اختتم أصحاب الجلالة والسمو قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، أعمال اجتماع الدورة الـ40 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في قصر الدرعية بالرياض، حيث ترأس صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وفد الدولة. وأكد البيان الختامي للقمة تعزيز التعاون العسكري والأمني، للحفاظ على الأمن الإقليمي، مضيفاً أن قادة دول المجلس شددوا على أهمية استمرار الترابط والتكامل في ما بينهم. وشدد على أن أي اعتداء على أي دولة في المجلس، هو اعتداء على المجلس كله، كما أكد أن الهدف الأعلى لمجلس التعاون هو تحقيق التكامل والترابط بين دوله.
وفي افتتاح القمة، أعرب خادم الحرمين الشريفين عن شكره وتقديره لإخوانه أصحاب الجلالة والسمو، ولأمانة المجلس، على ما بذلوه من جهود لإنجاح أعمال هذه القمة، معبراً عن أمله أن تسهم نتائجها في تحقيق آمال وتطلعات مواطني دول المجلس.
وقال الملك سلمان إن مجلس التعاون تمكن، منذ تأسيسه، من تجاوز الأزمات التي مرت به. وشدد على أن النظام الإيراني مستمر في سياساته العدوانية، وتقويض استقرار الدول المجاورة. ودعا الملك سلمان المجتمع الدولي ودول الخليج إلى أن تتحد في مواجهة عدوانية إيران.
وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، قد وصل، أمس، والوفد المرافق إلى الرياض، للمشاركة في أعمال القمة الـ40 لقادة وزعماء دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وكان في استقبال سموه والوفد المرافق ــ في قاعدة الملك سلمان بن عبدالعزيز الجوية بالرياض – خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وعدد من أصحاب السمو الملكي، وكبار المسؤولين السعوديين من مدنيين وعسكريين.
وعقب نزول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم من على سلم الطائرة، استعرض ثلة من حرس الشرف أدت التحية إلى سموه، ثم عانق أخاه خادم الحرمين الشريفين الذي رحب بسموه والوفد المرافق في بلده الثاني.
وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أمس، أن مجلس التعاون سيبقى، والأخوة الخليجية ستبقى، لأنها ضمانة عربية للمستقبل.
وكتب سموه، في تغريدة عبر حسابه الرسمي في «تويتر»: «مع أخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، خلال مشاركتنا في قمة مجلس التعاون بالرياض».
وأضاف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن «مجلس التعاون سيبقى، والأخوة الخليجية ستبقى، لأنها ضمانة عربية للمستقبل، وأمل المنطقة في أن نكون جزءاً من صناعة وصياغة مستقبل العالم».
قوة وتماسك مجلس التعاون:
وفي البيان الختامي للقمة، عبّر المجلس الأعلى عن بالغ تقديره وامتنانه للجهود الكبيرة الصادقة والمخلصة، التي بذلها السلطان قابوس بن سعيد، سلطان عمان، وحكومته، خلال فترة رئاسة سلطنة عمان للدورة الـ39 للمجلس الأعلى، وما تحقق من خطوات وإنجازات مهمة. وهنأ المجلس دولة الإمارات على استلامها دور الرئاسة خلال العام المقبل، متمنياً لها التوفيق في تعزيز مسيرة مجلس التعاون في كل المجالات.
وأكد المجلس الأعلى حرصه على قوة وتماسك ومنعة مجلس التعاون، ووحدة الصف بين أعضائه، لما يربط بينهم من علاقات خاصة وسمات مشتركة، مؤكداً وقوف دوله صفاً واحداً في مواجهة أي تهديد تتعرض له أيٌّ من دول المجلس.
وأكد القادة ضرورة تنفيذ قرارات المجلس والاتفاقيات كافة، التي تم إبرامها في إطار مجلس التعاون، وفق جداولها الزمنية المحددة، والالتزام بمضامينها.
