تتصدر دولة الإمارات إقليمياً في حجم المدفوعات الرقمية بفعل ارتفاع معدلات أتمتة العمليات المالية والمصرفية والتحويلات المالية في الدولة، فضلاً عن انتشار استخدام المنصات وبطاقات الدفع في القطاع الحكومي وفي العمليات التجارية والاستهلاكية من قبل المواطنين والمقيمين وزوار الدولة؛ الأمر الذي يدفع باتجاه التخلي عن الدفع بالنقود التي تتطلب وقتاً وجهداً إضافيين لنقلها وإيداعها. وأكد مسؤولو شركات متخصصة ل«الخليج» أن الإمارات تتمتع بثقافة مرتفعة جداً تجاه التعامل مع أنظمة وحلول الدفع الرقمية التي طورتها العديد من الجهات الحكومية والبنوك والصرافة، معتمدة على انتشار استخدام الأجهزة والهواتف الذكية المتصلة بالإنترنت، ما هيأ بنية دفع رقمية قوية تدفع بتحويل «الكاش» إلى التقاعد؛ نظراً لكلفة استخدامه العالية وتراجع مخاطر الفقدان أو السرقة.
السهولة والراحة
قال رونالدو مشحور، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس ل«سوق دوت كوم»، إحدى شركات أمازون: «أكثر من 70% من معاملات التجارة الإلكترونية في الإمارات تتم عبر الهواتف والأجهزة الذكية المتصلة بالإنترنت؛ نظراً للسهولة والراحة التي يتمتع بها المستخدم في عمليات الدفع». وأضاف مشحور أن الإمارات تعد الأعلى في المنطقة من حيث توافر المنصات الإلكترونية وبطاقات الائتمان، فضلاً عن انتشار استخدام الهواتف الذكية بين سكان الدولة التي تعد من الأعلى عالمياً.
وأوضح أن معدلات الثقة بعمليات الدفع الإلكترونية ومعاملات التجارة الإلكترونية تواصل الارتفاع في الإمارات، وهو ما يعكس زيادة الثقة في التسوّق الإلكتروني والدفع الإلكتروني. وشدد مشحور على ضرورة تدقيق المستخدم عند اختيار الدفع الإلكتروني والاحتياط من سرقة معلومات البطاقات أو الأرقام السرية، فضلاً عن اختيار المنصات والمواقع الآمنة قبل إنجاز المعاملات المالية إلكترونياً. بنية تحتية قوية
تؤكد جيهان مراد، نائبة رئيس مبيعات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتقنيات المدفوعات والبنوك في شركة «جيمالتو» للحلول التقنية التابعة لمجموعة «تاليس جروب»، أن دولة الإمارات وفرت منذ فترة طويلة بنية تحتية قوية لتسهيل عمليات الدفع الإلكترونية والذكية للمساعدة في تسريع عمليات تحصيل الرسوم والفواتير وغيرها من العمليات؛ الأمر الذي يصب في تقليل عمليات الدفع بالنقود التي تفتح المجال للفساد المالي. وأضافت مراد أن قطاع المدفوعات الرقمية في الإمارات يعد الأكثر تطوراً ووعياً في المنطقة؛ نظراً لسرعة تبني الحلول والأنظمة الحديثة للمدفوعات من قبل القطاعين العام والخاص، والتي باتت تلبي طموح المستخدمين ممن يتطلعون إلى خدمات سريعة وآمنة. وأوضحت مراد أن توافر وترابط قواعد المعلومات بين الجهات الحكومية والخاصة ساعد في توفير حلول رقمية تتمتع بأعلى درجات الأمان، من حيث التعرف إلى الهوية واستخدام المستندات الرسمية والربط بين دوائر الجنسية والإقامة والهوية والمصرف المركزي وغيرها؛ الأمر الذي يسهم في انتعاش قطاع الدفع الرقمي. وقالت مراد إن التطورات الحديثة ستعمل على تقديم خدمات دفع غير مسبوقة، منها فتح حساب مصرفي عبر الهاتف ومن المنزل دون الذهاب للبنك، فضلاً عن التطور الحاصل في استخدام الهواتف والساعات الذكية والبطاقات «اللاتلامسية» في الدفع بكل راحة وسهولة دون الانتقال أو الوقوف في طوابير أمام الصرافين في البنوك، أو في المولات وغيرها.
