ب – عهد المظفر
بعد وفاة المنصور بن أبي عامر سنة 392 ه- 1002م تولى حجابة الخليفة الأموي (هشام المؤيد) ابنه عبد الملك الملقب بالمظفر ، والذي سار على نهج والده ، فقاد هو الأخر حملات عسكرية نحو الممالك المسيحية الشمالية التي ظنت أن وفاة المنصور بداية لنهاية الأندلس إلا أن المظفر خيب آمالهم وحقق عليهم اَنتصارات مشهودة ، أعادت هيبة الأندلس .
كما نعم الأندلسيون في عهده بالرخاء و الرفاهية و الاستقرار قبل أن تدخل في عهد أخيه عبد الرحمن المعروف بشنجول في اضطرابات و انقسامات تطورت في ما بعد حتى أتت على الخلافة الأموية . وصدق الفتح بن خاقان عندما قال في حق المنصور وابنه المظفر : ” كانا آخر سعد الأندلس وحد السرور بها والتأنس ” .
وقد كان عبد الملك المظفر – على مايذكر المؤرخون – قليل الإهتمام بالأدب و الأدباء من أبيه إلا أنه أقر الشعراء على مراتبهم رغم قلة الحفاوة بهم ، ويلاحظ بن حيان أن هذا كان السبب في فتور أشعار ماديحيه بوجه عام .

وعلى أي فان ابن دراج ظل في بلاط عبد الملك المظفر شاعرا و كاتبا في ديوان إنشائه ، ولعله بعد عشر سنوات قضاها صحبة المنصور قد رسخت مكانته وسما قدره فمن الصعب أن يستغني عنه المظفر ، فلم يلبث أن اثبت اسم ابن دراج في ديوان شعرائه وهذا ما أشار إليه الشاعر بقوله :
وخططت بالكف الكريمة ملحقي والفخر فخري إذ سميتني
حسبي فحين ذكرتني كرمتني وكفى فحين نطقت بي أعييتني
فا طمئنت نفسه بعد ذلك وعاود حياته الشعرية في ظله، فمدحه بعدد لابأس به من القصائد بلغت 24 قصيدة ، ولابد من الإشارة إلى أن مدائح ابن دراج في هذه الفترة
لم تقتصر على عبد الملك المظفر كما قصرها من قبل على أبيه المنصور، فقد مدح الوزير عيسى بن سعيداليحصبي المعروف بالقطاع بقصيدتين . وهذا يؤكد ما أشرنا إليه سابقا من قلة حفاوة و اهتمام المظفر بالشعر .
ومن بين القصائد التي مدح بها الشاعر القسطلي المظفر تلك التي قالها في مناسبة غزو هذا الأخير لمملكة ليون سنة 395 ه، وهي رائيته التي يقول في مطلعها :

لئن سرت الدنيا فأنت سرورها وإن سطعت نورا فوجهك نورها
سلام على الأيام ما شمت للعلا أهلتها و استقبلتك بدورهــا
وبوركت الأزمان ما أشرقت لنا بوجهك هيجواتها وقصورهـا
فلا أوحشت من عز ذكرك دولة إليك انتهى مأمورها و أميرهـا
فلا راعها خطب وسيفك أنسها ولا رامها ضيم و أنت مجيرهـا

ثم يشيد بالنصر الذي حققه المظفر على جيوش ملك ليون , واقتحامه لقلعة ” لونة luna ” :

و أنت الذي أوردت لونة قاهرا خيولا سماء الأرضفيها نحورها
وقد لاح بالنصر العزيز لوائها وأعلن بالفتح المبين بشرهـا

و إجمالا فابن دراج عاش في ظل الدولة العامرية ستة عشر عاما [ 382 – 399 ه ]، و هي فترة ليست بالقصيرة مدح خلالها الحاجبين العامريين المنصور بن أبي عامر وابنه عبد الملك المظفر ، و يمكن إعتبار هذه الفترة أخصب فترات الشاعر إذ نعم باستقرار مادي و معنوي ففاضت شاعريته ، فقد مدحهما بما يفوق خمسين قصيدة،وهذا يدل على كثرة شعره ، بل يعد من أغزر شعراء العربية ، والسمة البارزة في شعره هي غلبة المدح بشكل ملفت للنظر ان لم نقل أنه مدح تشوبه أحيانا بعض الأغراض الأخرى .

