رحبت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والاتحاد الاوروبي بوصول رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج الى العاصمة طرابلس، مؤكدة دعمها لحكومته المعترف بها دوليا والتي تواجه رفضا من السلطات المحلية لتسليمها السلطة.
وكان السراج والمجلس الرئاسي الذي يضم تسعة اعضاء يمثلون مناطق ليبية مختلفة، وصل الى قاعدة طرابلس البحرية بشكل مفاجئ ظهر الاربعاء قادما على متن زورق تابع للبحرية الليبية من مدينة صفاقس التونسية.
وبعيد وصوله اعرب وزير الخارجية الاميركي جون كيري في بيان عن ترحيبه بهذه الخطوة، معتبرا اياها تدشينا لمرحلة جديدة من “العمل الحاسم”.
وقال كيري انه “بامكان الحكومة الآن ان تبدأ عملها الحاسم في التصدي للمروحة الواسعة من التحديات السياسية والامنية والاقتصادية والانسانية التي تواجه ليبيا”.
ولكن في الوقت الذي كانت فيه الخارجية الاميركية تنشر هذا البيان كان خليفة الغويل، رئيس حكومة طرابلس غير المعترف بها دوليا، يدعو السراج الى مغادرة العاصمة الليبية فورا.
واثر وصوله توترت الاوضاع الامنية في العاصمة حيث سمعت اصوات اطلاق نار وقذائف مدفعية في حين عمت حالة من الهلع وخلو الطرقات التي عمد مسلحون الى اغلاق بعضها بوجه السكان الذين هرعوا للعودة الى منازلهم.
ويعارض حكومة الوفاق مجلس الوزراء والبرلمان المقربان من تحالف “فجر ليبيا” في طرابلس، وكذلك الحكومة الاخرى القائمة في الشرق التي تحظى بدعم البرلمان المعترف به دوليا.
وتعليقا على موقف حكومة طرابلس غير المعترف بها ندد المتحدث باسم الخارجية الاميركية جون كيربي ب”المعرقلين الذين يحاولون مرة اخرى عرقلة عمل مهم”.
واضاف المتحدث الاميركي خلال مؤتمره الصحافي اليومي “نحن مسرورون لوجوده (السراج) في طرابلس (…) هناك فعلا حاجة الى حكم رشيد وصلب وسوف نواصل دعمه لتحقيق ذلك”.
ومن جانبها، قالت فرنسا إنها ستقدم دعمها الكامل لمجلس الرئاسة الليبي بعد وصول بعض أعضائه إلى طرابلس.
وقال جان مارك أيرو وزير خارجية فرنسا في بيان “أنا سعيد بهذا القرار الشجاع” داعيا كل المؤسسات الليبية للوقوف وراء السلطات الجديدة.
وأضاف “يمكن لحكومة الوحدة الوطنية الليبية أن تعتمد على دعم فرنسا الكامل في التصدي للتحديات التي تواجهها وأولها وأهمها الحاجة الملحة لوقف تقدم داعش” مستخدما الاختصار العربي غير الرسمي لتنظيم الدولة الإسلامية.
كما رحب المبعوث الدولي مارتن كوبلر بوصول المجلس وقال إن المجتمع الدولي “مستعد لتوفير الدعم والمساعدة اللازمين” وإن كل الجهات الأمنية الليبية مسؤولة عن الحفاظ على سلامة أفراده.
ورحب الاتحاد الأوروبي وإيطاليا بالخطوة.
وايضا ذكر وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند “نحن جاهزون للرد بشكل إيجابي على طلبات حكومة الوفاق الوطني بتوفير الدعم والمساعدة في استعادة الاستقرار في ليبيا وإعادة بناء الاقتصاد ومحاربة داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) والعصابات الإجرامية التي تهدد أمن الليبيين وتستغل المهاجرين غير الشرعيين.”
تحديات ومواجهات
ومازال الوضع في طرابلس متوترا وبعد ساعات من وصول أعضاء المجلس الرئاسي إندلعت إشتباكات بين مؤيدين ومعارضين للمجلس. وتوقف بث قناة تلفزيونية رئيسية مؤيدة لحكومة موازية في طرابلس.
كانت الحكومة الموازية في طرابلس وجماعات مسلحة تدعمها حذرت في الأيام القليلة الماضية من انتقال حكومة الوفاق إلى العاصمة الليبية.