وأكد المجلس الأعلى أن الاعتداء التخريبي، الذي تعرضت له منشآت إمدادات النفط للأسواق العالمية في المملكة العربية السعودية في سبتمبر 2019، موجه لإمدادات الطاقة الدولية، وهو استمرار للأعمال العدوانية السابقة التي تعرضت لها محطات الضخ لشركة أرامكو باستخدام أسلحة إيرانية، ودعا المجلس المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في إدانة من يقف وراء ذلك والتصدي لهذه الأعمال الإرهابية، مؤكداً وقوف دول المجلس مع ما تتخذه المملكة العربية السعودية من إجراءات.
ورحّب المجلس الأعلى بتسلم المملكة العربية السعودية رئاسة مجموعة العشرين (G20)، في شهر ديسمبر 2019، واستضافتها قمة المجموعة في نوفمبر 2020. وهنأ المجلس الأعلى دولة الإمارات على استضافتها معرض إكسبو 2020، مؤكداً دعمه الكامل لإنجاح هذا الحدث العالمي، باعتباره نجاحاً لكل دول وشعوب المجلس. كما أشاد المجلس الأعلى بجهود الإمارات في مجال استكشاف الفضاء الخارجي.
تعزيز العمل الخليجي المشترك
واستعرض المجلس الأعلى تطورات العمل الخليجي المشترك، وأكد أهمية الحفاظ على مكتسبات المجلس وإنجازات مسيرته التكاملية.
وأبدى المجلس الأعلى ارتياحه لما تم إحرازه من تقدم في تنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، لتعزيز العمل الخليجي المشترك، التي أقرها المجلس الأعلى في دورته الـ36 في ديسمبر 2015.
وحدة مالية ونقدية في 2025
ودعا البيان، الذي تلاه الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبداللطيف الزياني، إلى وحدة مالية ونقدية بحلول عام 2025، مشدداً على ضرورة العمل على تحقيق التكامل الاقتصادي والاتحاد الجمركي.
ووافق المجلس الأعلى على قيام لجنة التعاون المالي والاقتصادي باعتماد وتنفيذ القرارات اللازمة لمتطلبات العمل المشترك في إطار الاتحاد الجمركي، والتعديلات المتعلقة بالتعرفة الجمركية الموحدة، وضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية، والسوق الخليجية المشتركة.
العمل العسكري والأمني المشترك
وصادق المجلس الأعلى على قرارات مجلس الدفاع المشترك في دورته السادسة عشرة، مؤكداً الحرص على تنفيذها حسب الإجراءات والتنظيمات المتبعة في ذلك. وبارك ما توصل إليه مجلس الدفاع المشترك في المجالات العسكرية المختلفة، بما في ذلك ما يتعلق بمواجهة التهديدات المتنامية ضد دول المجلس، خصوصاً تهديد الملاحة في الخليج العربي والمضائق الدولية.
وأكد المجلس الأعلى مواقف وقرارات مجلس التعاون الثابتة تجاه الإرهاب والتطرف، ونبذه كل أشكاله وصوره، ورفضه دوافعه ومبرراته، أياً كان مصدره، والعمل على تجفيف مصادر تمويله.
إدانة احتلال إيران للجزر الثلاث
وأكد المجلس الأعلى مواقفه الثابتة وقراراته السابقة بشأن إدانة استمرار احتلال إيران للجزر الثلاث: (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبوموسى) التابعة للإمارات العربية المتحدة، مجدداً التأكيد على دعم حق السيادة للإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث، وعلى المياه الإقليمية والإقليم الجوي والجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة للجزر الثلاث، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من أراضي الإمارات العربية المتحدة.
واعتبر المجلس أن أي قرارات أو ممارسات أو أعمال تقوم بها إيران على الجزر الثلاث باطلة وملغاة ولا تغير شيئاً من الحقائق التاريخية والقانونية التي تُجمع على حق سيادة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث، ودعا إيران للاستجابة لمساعي الإمارات لحل القضية عن طريق المفاوضات المباشرة، أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.
