بعد تواصل مسلسل إطلاق الصواريخ على القواعد والسفارة الأمريكية في العراق، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أمرت القادة العسكريين بالتخطيط لتصعيد المعركة الأمريكية في العراق، وأصدرت الأسبوع الماضي توجيها بالإعداد لحملة لتدمير مجموعة من المليشيات المدعومة من إيران والتي هددت بشنّ مزيد من الهجمات ضد القوات الأمريكية.
ويضغط بعض كبار المسؤولين الأمريكيين، بمن فيهم وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي روبرت أوبراين، من أجل اتخاذ إجراءات جديدة قاسية ضد إيران وقواتها، معتبرين أن «هناك فرصة لمحاولة تدمير المليشيات المدعومة من إيران في العراق، حيث إن القادة في إيران مشتتون بسبب أزمة وباء كورونا في بلادهم»، بحسب الصحيفة.
وقال مسؤولون أمريكيون إن وزير الدفاع مارك إسبر أذن بالتخطيط لحملة جديدة داخل العراق، رغم تقليص أعداد الجنود الأمريكيين هناك، لتوفير خيارات للرئيس دونالد ترامب في حالة تصعيد المليشيات المدعومة من إيران الهجمات ضد القوات الأمريكية، وفقاً لما أكده اثنان من كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية للصحيفة.
وخلال اجتماع عُقد في البيت الأبيض في 19 مارس الحالي، لم يتخذ ترامب قراراً بشأن ما إذا كان قد يأذن بالحملة الجديدة في العراق، «لكنه سمح بمواصلة التخطيط»، وفقاً لما أكده مسؤولون أمريكيون.
ولطالما استخدمت إيران مليشيات عراقية كقوات بالوكالة لمحاربة القوات الأمريكية لممارسة نفوذها السياسي داخل الحكومة العراقية. وعلى غرار حزب الله اللبناني، لدى «كتائب حزب الله» العراقي مكونات عسكرية وجناح سياسي، وروابط مع السياسيين والشركات والجمعيات الخيرية العراقية.
وفي هذا السياق، قال مايكل نايتس المحلل في «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى»: «إنها مثل دولة ظل».
وقد حث العديد من كبار المسؤولين الأمريكيين، بمن فيهم بومبيو والجنرال مارك ميلي رئيس أركان القوات الأمريكية، قوات الأمن العراقية على اتخاذ إجراءات صارمة ضد المليشيات الشيعية التي تهاجم القوات الأمريكية، وإلا فستضطر الولايات المتحدة إلى الرد.
وقال عدد من المسؤولين الأمريكيين المطلعين لصحيفة «نيويورك تايمز»: إن «توجيهات البنتاجون أمرت المخططين في القيادة المركزية للجيش وفي العراق بوضع استراتيجية لتفكيك المليشيات. وجاء في التوجيه أن القوات شبه العسكرية الإيرانية يمكن أن تكون أهدافاً مشروعة إذا كانت موجودة مع مقاتلي كتائب حزب الله العراقي».
يذكر أن الهجمات الصاروخية التي شنتها كتائب حزب الله العراقي أدت إلى مقتل جنديين أمريكيين وجندي بريطاني في قاعدة عسكرية عراقية هذا الشهر، ما أدى إلى غارة انتقامية شنتها الطائرات الحربية الأمريكية في اليوم التالي.
ودافع بومبيو وغيره من كبار المسؤولين الأمريكيين في الأسابيع الأخيرة عن فكرة شنّ عمل عسكري ليس فقط ضد كتائب حزب الله ولكن أيضا ضد القوات العسكرية الإيرانية.
العديد من المسؤولين الأمريكيين اعتبروا أن هناك حاجة ملحة متزايدة للتخطيط لخيارات هجومية ضد كتائب حزب الله العراقي، وربما مليشيات أخرى، التي تهدد بتكثيف ضرباتها ضد القوات الأمريكية المتمركزة في القواعد العراقية بعد عيد النوروز (السنة الإيرانية الجديدة).
واكتشفت وكالات المخابرات العسكرية الأمريكية دلائل على أن هجمات كبيرة قد تكون طور الإعداد، وفقا لما ذكره مسؤول عسكري أمريكي كبير اطلع على بعض خطط الطوارئ في العراق لـ«نيويورك تايمز».
واعتبر تقرير الصحيفة أنه «من المرجح أن تكون الأهداف المباشرة لحملة البنتاجون ضد كتائب حزب الله العراقي هي قيادة الجماعة وقواعدها ومستودعات أسلحتها. وبالإضافة إلى مجموعة واسعة من الصواريخ، يُعتقد أن الجماعة قادرة على الوصول إلى ترسانة مخفية من الصواريخ الباليستية القصيرة المدى التي سلمتها إيران إلى العراق على مدى الأشهر القليلة الماضية، وفقاً لمسؤولين أمريكيين في الاستخبارات والجيش».
ويمكن لحملة أمريكية عسكرية موسعة أن تصيب أهداف المليشيات في رقعة واسعة من العراق وسوريا، وقد تستهدف أيضاً «مليشيات شيعية أخرى في العراق متحالفة بشكل فضفاض مع كتائب حزب الله العراقي»، بحسب «نيويورك تايمز».
يذكر أن البنتاغون عزز من تواجده في الشرق الأوسط وأرسل بطاريات «باتريوت» وقاذفات «بي 52» ومجموعة هجومية من حاملات الطائرات والطائرات بدون طيار المسلحة من طراز «ريبر»، بالإضافة إلى نشر أفراد من فرق الهندسة والدعم.
وقال مسؤول عسكري كبير إن «القادة يستعجلون إرسال المزيد من بطاريات صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ وغيرها من الأسلحة إلى العراق»، بيد أن نشرها قد يستغرق أسبوعاً أو أسبوعين.