بعيداً عن أضواء المسرح حيث يطلّ الفنانون بأجمل صورة، شروط غير مألوفة في غرفهم. وربّما مقابلة الفنان على المسرح أصبحت أخيراً أسهل بكثير من اللقاء به في الكواليس.
ففي غرفهم، يبدو الضغط واضحاً على معالم وجههم فنجدهم يسرعون الى غرفة تبديل الملابس والماكياج، متحفّظين على الإدلاء بأية مقابلة قبل انتهاء الحفلة أو البرنامج أو أي عمل فني يقومون به.
وقبل أي مقابلة، يقف الصحافي وفريق العمل مع الفنان لدقيقتين على الأقلّ لاختيار الزاوية الأنسب له، أي ما يعرف اليوم في قاموسهم الفني بالـ profile الذي يحددونه بأنفسهم، ويصرّون على أن يحترم المصوّر الموقع الذي يحدّدونه بأنفسهم أو من قبل مدراء أعمالهم.
ويبدو أنّ للفنان اليوم هاجس جديد لا يظهر إلّا إذا وقف الأخير أمام عدسة تلتقط الفيديوهات أو الصّور. فهناك في الكواليس، ينتاب بعض الفنانين خوف كبير من الكاميرا مع العلم أنّها أقلّ رهبة من كاميرات المسرح الضخمة والتي تجول حوله باستمرار غير منقطع.
وفي الكثير من الأوقات، يطلب الفنان من الصحافي أن يوقف المقابلة لأنّ السؤال لم يعجبه، فتبدو على وجهه ملامح جديدة لا يراها إلّا من يقف أمامه أو الى جانبه.
وهناك، خلف الأضواء، تظهر معالم الارتباك الكبير الذي لا نراه كمشاهدين على المسرح. ففي بعض الأحيان، يرتبك الفنان في الجواب فيعيد التسجيل مرّة، اثنيتن أو ربما ثلاث مرّات. وفي أحيان أخرى، لا يهتمّ الفنان إلّا لمظهره على الكاميرا فيشغل كل من في الغرفة ويوقفهم بأماكن محدّدة لكي لا يؤثرون سلباً على الإضاءة فيضع الصحافي والمصوّر في حالة من التشنّج التي يمكنها أن تقفده تركيزه وسعيه الى إيجاد أسئلة تليق بمسيرة الفنان وبسمعته الصحافية الشخصية.
وبعد التعرّف إليهم شخصياً، نخرج وفي أذهاننا صورة مختلفة كليّاً عن تلك التي كانت في مخيّلتنا… إمّا نحبّه ونعشقه أكثر… أو نحزن لأنّ طريقة تعامله أحبطت صورته الجميلة في عقولنا. ما نخشاه أنّ الحالة الثانية هي التي تغلب في معظم الأحيان.