نظم اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، بالتعاون مع وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، بمقره في أبوظبي مساء أمس الأول، محاضرة بعنوان «في تحديات الذكاء الاصطناعي»، حاضر فيها العميد الدكتور مهندس إبراهيم حمد الهنائي.
ودعا حبيب الصايغ، الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، رئيس اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، خلال المحاضرة، إلى عقد مؤتمر وطني دوري تستضيفه دولة الإمارات لمناقشة قضايا علوم الذكاء الاصطناعي، والخروج بالتوصيات وخطط العمل اللازمة نحو التصدي لأية تهديدات قد تترتب على هذه التقنيات الحديثة تمهيداً للخروج بسلسلة من القوانين والتشريعات والسياسات والمنهجيات العلمية والأخلاقية اللازمة، والتي تأخذ بعين الاعتبار طبيعة الاستخدام المزدوج لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وتأثير هذه التقنيات على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتعليمية للمجتمع.
الإمارات سبّاقة
وقال الهنائي، رداً على سؤال حبيب الصايغ، حول استراتيجية دولة الإمارات في تحدي الذكاء الاصطناعي: إن دولة الإمارات سباقة في هذا المجال، حيث تعد أول دولة في العالم وضعت استراتيجية تهدف إلى تحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071، وتعجيل تنفيذ البرامج والمشروعات التنموية لبلوغ المستقبل، والتركيز على التعليم لإخراج جيل قادر على التعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي، بالإضافة للبرامج التطبيقية والدورات التدريبية والمسابقات المعنية بجوانب الذكاء الاصطناعي، لافتاً إلى الدور الكبير الذي تلعبه الوزارة المعنية بالذكاء الاصطناعي في هذا الشأن.
وأضاف أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي للآلات بدأت على تغيير طبيعة المخاطر الأمنية، وذلك بسبب الأضرار الناتجة عن الاستخدام السيئ لمثل هذه التطبيقات، حيث يمكن أن يؤدي الاستخدام الضار لتطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى تهديد الأمن الرقمي من خلال آلات مدربة على اختراق الأنظمة الأمنية الإلكترونية ويفوق مستوى أداء هذه الآلات، الأداء البشري، والأمان الجسدي من خلال الجهات الإرهابية والإجرامية التي تقوم بتسليح الطائرات من دون طيار، والأمن السياسي من خلال القضاء على الخصوصية والقيام بعمليات المراقبة، وتضليل الرأي العام من خلال حملات التضليل التلقائية والموجهة.
الآثار الضارة
وعن كيفية التنبؤ والتخفيف من الآثار السلبية للاستخدامات الضارة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، قال المحاضر: تؤكد الاتجاهات الحالية، الوصول المفتوح على نطاق واسع إلى أحدث الأبحاث والتطويرات، إذا استمرت هذه الاتجاهات للسنوات الخمس القادمة، فإننا نتوقع أن تتزايد قدرة المهاجمين على إلحاق الضرر بالنظم الرقمية والروبوتية زيادة كبيرة، هذا يتبع مباشرة من الطبيعة ذات الاستخدام المزدوج، والكفاءة، والقابلية للتطوير، وسهولة انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث ستساعد جهود التصميم الوقائي واستخدام إجراءات تنظيمية وتكنولوجية جديدة داخل الأجهزة الأمنية المختلفة، ومن المحتمل أن تظهر في مراحل مختلفة، استجابة لحالات استخدام ضار، أو في أعقاب هجوم كبير، أو فضيحة، من غير المحتمل أن تنجح الجهود الرامية إلى منع الاستخدامات الضارة فقط من خلال الحد من انتشار كود الذكاء الاصطناعي بشكل كامل، ولأن الجهات الإجرامية والتخريبية ذات الدوافع الكافية والموارد الكافية يمكن أن تستخدم التجسس للحصول على هذا الرمز، ومع ذلك، من المحتمل أن يتم الحد من مخاطر الجهات الإجرامية والتخريبية الأقل قدرة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي، من خلال مجموعة من الإجراءات الوقائية الرامية إلى جعل الأنظمة أكثر أمناً، والإفصاح عن التطورات التي يمكن إساءة استخدامها، وزيادة الوعي بالخطر بين صانعي السياسة.
وتوقع الهنائي أن تزيد محاولات استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل ضار مع زيادة استخدامه في المجتمع بشكل عام، مثلما يستخدم المجرمون والإرهابيون والأنظمة غير الديمقراطية، الكهرباء والبرمجيات وشبكات الكمبيوتر في مرحلة ما في دورة تبني التكنولوجيا، حيث يصبح من الأسهل استخدام هذه التقنيات ذات الأغراض العامة بدلاً من تجنبها.
