يدخل الشعور بالخوف ضمن سلسلة المشاعر التي تَعتري الإنسان في مختلف فتراته العمرية، كالفرح والحزن والدهشة وغيرها، لكن المبالغة في الشعور بالخوف من أشياء معينة يتحول إلى مرض نفسي مزمن يطلق عليه “الفوبيا” أو “الرهاب”.
“الفوبيا” من الناحية العلمية هي خوف مرضي متواصل من أشياء أو نشاطات أو مواقف معينة، فور حدوثها أو حتى مجرد التفكير فيها، ما يترك المريض في حالة من الضجر والضيق بسبب الخوف غير المنطقي الذي يشعر به، ويكون على دراية كاملة بأن هذا الخوف مبالغ فيه وفي غير محله، لكن لا يستطيع تجاوزه أو التغلب عليه دون اللجوء إلى العلاج النفسي.
وهناك العديد من أنواع الفوبيا التي تصيب الإنسان، من أبرزها الرهاب الاجتماعي الذي يصيب الفرد ويتسبب له في القلق الدائم من المجتمع، والخوف من أن تتم السخرية منه أو يظهر دون المستوى، ما يجعله شخصاً منطوياً على نفسه، ليست لديه علاقات اجتماعية. ولا يتم التعافي من هذا الرهاب إلا باللجوء إلى العلاج النفسي، لأنه يؤثر بشكل كبير على مستقبل المريض.
وهناك أنواع محددة من “الفوبيا”، كالخوف من البنايات والأماكن المرتفعة، بحيث لا يستطيع المريض أن يصعد إلى أماكن مرتفعة، وإذا تم ذلك يتعرض لأزمة نفسية تؤثر على تصرفاته. وهناك الفوبيا من بعض الحيوانات والحشرات، وتكون أغلبها العناكب والأفاعي أو الفئران.
وهناك الرهاب من الأماكن الضيقة أو المغلقة، إذ يصاب المريض بالهلع ويرغب في الخروج فوراً من المكان، نظراً للأشياء التي يتخيل حدوثها في ذلك المكان المغلق. ومن الممكن أن يؤدي الرهاب إلى إصابة المريض بالوسواس القهري.
وترتبط تلك “الفوبيا”، وفق البروفيسور يورجن مارجراف، أستاذ علم النفس في جامعة بوخوم الألمانية، بمواقف سابقة حدثت مع الشخص المصاب بها، جعلته يهاب المواقف المشابهة، مثل أن يخاف من حيوان بعينه كان قد تسبب له بالأذى في وقت سا بق، ومن ثم يظل حريصاً وحذراً منه، ويتحول ذلك الحرص إلى “فوبيا” مرضية.
ومن أعراض الرهاب النفسية، الخوف الدائم من مواقف وأماكن عادية بالنسبة للشخص السليم، وعدم قدرة المريض على التفكير في أي شيء باستثناء خوفه الشديد وقلقه الدائم من تعرضه للموقف الذي يثير خوفه أو تواجده في مكان يخيفه، ورغبته الدائمة في الفرار من الموقف أو المكان الذي يخيفه.
أما بخصوص الأعراض الجسدية للمرض، فتتمثل في الشعور بالغثيان والدوخة، وكذا الشعور بالاختناق وزيادة ضربات القلب، والإصابة بارتجاف في كامل الجسد، ما يؤدي إلى التعرق، ويمكن أن يصل الأمر في بعض الحالات المرضية إلى الإصابة بنوبات الهلع.
ويمكن لمرضى “الفوبيا” العلاج بزيارة الطبيب النفسي الذي يقوم بدوره بوصف بعض العقاقير، أو من خلال المواجهة المباشرة مع المواقف أو الأماكن التي يخاف منها، لكن الأغلبية الشائعة من المرضى يتعايشون مع خوفهم، ويتجنبون المواقف أو الأماكن التي تخيفهم.
ووفق البروفيسور ماركوس بانجر، وهو كبير الأطباء في قسم اضطرابات الإدمان والعلاج النفسي والمدير الطبي لعيادة LVR في بون – المانيا، فإنه “يتم تحديد شكل العلاج وفقا لنوع الفوبيا”، ومن ثم يتم اختيار آليات المعالجة ووسائلها.