بنية تحتية رقمية
يؤكد كابي أبي عاد، قائد حلول البرمجيات، لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا في شركة «إن سي آر»، العالمية، العاملة في مجال حلول وأنظمة المدفوعات المالية وأجهزة الصراف، أن العالم يتجه إلى العمليات المالية الذكية التي تتم عبر تفاعل الأجهزة مع المتعاملين، مشيراً إلى أن دولة الإمارات تواكب هذه التوجهات في الوقت الحالي عبر توفير البنى التحتية الرقمية التي يتطلبها هذا التوجه العالمي. وأضاف أنه في ظل التطور السريع في تقديم الخدمات المصرفية، يبحث المتعاملون في الإمارات خاصة ودول مجلس التعاون الخليجي عامة، عن تجربة سلسة في جميع القنوات المالية، مشيراً إلى أن شركة «إن سي آر» تقدم خدمات مصرفية رقمية، منها توفير أجهزة الصراف الآلي والتفاعلي، وأجهزة الصراف الآلي التي توفر نحو 95% من المعاملات البنكية التي توفرها البنوك التقليدية.
20 % نمو الأعمال
قال عبد الرزاق العبدالله، رئيس مجلس إدارة شركة «مينت»، المتخصصة في مجال المدفوعات الإلكترونية، ومقرها دبي: «أسهمت وتيرة التحول الرقمي في الإمارات في نمو معدلات المدفوعات الرقمية عبر المنصات الإلكترونية وبطاقات الدفع الذكية»، مشيراً إلى أن الشركة تتوقع نمواً لأعمالها في العام 2019 بنسبة 20%، مقارنة ب 10% العام الماضي، مما يشير إلى نمو سوق هذه الخدمات في الدولة بشكل عام. وأكد العبدالله أن حلول «مينت» معتمدة من قبل المصرف المركزي في الإمارات و«ماستركارد» و«ويونيون باي» للعمل كطرف ثالث لتوفير باقة شاملة من الخدمات المالية والمدفوعات الإلكترونية، التي تشمل إصدار البطاقات وتوفير الحلول وإدارة البرامج وخدمات القيمة المضافة، والحلول المالية الإلكترونية الخاصة بأصحاب الأعمال الصغيرة، بهدف تشجيعهم على الاندماج المالي والتحول الإلكتروني، ما يسهم في تعزيز أعمالهم وزيادة عملائهم. وأضاف العبدالله أن «مينت» عملت على تدشين منصة إلكترونية تعمل أيضاً عبر الهواتف الذكية بهدف خدمة الأشخاص الذين لا يمتلكون حسابات مصرفية، وتعتبر حالياً أحد أبرز مزودي بطاقات الرواتب في الدولة، حيث توفر الخدمة حالياً لأكثر من 500 ألف شخص يقومون بآلاف عمليات الشراء التي تصل قيمتها إلى أكثر من مليار درهم، متوقعاً وصول العدد إلى مليون شخص بنهاية العام الجاري. وأوضح العبدالله أن «مينت» طرحت مؤخراً خدمتين جديدتين للمدفوعات هما بطاقة سفر متعددة العملات، وجهاز إلكتروني يسهل على المصارف توفير خدماتها من فتح حساب أو طلب إحدى البطاقات، أو التقدم بطلب تمويل، وذلك بشكل سلس وسريع، مشيراً إلى أن الجهاز يتوافق في طريقة عمله مع الهواتف والأجهزة الذكية التي تسهل الإجراءات والتحقق من شخصية مقدم الطلب بشكل فوري، بفضل ارتباط الجهاز بالهيئة الاتحادية للهوية والجنسية وأخذ البيانات الخاصة، وصورة المتعامل و التوقيع الإلكتروني وغيرها من العمليات.
أتمتة المستودعات
من جانبه قال ألان قدوم، المدير العام لشركة «سويس لوج الشرق الأوسط» المتخصصة في حلول الروبوتات وأتمتة ومرونة البيانات: «إن النمو الكبير في قطاع المدفوعات الرقمية، يتزامن مع أتمتة المستودعات المتعلقة بعمليات قطاع التجارة والتسوق الإلكتروني في دولة الإمارات»، مشيراً إلى أن الأتمتة المالية تسهم في نمو المدفوعات الرقمية. أضاف أن بناء المنصات الرقمية المخصصة للدفع يسهم في نمو العديد من القطاعات أهمها قطاعات التجارة والتجزئة والضيافة، والمواصلات واللوجستيات من حيث توفير الوقت والجهد في توصيل البضائع للشركات والمستهلكين. وأوضح قدوم أن سوق أتمتة المستودعات يتجاوز حالياً 300 مليون يور في المنطقة، تستأثر دولة الإمارات بحصة كبيرة منها، مشيراً إلى تنفيذ «سويس لوج» أكثر من 10 مشاريع في الإمارات والسعودية والكويت وعدد من دول المنطقة، مؤكداً أن الحدث العالمي المرتقب «إكسبو 2020 دبي» سيدعم القطاع في الإمارات، كما يتوقع نمو قطاع اللوجستيات في الدولة والمنطقة بنسبة 7% العام الجاري.