الزواج خطوة كبيرة.. البعض يتعامل معها بخفة لأن مشاعر الحب تكون طاغية وبالتالي تلون المستقبل بمختلف الألوان الجميلة.
ولكن في المقابل هناك فئة يمكنها أن ترى أبعد من ذلك، وحتى ولو كانت مشاعر الحب طاغية فهي تشعر بالتردد والخوف وقد تجد نفسها تعيد النظر في قرار الزواج.
المشاعر هذه طبيعية تماماً، وفي الواقع من لا يشعر بها عالق في مكان غير طبيعي حيث العقل عنده معطل والمنطق شبه مشلول. فما هي الأسباب التي تجعل الرجل العربي يختبر هذه المشاعر؟
لم أمت لكنني رأيتهم كيف ماتوا
إنه الطلاق.. معدلات الطلاق في الدول العربية مخيفة وقد حققنا «إنجازاً» بالوصول الى مراتب متقدمة في لوائح الدول التي تملك أعلى معدلات طلاق في العالم. فإن كان الرجل مصري الجنسية فهو أمام صدمة مرعبة إذ أن المحاكم تشهد على حالة طلاق كل ٦ دقائق، وإن كان سعودياً فإن معدلات الطلاق في بلاده هي ٣ أضعاف معدلات الزواج. في حال كان إماراتياً فإن بلاده تشهد على ٥ حالات طلاق يومياً، أما إن كان كويتاً فإنه يدرك بأن الطلاق أكثر من الزواج بـ ٥٠٪ والصورة مشابهة في معظم الدول العربية.
وحتى في حال لم يكن يملك أدنى فكرة عن هذه النسب والأرقام فهو بالتأكيد بات يسمع أخبار طلاق بالجملة، سواء صديقه أو قريبه أو إبن الحي أو أحد أفراد أسرته. الحالة هذه لا تؤدي الى التردد والخوف بل الى الهلع. هناك أسباب جعلت العرب وبغض النظر عن جنسياتهم يقررون وضع حد لحياتهم الزوجية.. والمخيف في الأمر أن لا أحد «محصن». فالطبيعي بات أن يكون الشخص من المطلقين، ومن غير الطبيعي أن يكون ما زال متزوجاً رغم مرور سنوات طويلة على إرتباطه.
الأوضاع الإقتصادية وتكلفة الإرتباط
الأوضاع الإقتصادية تسير في إتجاه وتكاليف الزواج وما يتضمنه من مهر وحفلة زفاف وشراء منزل أو شقة تسير في إتجاه مختلف.
الأسعار في إرتفاع مستمر ونسب البطالة مخيفة والرواتب تتقلص أو تبقى على ما هي عليه بينما المهام تتضاعف ما يعني أن الرجل أمام مسؤوليات مادية ضخمة قد يتمكن من تحملها وقد لا يتمكن من ذلك. يقابل الوضع السيء هذا للناحية الإقتصادية تكاليف ضخمة تبدأ من الخطوبة مروراً بحفلة الزفاف وصولاً الى شراء المنزل .. والأمر لا يتوقف هنا لأن المصاريف ستتضاعف بعد الإنجاب وستستمر بالتضاعف لسنوات طويلة كلما كبر الطفل بالسن.
يضاف الى ذلك واقع أنه لا مجال لمعرفة «نوعية» الحياة التي سترضى بها الزوجة. أحياناً حتى ولو كان هناك علاقة تجمع بين الثنائي قبل الزواج ويظن بأنه يعرفها تمام المعرفة خصوصاً وأنها قبلت به ووافقت على العيش معه على «الحلو والمر»، فإن المرأة قد تصبح في مرحلة ما لا ترضى بما هو مقدم لها وتبدأ بمطالبة الزوج بمستوى حياة أفضل.
المجهول واللايقين
سواء كان الزواج عن حب أو بشكله التقليدي فإن الزواج هو قفز في المجهول. هناك مرحلة لا مجال للتهكن ما الذي ستحمله، فالشخصيات تتبدل بعد الزواج و قد لا تتبدل ولكن لا يمكن معرفة الآخر فعلياً إلا بعد العيش معه.
التردد بسبب المجهول طبيعي تماماً خصوصاً وأن الرجل عادة ما يعتبر نفسه أنه مقبل على مرحلة يكون فيها هو المعيل والحامي والأب والصديق والزوج. وكل هذه الأمور في مجتمعاتنا العربية ترتبط بمفهوم الرجولية، فهو إن لم يكن المعيل وهي النقطة التي تتقاطع مع النقطة أعلاه وإن لم يكن الحامي الذي يتحمل المسؤوليات مهما كانت هذه المسؤوليات فهو ليس برجل.
المجهول يرتبط أيضاً بدوره كرأس العائلة وبدوره كزوج وكرجل.. فهناك طبعاً الحماة وتدخلات الأهل التي قد تظهر بعد الزواج. عدد كبيرة من الزيجات في العالم العربي إنتهت بسبب تدخلات الأهل وهذا واقع لا يمكن معرفته إلا بعد الزواج. خلال فترة الخطوبة عادة ما يظهر كل طرف أفضل صورة ممكنة عن نفسه لأن الهدف هو الزواج. ولكن وبعد الإعتياد على الآخر وبدء المشاكل بالظهور حينها قد تبدأ تدخلات الأهل وقد لا تبدأ، الأمر يرتبط بالثنائي وشخصياتهم وشخصيات أهلهم وحتى نوعية العلاقة التي تجمعهم.
كلمة الى الأبد مرعبة
لو إفترضنا بأن الرجل لا يكترث لكل الأمور التي تحدثنا عنها أعلاه فإن واقع أنه سيرتبط بشخص واحد مدى الحياة مخيف ومرعب. حتى ولو كانت مشاعر الحب في ذروتها فإن الفكرة هذه من شأنها أن تجعل أي شخص كان يشعر بأنه «عالق» في مكان يصعب الخروج منه. وهذه المشاعر طبيعية فتخيل التواجد يومياً مع الشخص نفسه والقيام بكل شيء معه من شأنه أن يثير هلع حتى عند الذين يتحرقون شوقاً للزواج بمن يحبون.
الزواج للأسباب الخاطئة
يكون التردد و الخوف في ذروتهما في حال كان الرجل يتزوج للأسباب الخاطئة. فهو إما يتزوج لأن عليه الزاوج، أو لانه يخاف من الوحدة أو لأنه يهرب من واقع ما. في الواقع كلما إرتفعت حدة هذه المشاعر كلما دل ذلك بأن هناك جزئية ما غير صائبة في العلاقة. فقد تكون العلاقة التي تجمع الرجل بالشريكة يشوبها خلل ما، أو قد يكون الخلل في الرجل نفسه وبدوافعه.