الطلاق لقد حثّ الدين الإسلامي على الزواج لكونه يحصّن شباب وفتيات المسلمين من الوقوع في المعصية، والأصل في الزواج أن يكون قائماً على المودة والرحمة والتعاون بين الزوجين ،أما إذا فُقدت المودة والرحمة بين الزوجين وأصبح استمرار الحياة الزوجية بين الزوجين صعبة وبها مشقة على الطرفين أباح لهما الدين أن يفترقا فيكون بذلك منفعة لكليهما ، وحدد الشرع حقوق كل منهما. إنّ الطلاق لفظاً يدل على فسخ عقد الزواج من قبل أحد طرفيه بعد أن تصبح الحياة بينهما صعبة ولا يمكن تجاوزالخلافات التي تنشأ بينهما أو التعايش معها، وهو إنهاءٌ لميثاق الزواج الذي إتفق عليه الزوجان، فيكون الرجل قد حرّم على نفسه شيئاً كان حلالاً له، وقد حرصت جميع الشرائع السماوية على استدامة الزواج لبناء أسرة نافعة لمجتمعها، إلا أنّ الدين الإسلاميّ وضع رخصةً لإمكانية إلغاء هذا الميثاق حسب موجباتٍ شرعيةٍ للطرفين (الزوج والزوجة) فيكون بالطلاق منفعة لكليهما.
موجبات الطلاق على الرغم من أن أبغض الحلال إلى الله الطلاق، إلا أنه قد توجد موجباتٌ يكون الطلاق بين الزوجين أنفع لكليهما ومن هذه الموجبات: إذا أصبحت علاقة الرجل بزوجته علاقةً سيئةً لا يمكن إصلاحها على الرغم من اتّباع كافة السبل من قبل الزوج للمحافظة على بيته، كعدم طاعتها له مثلاً أو عدم محافظة الزوجة على بيت زوجها أو تبذير أمواله، فتصبح الحياة بينهما تعيسةً جداً وفي هذه الحالة يكون بالطلاق منفعةٌ للطرفين خوفاً من وقوع أحدهما بمعصية.
ارتياب الزوج بسلوك زوجته، وهو الذي يخرج من البيت للعمل فيبقى هاجسه الوحيد هذه الريبة والشك، على أن تكون هذه الريبة مبنيةً على وقائعَ يقتنع بها العقل وليس لمجرد الشك.
إذا خاف الرجل على نفسه أن يقع بالزنا في حال بقاء هذه الزوجة معه، لكونها غير قادرةٍ على تحصينه من الوقوع بالحرام فسمح له الشرع بالزواج من امرأة اخرى وسمح الشرع للرجل بأن يجمع في بيته أربع نساء شريطة أن يكون قادراً على الإنفاق عليهنّ، وبذلك حكمة ربانية.
حق المرأة في طلب الخُلع من زوجها أجاز الشرع للمرأة أن تطلب التفريق بينها وبين زوجها في حال خوفها من الوقوع بالحرام، إذا ما بقيت على ذمة زوجها فعليها أن تفتدي حريتها، كما أجاز الشرع لها أن تطلب الطلاق إذا غاب عنها زوجها لمدةٍ تزيد عن العام دون معرفة أخباره أو مكان إقامته، أو إذا حكم عليه بالحبس لمدةٍ تزيد عن السنة، ولقد جاءت هذه الأحكام الشرعية لإنصاف المرأة وحمايتها وصون كرامتها.