تواصلت لليوم الرابع على التوالي فعاليات الدورة الثانية من رحلة السعادة التي تحت شعار “رحلة السعادة لجودة حياة أفضل” التي تنظم برعاية كريمة من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي وسط مشاركة مجتمعية واسعة .
وشملت فعاليات اليوم الرابع مجموعة جديدة من الجلسات الحوارية التفاعلية التي ركزت على قيم السعادة والإيجابية ودورها في تحسين جودة حياة الإنسان وتمكينه من المساهمة بفاعلية في تحقيق التطور لمجتمعه.
وأكد المتحدثون أن القيم الأخلاقية هي الطريق الرئيس لتحقيق السعادة وجودة حياة أفضل كما أن التحلي بها وتبنيها كأسلوب حياة وتعامل مع الآخرين هي السبيل ليشعر كل فرد بأنه أسعد إنسان في العالم مشددين على أهمية تعزيز ثقافة الإيجابية في الأجيال وتربية الأطفال عليها حتى نضمن الوصول إلى مجتمع الإيجابية الذي يحقق المستحيل ويتجاوز جميع التحديات.
وفي جلسة بعنوان “الوقاية خير من العلاج” قدمتها تينا مكغاف وتحدثت عن تجربتها الشخصية حيث عانت تينا من مرض اضطراب تناول الطعام، وحسب الإجراءات الطبية المتبعة في موطنها فقد تعرضت للحجر الصحي والمراقبة الطبية المكثفة إلى جانب النظرة السلبية وعدم تقبل المجتمع لهذه الفئة.
وسلطت تينا الضوء من خلال الجلسة على أهمية الحفاظ على السعادة والرضا الداخلي وتحدثت تينا عن كتابها الأول الذي ألفته وأرادت من خلاله إيصال رسالة للأفراد حول العالم بأهمية تقبل الذات وتجنب الأفكار السلبية وعدم السماح لبعض الأفراد السلبيين بإطلاق الأحكام المسبقة والتأثير في نفوس وأذهان الآخرين.
وأكدت أن الوقاية تكمن في تقبل الذات أولا وتحديد الرغبات والطموح والعمل بالطريقة التي تتناسب مع امكانيات الفرد إضافة إلى الامتناع عن لوم الذات والتشاؤم عند الفشل وإنما تقبله والعمل بجد على تخطيه في المرات المقبلة موضحة أن الحفاظ على سلامة الصحة النفسية والذهنية يوازي بالأهمية المحافظة على الصحة الجسدية وأن الإنسان يمكنه زيارة المختصين من الأطباء والخبراء لمساعدته في تقديم التوجيه الصحيح باتجاه طريق السعادة.
وأشارت تينا إلى التطوع في نشر هذه الثقافة وتعميم الفائدة والممارسات الإيجابية بين الأفراد والمجتمعات وأشادت بتوجهات قيادة دولة الإمارات في إسعاد المجتمع من خلال الفعاليات واستضافة الأحداث ذات الطابع العالمي التي تتيح المجال لتبادل المعرفة والخبرات ونشر علوم وأساسيات السعادة والإيجابية.
من جهته تحدث معالي الدكتور أكيما أوميزاوا قنصل عام اليابان في دبي في جلسة بعنوان “تجارب ثقافة اليابان في الإيجابية وجودة الحياة” عن كيفية تعزيز الإيجابية وبناء المجتمع المتناغم وكيف يمكن الاستفادة من التجربة اليابانية في الوصول لجودة حياة أفضل.
وأكد أوميزاوا على أهمية التربية الأخلاقية في تعليم الأفراد كيف يعيشون حياة مستندة إلى القيم السامية والتي يأتي في مقدمتها النزاهة والمسؤولية والكرم والعطف والتي تعتبر مبادئ أساسية تساهم في تطور المجتمعات وسعادة أفرادها.
وأشار إلى أهمية احترام جميع الثقافات وإيجاد نوع من التناغم بينها بوصف ذلك الوسيلة التي تسعى من خلالها اليابان للتعريف بإنجازاتها ونجاحاتها فإنها تحرص على إيجاد نوع من التلاقي بين الجميع، يقوم على مفهوم احترام الآخر.
وأكد أوميزاوا على أهمية تحفيز جميع أفراد المجتمع على مواصلة الابتكار والتطور في العمل والارتقاء في الأداء وقال: من خلال هذه الوسائل يتعزز داخل كل فرد شعوره بأهميته والدور الذي يقوم به في المجتمع وبذلك يمتلك كل فرد الرؤية الواضحة التي ينطلق من خلالها لتحقيق أهدافه، والتي تعود بالفائدة على المجتمع ويصل إلى أعلى مستويات جودة الحياة.
