من طبيعة الحياة الدّنيا أنّه تظهر بين الحين و الآخر و تستجدّ أمورٌ و أحداثٌ ، فالحياة متغيّرةٌ لا تبقى على حالٍ ، فحين كان الإنسان قديماً يعتمد على أساليب بدائيّةٍ في العيش ، تطوّرت الأمور عندما أعمل الإنسان عقله في التّفكير عن بدائل متطوّرةٍ و حديثةٍ تيسّر له حياته و أساليب عيشه ، و قد ساهمت التّكنولوجيا الحديثة و الثّورة الصّناعيّة في إحداث كمّ هائلٍ من التّغييرات في حياة البشر ، حيث عرف الإنسان المعاصر كثيراً من الأدوات التي سخّرها لخدمته ، فبعد أن كان النّاس قديماً يعتمدون على سبيل المثال على الجمال في ترحالهم و تنقّلهم ، جاءت و سائل النّقل الحديثة كالسّيارة و الدّراجة و الطّيارة لتقلب الموازين ، فأصبح الإنسان يقطع آلاف الأميال و لا يستغرق منه ذلك إلا ساعاتٍ أو أيام ٍمعدودةٍ ، و قد ناصب عددٌ من الجهال التّكنولوجيا الحديثة العداء ، بحجّة أنّ السّلف الصّالح لم يستخدموا هذه الوسائل ، و سمّوا تلك الأدوات بالبدع ، و لا شكّ بأنّ هؤلاء قد انحصروا في جماعاتٍ قليلةٍ جداً ، و إن كان فكر التّبديع حاضراً بقوةٍ في مسائل غير ذلك ، و الحقيقة التي لا يختلف عليها أي عاقلٍ أنّ أيّ شيءٍ مستحدثٍ يكون في صلب الدّين و العقيدة مرفوضٌ ، لأنّ النبي صلّى الله عليه و سلّم قد أكمل الدّين و صحّح عقيدة النّاس و أبانها ، و كذلك الاستحداث في العبادات كمن يزيد في الصّلوات أو يبتدع فيها ما لم يرد في الأثر عن النّبي عليه الصّلاة و السّلام ، أمّا سوى ذلك من الأدوات التي تخترع فحسنها حسن ، و قبيحها قبيح ، فما حكم التّسبيح بما يعرف بالمسبحة ؟ . مما يؤثر عن النّبي صلّى الله عليه و سلّم في سنّة التّسبيح أنّه كان يعقد بين أصابعه ، و كان بعض أزواجه يسبّحون بالحصى و النّوى ، و قد رأى النّبي عليه الصّلاة و السّلام منهنّ ذلك فلم ينكر عليهنّ ، و قد استدل العلماء من هذا على جواز التّسبيح بالمسبحة قياساً على التّسبيح بالنّوى و الحصى ، فحكمها الجواز ، و إن كان بعض العلماء يرى بتفضيل استخدام اليد و الأصابع في التّسبيح لأنّ الاصابع مستنطقاتٍ كما ذكر النّبي صلّى الله عليه و سلّم ، و يشهدوا لصاحبهم بذلك يوم القيامة .