3- ابن دراج القسطلي والفتنة :

بعد وفاة المظفر سنة 399 هـ -1008 م وهو لازال في عنفوان شبابه ، تولى الحجابة بعده أخوه عبد – الرحمن المعروف بشنجول ، الذي لم ييتمتع بالحكم إلا قرابة شهرين ، فقد حمله غروره وغفلته على الخروج في غزوة إلى بلاد النصارى في الشمال تشبها بأبيه و اخيه ، وهو لم يوطد بعد أركان الدولة ، فاغتنم الوضع محمد بن هشام بن عبد الجبار الأموي الملقب بالمهدي فأعلن الثورة ، وخلع دولة العامريين ، فبدأت الصراعات حول السلطة ، وتوالت النكبات على الأندلس بعد أن بلغت أوجها في عهد الحجبين المنصور والمظفر .
فعمت الفتنة البلاد و تخبط الأمراء والشعب في غمراتها وشبت الحروب والمنازعات ، وبدأت الدولة الأندلسية العتيدة التي سهرت على بنائها أجيال متعددة تتقوض وتنهار كأن لم تكن ولاعجب أن نجد الأدباء والشعراء في هذا الجو الخانق قد سأت أحوالهم و اشتدت حاجتهم كما يخبرنا المؤرخ الأندلسي، ابن حيان : ” وقد نسجت على على أفواههم و محاربيهم العناكيب أيام الحرب و الفتنة ، واشتدت فاقتهم و حمت طباعهم ، وكانوا كالبزاة الفذة الجياع انفضت لفرط الضرورة على الجراد ”
ويبدو أن ابن دراج لبث في قرطبة يعلل نفسه برجاء انقشاع الأزمة و ا نجلاء الفتنة ، فساير تقلب الدول ، فما أن يعلن ابن عبد الجبار حتى يتوجه إليه الشاعر مادحا :
قل للخلافة بلغت مناك ورأيت ما قرت به عيناك 1
– القصيدة رقم 25 ، ص 43
و في اَخرها يجهر بشكواه ويبكي حظ أدبه المضيع :

وأنا الشريد وظل عزك موئلي وأنا الأسير وفي يديك فكاكي
أدب أضاء المشرقين و تحته حظ يئن إليك أنه شــــاك

إلا أن هذا الأمير لم ينعم بالخلافة طويلا إذ سرعان ما ثار عليه أموي أخر وهو سليمان بن الحكم الملقب بالمستعين ، ولم يكن أقل شؤما من سابقه على الأندلس , و قد مدحه ابن دراج بثلات قصائد ولكن المستعين لم يبل صداه ولا سد خلته كما قال بن حيان ، فولى وجهه شطر أحد وزرائه وهو القاسم بن حمود العلوي فمدحه بقصيدة صور فيها ما حل به وبأسرته من أهوال الفتنة ، ولأهميتها في تصوير حال الشاعر في هذه الفترة نورد أبيات منها :

في سِتَّةٍ ضَعُفُوا وضُعِّف عَدُّهُم حَمْلاً لمبهور الفؤاد مـبلد 1
شد الجلاء رحالهم فتحملت أفلاد قلب بالهموم مـبدد
وحدث بهم صعقات روع شردت أوطانهم في الأرض كل مشرد
لا ذات خدرهم يرام لوجهها كِنٌ ولا ذو مهدهم بممهد
ورضوا لباس الجود ينهك منهم بالبؤس أشار النعيم الأرغد

ويبدو أن ابن دراج لم يجد لدى القاسم ما كان يصبو إليه ، فقصد أخاه علي بن حمود بسبتة وهناك أنشده لاميته المشهورة التي فضلها ابن بسام على هاشيميات الكميت وكثير عزة وشعييات دعبل الخزاعي .
وقد كانت هذه أول رحلة و أخرها لابن دراج خارج الأندلس ، ولم يلبث في سبتة طويلا إذ سرعان ما عاد إلى الأندلس ضاربا في مناكبها باحثا عن مستقر جديد لكن بدون جدوى فتردد على مجموعة من المدن : المرية ، وبلنسية ، وشاطبة ، وطرطوشة مادحا أمراءها دون أن يظفر منهم بطائل ، فهذا خيران العامري ، حاكم ألمرية يبخس ابن دراج حظة من الجائزة عندما مدحه
_________________________________
1 القصيدة رقم 30 ، ص 60-63