واغلق المجال الجوي الليبي لبضع ساعات يومي الأحد والاثنين الماضيين في قرار اعتبره المجلس الرئاسي محاولة لمنعه من الوصول إلى ليبيا.
وقال السراج لرويترز إن أعضاء المجلس وصلوا على متن سفينة حربية ليبية من ميناء صفاقس التونسي في رحلة استغرقت 12 ساعة.
وأضاف عقب وصوله أن المجلس أمامه تحديات منها توحيد الليبيين وإنهاء الانقسامات.
وأصدر السراج في وقت لاحق بيانا مقتضبا ذكر فيه إن الحكومة ستطرح برنامجا في الأيام المقبلة.
وقال السراج إن المجلس سيعمل من أجل وقف إطلاق النار في أنحاء ليبيا ومن أجل المصالحة الوطنية وعودة النازحين وسيسعى للتصدي لتنظيم الدولة الإسلامية.
وانبثقت حكومة الوفاق الوطني عن اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة وقع في ديسمبر كانون الأول الماضي بهدف إنهاء الأزمة السياسية التي تعيشها ليبيا وتسوية صراع مسلح والتصدي للنفوذ المتنامي لتنظيم الدولة الإسلامية.
واعترفت قوى غربية بحكومة الوفاق كحكومة شرعية وحيدة لليبيا لكنها تواجه معارضة مستمرة من متشددين في شرق ليبيا وغربها.
ومنذ 2014 يتنافس في ليبيا برلمانان لكل منهما حكومة تمثله وتحالفات فضفاضة لكتائب مسلحة تدعمه. وصعدت فصائل مسلحة بالحكومة الموجودة في طرابلس إلى السلطة بعد انتصارها في معركة للسيطرة على العاصمة في 2014.
وشهدت طرابلس وفيها الكثير من الفصائل المسلحة اشتباكات متقطعة خلال الأيام القليلة الماضية. ودوت في المدينة أصوات انفجارات في ساعة مبكرة يوم الأربعاء تلاها إطلاق نار.
وقال المجلس قبل وصوله إنه تفاوض على خطة أمنية مع الشرطة والقوات العسكرية في طرابلس ومع بعض الجماعات المسلحة.
وانتشرت نقاط تفتيش وعربات مدرعة على الطريق خارج القاعدة البحرية. وتمركزت مركبات عسكرية قرب مقر رئيس هيئة الأركان المطل على البحر واغلقت الطريق الساحلية وطريق أخرى لكن لم يتضح إن كانت الإجراءات مرتبطة بحماية المجلس.
لكن في المساء اندلعت إشتباكات بين كتيبة النواصي التي تساند المجلس الرئاسي ومعارضين مسلحين حسبما ذكر عبد الرحمن الطويل رئيس لجنة الترتيبات الأمنية التي شكلها المجلس.
وأضاف أن أحد اعضاء النواصي قتل واصيب ثلاثة في القتال الذي أمكن خلاله سماع إطلاق نار كثيف قرب ساحل البحر إلى الغرب من وسط المدينة.
وفي علامة أخرى على التوتر توقف بث قناة النبأ التلفزيونية ذات التوجهات الإسلامية والتي تساند الحكومة الموازية في طرابلس.
وبمجرد أن توقف البث ظهرت على الشاشة عبارة تقول “إن أبناء مدينة طرابلس وثوارها يقفلون قناة النبأ .. قناة الفتنة والتحريض.. وكل من يشارك في القناة بعد فتحها سيتعرض للسؤال من ثوار المدينة.”
ودعا المجلس لنقل السلطة على الفور رغم معارضة حكومة الغرب وحكومة الشرق لذلك.
ولم تتمكن حكومة الوفاق المؤلفة من 18 عضوا من الحصول على تصويت بالموافقة من البرلمان المعترف به في شرق ليبيا كما ينص الاتفاق الذي ابرم بوساطة الأمم المتحدة وقال المتحدث باسم رئيس البرلمان المتمركز في شرق البلاد إن وصول حكومة الوفاق “سابق لأوانه.”
وأبلغ المتحدث رويترز أن أعضاء المجلس دخلوا بالقوة تحت حماية أجنبية وإن الليبيين لن يقبلوا بأي شيء يفرض عليهم بالقوة.