وأكد المجلس مواقفه وقراراته الثابتة بشأن العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مؤكداً ضرورة التزام إيران بالأسس والمبادئ الأساسية المبنية على ميثاق الأمم المتحدة ومواثيق القانون الدولي، ومبادئ حُسن الجوار، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل الخلافات بالطرق السلمية.
وأعرب المجلس الأعلى عن رفضه التام لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس والمنطقة، وإدانته لجميع الأعمال الإرهابية التي تقوم بها إيران.
القضايا الإقليمية والدولية
واستعرض المجلس الأعلى تطورات القضايا الإقليمية والدولية، مؤكداً حرص دول المجلس على الحفاظ على الاستقرار والأمن في المنطقة ودعم رخاء شعوبها، وعلى تعزيز علاقات المجلس مع الدول الشقيقة والصديقة، والعمل مع المنظمات الإقليمية والدولية للحفاظ على الأمن والسلام العالميين.
وأكد البيان الختامي مواقف دول المجلس الثابتة من القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية العرب والمسلمين الأولى، ودعمها للسيادة الدائمة للشعب الفلسطيني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967، وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين وفق مبادرة السلام العربية والمرجعيات الدولية وقرارات الشرعية الدولية.
وفي الشأن اليمني، أكد المجلس الأعلى مواقف وقرارات مجلس التعاون الثابتة بشأن الأزمة في الجمهورية اليمنية، وضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة، وفقاً للمرجعيات المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216، وعبر عن دعمه لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة في اليمن وفقاً لتلك المرجعيات، وأشاد المجلس بالجهود التي بذلتها المملكة العربية السعودية من خلال رعايتها حوار جدة، لرأب الصدع بين الأشقاء في الجمهورية اليمنية، والتي توجت بتوقيع اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، ونوه المجلس بجهود دولة الإمارات العربية المتحدة لإنجاح الاتفاق.
وأكد المجلس الأعلى مواقفه وقراراته الثابتة بشأن العراق، مؤكداً أهمية الحفاظ على سلامة ووحدة أراضيه وسيادته الكاملة وهويته العربية ونسيجه الاجتماعي ووحدته الوطنية، ومساندته لمواجهة الجماعات الإرهابية، وأكد دعمه لكل ما من شأنه إنهاء حالة التصعيد الحالية، داعياً إلى تغليب لغة الحوار.
وفي الشأن المصري، أكد المجلس دعم أمن واستقرار جمهورية مصر العربية، مثمناً جهودها في تعزيز الأمن القومي العربي والأمن والسلام في المنطقة، ومكافحة التطرف والإرهاب، وأعرب عن دعمه للجهود القائمة لحل قضية سد النهضة، بما يحقق المصالح المائية والاقتصادية للدول المعنية.
وفي الشأن السوري، أكد المجلس الأعلى مواقفه وقراراته الثابتة بشأن الأزمة السورية، والحل السياسي القائم على مبادئ «جنيف 1»، وقرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي ينص على تشكيل هيئة انتقالية للحكم تتولى إدارة شؤون البلاد، وصياغة دستور جديد لسورية، والتحضير للانتخابات لرسم مستقبل جديد لسورية.
وفي الشأن اللبناني، أكد البيان مواقف مجلس التعاون وقراراته الثابتة بشأن لبنان، وحرصه على أمن لبنان واستقراره ووحدة أراضيه، وعلى انتمائه العربي واستقلال قراره السياسي، والوفاق بين مكونات شعبه الشقيق.
وفي الشأن الليبي، أكد المجلس الأعلى مواقفه وقراراته الثابتة بشأن الأزمة الليبية، ودعم جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي، مستمد من اتفاق الصخيرات الموقع بين الأطراف الليبية في ديسمبر 2015.
وفي الشأن السوداني، رحب المجلس بالاتفاق التاريخي، الذي توصلت إليه الأطراف السودانية، والهادف إلى تحقيق مصلحة السودان، والحفاظ على أمنه وسلامته واستقراره وتحقيق تطلعات الشعب السوداني الشقيق، مؤكداً ضرورة ضمان أمن السودان واستقراره.