بقصيدته النونية التي طارت شهرتها في المشرق و المغرب :
لك الخير قد أوفى بعهدك خيران وبشراك قد آواك عز وسلطان 1
وقد سارت فعلة خيران هذه حتى ضرب بها المثل و بقي صداها يتردد
في الأندلس ، حتى لنرى أحد الشعراء يقول لممدوحه :
ولا خيرإن تجعل كفاء قصيدتي كفاء ابن دراج على مدح خيران
هكذا قدر لمتنبي الأندلس أن يقضي ثماني سنوات من الغربة والتشرد ، لا يستقر له حال ولم يجد عند ممدوحيه آذان صاغية ، فجاء شعره في هذه الفترة مطبوعا بالشكوى والألم والحسرة .

4- خاتمة المطاف

بعد ثماني سنوات عجاف يحط ابن دراج عصا الترحال بسرقسطة عند المنذر بن يحي التجيبي سنة 408 ه، وقد كان هذا الأخيرعلى نصيب من العلم والأدب حمله على العناية بالشعراء والعلماء ، فقرب إليه ابن دراج لما يعلم في ذلك من نشر لذكره بين ملوك الطوائف فاتخذه شاعرا رسميا لبلاطه ، فتنفس ابن دراج الصعداء إذ أتيح له جو من الاستقرار لم ينعم به منذ فارق قرطبة أيام الفتنة .
ووجد القسطلي في غزوات المنذر متنفسا لشعره فعاود حياته في ظله وفي ظل ابنه كما كان من قبل في بلاط العامريين ، فلا يكاد يدع مناسبة إلا أنشد فيها شيئا ، فكان من أروع القصائد التي مدح بها المنذر تلك الميمية الطويلة التي عارض بها إحدى قصائد المتنبي في ابن العميد و أولها :
لعل سنا البرق الذي أنا شائم يهيم من الدنيا بمن أنا هائم 2
أما قصيدة المتنبي فمطلعها :
على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم
ولما مات منذر بن يحي سنة 412 ه خلفه على عرش سرقسطة ابنه يحي، الذي ظل ابن دراج في بلاطه مادحا له مسجلا كل ما يقع أمامه من أحداث الدولة ، إلا أن العلاقة بينهما سأت لأسباب نجهلها إلى أن هاجره قاصدا بلنسية التي لم يلبث فيها أن شد الرحال إلى دانية التي
__________________________________
القصيدة رقم 33 ص 73
2- القصيدة رقم 44 ص 130
يحكمها مجاهد العامري لما بلغه عنه من إكرامه للعلماء وحفاوته بهم ، وعاش في رحابه فترة وجيزة إلى أن توفي هناك ” ليلة الأحد لأربع عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وأربعمائة [421هـ] رحمه الله تعالى ” 1.

5- ديوانه :