وأوضح أن تعليم الأخلاق والتأكيد على التحلي بها وسيلة مهمة لتحقيق السعادة حيث أنها تسهم في انتشار العلاقات الإيجابية، والشعور بالآخر وبناء الثقة في العلاقات مع الآخرين.
وأكد أوميزاوا أن دولة الإمارات تتشابه كثيراً مع المجتمع الياياني حيث أنها تحفز الجميع على التطور والعطاء والارتقاء بالعمل وهي تضم على أرضها أكثر من 200 جنسية وتقدم بذلك نموذجاً لهذا المجتمع المتناغم الذي يقوم على احترام تقاليد وثقافات الآخر.
واعتبر أن تطبيق القيم الأخلاقية في العلاقات الإيجابية هو الأساس للارتقاء بالمجتمعات وتحقيق السعادة لجميع أفرادها ودعا جميع المجتمعات إلى تبني منظومة من القيم الأخلاقية حتى يتمكنوا من بناء مفاهيم جيدة للسعادة والإيجابية تمكنهم من مواصلة التطور بشكل دائم.
و في سياق متصل أكد ظاهر المهيري سفير الإيجابية في دولة الامارات وهو من أصحاب الهمم المصابين بالشلل الدماغي خلال جلسة بعنوان “كن سعيداً” أن أحد أهم أسباب السعادة هو الرضا الذاتي الذي يولد حالة من السلام الداخلي كما أن تقبل الذات يولد تقبل واحترام جميع أفراد المجتمع منوهاً أن الحياة هي امتحان ومن الطبيعي ألا يكون الامتحان سهلاً ولكن تحدي الظروف والعمل بجد هو جسر للنجاح الذي يولد السعادة.
وشدد المهيري على ضرورة التغلب على المخاوف مهما كانت مستشهداً بمثال أنه كان يخاف من عدم تقبل المجتمع له بسبب إعاقته لكن قرر التغلب على هذا الخوف بالظهور للمجتمع من خلال المشاركات في الفعاليات والمؤتمرات والندوات أو من خلال الظهور على التلفزيون أو مواقع التواصل الاجتماعي للتعريف برسالته الهادفة إلى تحويل نظرة الشفقة لأصحاب الهمم إلى نظرة إعجاب وتقدير الأمر الذي ألغى هذا الحاجز الذي يعيق طريقه وزاد ثقته بنفسه وانطلق نحو الحياة بكل أمل وتفاؤل وفي الوقت ذاته استطاع إيصال رسالته.
من جهته أكد الدكتور نايف المطوع الأخصائي النفسي خلال جلسة “كيف نفسر أفكارنا ومشاعرنا وسلوكنا” أن الأفكار الإيجابية هي مفتاح السعادة وعلى المرء أن يتحلى دوماً بروح إيجابية متفائلة على الرغم من تحديات الحياة ومجابهة مشكلات وأزمات الحياة بمشاعر إيجابية لكي ينعم بحياة مليئة بالأمل والسعادة.
وأشار المطوع إلى أن كل شيء في الحياة يمكن أن تتم معالجته وتشخيصه وتحديد أفضل الطرق للتعامل معه إن تم فهمه وهذا ينطبق على الأفكار والمشاعر والسلوكيات فكل ما كان فهمنا لطبيعة المشاعر التي نتبناها والأفكار التي تراودنا أكبر أصبحت طريقة تعاملنا معها أنضج مبيناً أن السعادة الحقيقية للإنسان تتمثل في كيفية تحويل المشاعر السلبية من كره وحقد وغضب إلى مشاعر إيجابية مفيدة أو مشاعر محايدة على الأقل.
وأوضح أن عدم المبالغة في المشاعر المحبطة وتبسيط الأزمات والصعاب التي قد تواجه الإنسان سواء في عمله أو دراسته أو حياته الأسرية هو أحد أسباب تحقيق السعادة وأن معظم الدراسات تبين أن هناك رد فعل متباينا من جهة المشاعر أو ردود الأفعال تجاه المسألة عينها ما يؤكد بأن رد الفعل الإنساني مرتبط بالعديد من العوامل المنفصلة عن المشكلة نفسها وبالتالي بالإمكان الحد من آثاره السيئة أو تجاوزه.
وتستلهم رحلة السعادة مضمونها لهذه الدورة من تراث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” وتركز على الصفات الإنسانية التي رسخها “رحمه الله” ومنهج السعادة الذي تبناه منذ تأسيس دولة الإمارات.
وتهدف “رحلة السعادة” إلى دعم توجهات دولة الإمارات العربية المتحدة في تحقيق جودة حياة أفضل للمجتمع عبر تكريس السعادة كأسلوب حياة والإيجابية كطريقة تفكير ورفع مستوى الوعي من خلال استقطاب ومشاركة مجتمعية واسعة بتجارب تفاعلية وتثقيفية مرحة ومتميزة.