تتعرض ليبيا لأخطر أزمة اقتصادية منذ عام 2011، وفق محللي الاقتصاد، مع استمرار قفل الحقول والموانئ النفطية، المصدر الرئيسي للعملة الصعبة بالبلاد، وسط تراجع الاحتياطات من النقد الأجنبي.
وتتزامن هذه الأزمات مع تعطل النشاط الاقتصادي بسبب انتشار فيروس كورونا في البلاد، والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي ونقص السيولة بالمصارف التجارية وتكدس القمامة في الشوارع.
وقال مستشار وزارة المالية في حكومة الوفاق الوطني عز الدين المبروك، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إن هناك خمسة مؤشرات خطيرة ترتبط بالاقتصاد الكلي في ليبيا، أولها تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي، وصعود العجز في الميزانية العامة وكذلك عجز في ميزان المدفوعات، وعدم استقرار الأسعار التي بدأت في الارتفاع، وخامساً ارتفاع معدلات البطالة.
المبروك أكد أن الاستدامة المالية في خطر مع زيادة فاتورة الرواتب التي تشبه كرة الثلج، وقال إن ليبيا بحاجة إلى إصلاحات اقتصادية واسعة.
من جانبه، شرح المحلل المالي أبوبكر الهادي أن الاقتصاد الليبي ريعي ويعتمد بشكل أساسي على النفط، وبالتالي فإن تراجع إيرادات النفط إلى مستويات متدنية هذا العام سوف يؤثر كثيراً على كل مفاصل الاقتصاد، وهذا الواقع دفع مصرف ليبيا المركزي إلى فرض قيود جديدة على استخدامات النقد الأجنبي، تزامناً مع نقص الاحتياطي 11 مليار دولار حتى اليوم.
ولفت إلى أن معدلات البطالة ارتفعت إلى 40 في المائة خلال منتصف العام الحالي وفق تقديرات غير رسمية، وهذا مؤشر خطير.
بدوره، أكد الباحث الاقتصادي بشير المصلح أن البلاد تسير نحو انهيار اقتصادي والحكومة غير قادرة على توفير أبسط مقومات الحياة أمام بؤس الناس الذين يعيشون بلا كهرباء ولا مياه ولا خدمات عامة.
وتواجه ليبيا أزمة مالية بسبب تفاقم عجز الموازنة وتلاشي إيرادات النفط التي إذا استمر غيابها فقد يؤدي ذلك إلى استنزاف احتياطي النقد الأجنبي، خصوصا مع عدم قدرة الحكومات الانتقالية على تحصيل الرسوم السيادية، كالضرائب على الأنشطة الاقتصادية المختلفة والبضائع المستوردة.
وتوقعت وزارة المالية انكماش الاقتصاد الحقيقي بنسبة 55 في المائة مع نهاية العام. وانخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 66.6 في المائة، فيما ارتفع الدين العام بنسبة 150 في المائة من الناتج المحلي، وبلغ العجز في ميزان المدفوعات خلال النصف الأول من العام 5.7 مليارات دولار.
ويعتمد الاقتصاد الليبي بنسبة 95 في المائة من إيرداته على النفط، ودخلت البلاد دوامة العجز المالي، خلال السنوات الماضية، في ظل فوضى الصراع المسلح، وتدهور جميع المؤشرات الاقتصادية.
كما نبه مصرف ليبيا المركزي من تدني تحصيل الإيرادات السيادية غير النفطية، وبلغت نسبة العجز في تحصيلها 50 في المائة. ودعا “المركزي” الجهات ذات العلاقة إلى جبايتها لتوفير عائدات للخزينة. وخلال النصف الأول من العام الحالي خسر الدينار الليبي 54 في المائة من قيمته، فيما دعا البنك الدولي إلى ضرورة توحيد مؤسسات البلاد المقسمة بين الأطراف المتصارعة.