ظل الاعتقاد بأن ديوان ابن دراج ضاع في جملة ما ضاع من ثرات تقافتنا العربية سائدا بين الباحثين في تاريخ الأدب العربي إلى حدود سنة 1960 حينما قدم الدكتور حين مؤنس مدير معهد الدراسات الإسلامية بمدريد إلى الرباط، لإلقاء سلسلة من المحاضرات على طلاب الجامعة المغربية ، وأثناء إقامته بالمغرب التقى بالعالم المغربي الشيخ الفقيه التطواني الذي أطلعه على نسخة مخطوطة من ديوان ابن دراج، فبادر الدكتور حسين مؤنس باستئذان الشيخ الفقيه التطواني في تصوير هذه المخطوطة فآذن له ، وما أن عاد إلى مدريد حتى أهداها للدكتور محمود علي مكي الذي تولى مهمة تحقيق هذا الديوان القيم ونفض الغبار عنه، وقد اعتمد المحقق بالإضافة إلى هذه المخطوطة على قطعة من الديوان محفوظة في مكتبة جامعة القرويين بفاس ويرجع فضل إبلاغ المحقق بها إلى الأستاذ محمد عبد الله عنان .
يتكون ديوان ابن دراج بمعزل عن مقدمة الناشر ومقدمة المحقق والفهارس من 454 صفحة، جاءت في ثناياها 163 قصيدة ومقطوعة بالإضافة إلى ملحق من 15 صفحة يتضمن أشعارا أخرى للشاعر مبثوثة في مصادر الأدب المختلفة ولم ترد في المخطوطة المعتمدة .
ويبلغ عدد أبيات الديوان قرابة 6 ألف بيت [5935] ، وهو بذلك يعد من أغزر الشعراء الأندلسيين شعرا بل من أكثر شعراء العربية إنتاجا .
ويعتبر موضوع المدح الموضوع الغالب على قصائد الديوان ، إذ لانعثر على أعمال مستقلة عن المدح سوى بعض الآثار القليلة التي توشك أن تضيع في زحمة المدح.

6- آراء النقاد في شعره :

________________________________
1- وفيات الأعيان و أنباء أبناء الزمن ، ابن خلكان، ج1 ص 122
ا – النقاد القدماء
يمكن التميز بين طبقتين من نقاد ابن دراج ،طبقة القدماء و طبقة المحدثين ، أما القدماء فقد ثحدثوا عن ابن دراج وعن شعره في كتابتهم لكنهم لم يفردوه بالدراسة الوافيةالمتخصصة إنما جاءت آراءهم وشهادتهم شديدة الإيجاز والإختصار ، ورغم ذلك فإنها ذات أهمية كبرى لقرب زمانهم من
زمانه ،بل منهم من عاصره :
1 – أبو عامر بن شهيد (ت 399 ه) :
قال يصف ابن دراج : “والفرق بين أبي عمر وغيره أن أبا عمر مطبوع النظام ، شديد أسر الكلام ، ثم زاد بما في أشعاره من الدليل على العلم بالخبر واللغة والنسب و ما تراه من حوكه للكلام وملكه للأحرار اللفظ وسعة صدره وجيشة بحره، وصحة قدرته على البديع، وطول طلقه في الوصف، وبغيته للمعنى وترديده، وتلاعبه وتكريره ،وراحته بما يتعب الناس، وسعة نفسه فيما يضَيِّقُ الأنفاس ” 1
2- أبو الحسن علي بن بسام الشنتريني (ت 542 ) :
عقد فصلا لابن دراج عنونه ب ” فصل في ذكر أبي عمر القسطلي و إثبات جملة من نظمه الفائق الدرر و نثره المعجز الورد و الصدر ، واجتلاب ما يتعلق به ويتصل بسببه من خبر ”
ثم قال : “كان أبو عمر وقته لسان الجزيرة شاعرا ، وأولا حين عد معاصريه من شعرائها المشهورة ، وآخر حاملي لوائها، وبهجة أرضها و سمائها، و أسوة كتابها وشعرائها ، له عقد فخرها المحمول وسهم، و وبه بدئ ذكرها الجميل و ختم ، حل اسمه من الأماني محل الأنس ، وسار نظمه ونثره في الأقاصي و الأداني مسير الشمس ” 2
3 – ابن حيان الأندلسي :
قال في ابن دراج : ” و أبو عمر القسطلي سباق حلبة الشعراء العامريين وخاتمة محسني أهل الأندلس أجمعين “

___________________________________
1- ديوان ابن شهيد ، تحقيق يعقوب زكي ,مراجعة محمد علي مكي ، دار الكتاب العربي، القاهرة،د.ت،ص 48 .
2- الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة ، ابن بسام الشنتريني، تحقيق الدكتور احسان عباس،دار الثقافة بيروت،1979، المجلد1ص 58-60.