التقنيات تقدمت بسرعة
من جهة أخرى أشار الهنائي إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي للآلات تقدمت بسرعة في السنوات الأخيرة، وقد أتاح تطورها مجموعة واسعة من التطبيقات المفيدة، مثل التعرف التلقائي على الكلام، والترجمة الآلية، وفلاتر الرسائل غير المرغوب فيها ومحركات البحث، ومن بين التقنيات الواعدة الأخرى التي يجري بحثها حالياً السيارات ذاتية القيادة (من دون سائق) والمساعدات الرقمية للممرضات والأطباء، والطائرات من دون طيار التي تسهل عمليات الإسعاف من أجل الإسراع في عمليات الإغاثة في حالات الكوارث، وحتى في المستقبل، تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي الوعد بتقليص الحاجة إلى العمالة الزائدة، مما يسرع كثيراً من البحث العلمي، ويحسن نوعية الخدمات الحكومية، فالجميع متحمسون للعديد من هذه التطورات، على الرغم من أننا نحث أيضاً على الانتباه إلى الطرق التي يمكن بها استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل ضار، تحليل هذه المخاطر بالتفصيل يمكن أن يساعد على منعها أو تخفيفها، ليس فقط من أجل قيمة منع الأضرار المرتبطة بها، ولكن أيضاً لمنع التأخير في تحقيق الاستفادة المرجوة من التطبيقات المفيدة للذكاء الاصطناعي.
الاتجاهات تبدو إيجابية
وعلى الجانب المتفائل، قال: تبدو العديد من الاتجاهات إيجابية للدفاع، وتشمل الأمثلة الكشف عن الثغرات المسؤولة للتعلم الآلي في الحالات التي تستخدم فيها تكنولوجيا التعلم الآلي الملوثة في النظم الحرجة، وبذل مزيد من الجهود للاستفادة من خبرة تطبيقات وأنظمة الذكاء الاصطناعي في اكتشاف نقاط الضعف من قبل شركات البرمجيات داخلياً، قبل أن يتم اكتشافها من قبل الخصوم، على الجانب الآخر، ليست كل التهديدات المحددة لها هذه الخصائص، لها حلول، من المرجح أن يثبت أنه من الأصعب تأمين البشر من هجمات التلاعب أكثر من ضمان أمن النظم الرقمية والنظم الفيزيائية من الهجمات السيبرانية، في غياب جهود كبيرة، من المرجح أن يكون إسناد الهجمات ومعاقبة المهاجمين أمراً صعباً، مما قد يؤدي إلى حالة مستمرة من الهجمات منخفضة إلى متوسطة المستوى، وتآكل الثقة داخل المجتمعات، وبين المجتمعات وحكوماتها، وبين الحكومات، مضيفاً: ستتعرض الأمم لضغوط لحماية مواطنيها واستقرارهم السياسي في مواجهة الاستخدامات الضارة لتطبيقات وأنظمة الذكاء الاصطناعي، ويمكن أن يحدث ذلك من خلال التحكم المباشر في البنية التحتية الرقمية والاتصالات، من خلال التعاون المجدي والبنّاء بين الحكومة والكيانات الخاصة التي تتحكم في هذه البنية التحتية، أو من خلال تنظيم مستنير وقابل للتنفيذ إلى جانب حوافز مالية وهياكل مسؤولية مصممة تصميماً جيداً، بعض البلدان لديها بداية واضحة في إنشاء آليات الرقابة التي تمكنها من توفير الأمن لمواطنيها.
أربع توصيات
طرح الدكتور إبراهيم حمد الهنائي 4 توصيات خلال المحاضرة هي: يجب أن يتعاون صناع السياسات والقوانين والتشريعات بشكل وثيق مع الباحثين التقنيين للتحقيق في الاستخدامات الضارة المحتملة لتقنيات الذكاء الاصطناعي ومنعها والتخفيف من حدتها، ويجب على الباحثين والمهندسين في مجال الذكاء الاصطناعي أن يأخذوا طبيعة الاستخدام المزدوج لتقنيات الذكاء الاصطناعي على محمل الجد، مما يسمح للاعتبارات المتعلقة بسوء الاستخدام بالتأثير على أولويات ومعايير البحث، والتوصل والتعرف بشكل استباقي على الجهات الإجرامية والتخريبية والمسؤولة ذات الصلة بالتعامل مع تهديدات ومخاطر الذكاء الاصطناعي عند توقع الاستخدامات الضارة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، ويجب تحديد أفضل الممارسات في مجالات البحوث مع طرق ومنهجيات أكثر نضجاً لمعالجة التهديدات المتوقعة للتطبيقات المزدوجة الاستخدام، مثل أمن الحواسيب وحيثما ينطبق ذلك على حالة الذكاء الاصطناعي، وتوسيع نطاق أصحاب المصلحة والمهتمين والخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي للمشاركة في مناقشات هذه التحديات