4 – الحميدي الأندلسي ( ت488 ه ) :
قال : ” وهو معدود في جملة العلماء و المقدمين من الشعراء و المذكورين من البلغاء ، وشعره كثير يدل على علمه وله طريقة خاصة في البلاغة والرسائل تدل على اتساعه و قوته ”
5- أبو منصور التعالبي النسابوري (ت429 ه ) :
وهو من المشارقة ، وذكره لابن دراج دليل على وصول شعره إلى المشرق في وقت مبكر ، وقد قال عنه : ” كان بصقع الأندلس كالمتنبي بصقع الشام و هو أحد الفحول . وكان يجيد ما ينظم و يقول”1
هذه جملة من الآراء النقدية التي وقفناعليها للنقاد القدماء و أغلبهم من الأندلسين ، وهي تكاد تتفق حول مجموعة من الخصائص والمميزات في شعر ابن دراج :
تصنيفهم له في مرتبة الشعراء الفحول
مماثلتهم له بشاعر العربية الكبير أبي الطيب المتنبي
تميزهم له بطريقة خاصة في الكتابة والبلاغة
تقديرهم المطلق لكفايته و نذرته العلمية في الإبداع الشعري
اقتداره على البديع إذا قورن بمن تقدمه من الشعراء الأندلسيين
طول النفس في قصائده وخاصة الوصف

ب – النقاد المحدثين

1- الدكتور جودت الركابي : ” وقد عرف من شعراء الدولة العامرية في قرطبة ابن دراج القسطلي ، وكان كاتب المنصور بن أبي عامر وهو معدود من الفحول ، وقد شارك ابن هانئ في لقب متنبي المغرب ، ولابن دراج رسائل و فصول في النثر لاتختلف عن الرسائل و الفصول التي وضعت في العصر العباسي ، وله شعر أبلغ من نثره ” 2 .
________________________________________
– يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر ، لأبي منصور الثعالبي ، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، د.ت، الجزء الثاني , ص 104.

– الدكتور أحمد هيكل : “… أما شعره من الناحيةالفنية فإن أول ما يلاحظ عليه أنه يبلغ الذروة من الإتجاه المحافظ الجديد ، وتتضح فيه معالم هذا الإتجاه بأكمل ما يكون الإتضاح ، وتبدو فيه ناضجة أحسن ما يكون النضج حتى ليمكن ان يعتبر ابن دراج قمة هذا الإتجاه في الأندلس في أواخر القرن الرابع الهجري و أوائل القرن الخامس ” 1 .
3- الدكتور أحمد ضيف : ” ….أما شعره فهو في جملته شعر من يتردد على موائد الأدب ليتذوق من كل لون طعما ، ويجمع هذه الطعوم ليجعل له مائدة خاصة به يدعو إليه الآكلين وكأنما يأكلون من مائدته ” 2، ثم يضيف معلقا على إحدى قصائده : ” هذا في جملته أسلوب عربي صميم من أمثلة الشعر الخالص من شوائب التكلف، ولكنه يدل على أن ابن دراج لم يكن
شاعرا فطريا يقول الشعر عن شعور صحيح و إنا هو مقلد بارع حتى في المعاني التي لم تشعر بها نفسه ” 3.
هذه بعض آرء النقاد المحدثين في ابن دراج و فنه ، بعضها سار على نهج القدماء في الإشادة بابن دراج وشعره الذي سار به من الفحول كالمتنبي ،وفي المقابل لا نعدم بعض الاراء التي تذهب منحى النقد اللاذع كما نجد عند الدكتور أحمد ضيف إلا أنه يعترف للشاعر بقوته و إجادته من حيث لا يدري كقوله في معرض تقرير براعة ابن دراج في التقليد – حسب زعمه – : ” على أنه أجاد في هذه القصيدة التي دلت على براعته في التقليد …. والقصيدة في غاية السبك وحسن البيان وهي من أجمل قصائده ، تشبه الشعر القديم بما فيها من الروح البدوية التي تدل على أخلاق العرب من الشهامة وصدق العزيمة وعزة النفس والجلد والصبر على تحمل الالآم ” 4 .

________________________________
1 – الأدب الأندلسي من الفتح إلى سقوط الخلافة ، احمد هيكل ، ص 326
3- بلاغة العرب في الأندلس، الدكتور أحمد ضيف، دار المعارف، تونس،ط 2، 1998، ص112
3- المرجع السابق ،ص 114
4- المرجع السابق ،ص 112

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.