يدق القلب من النظرة الأولى، لقاء ثم عشق وعلاقة، يهيمون ويسهرون وتحملهم الأماني الجميلة بعيداً، وما إن يجمعهم الزواج تحت سقف واحد، حتى تتحول القصة من رواية “روميو وجوليت” إلى حرب “داحس والغبراء” وتتحول الشخصيات الرومنسية إلى شخصيات كأن بينها ثأراً وتنتهي سنوات الحب العاصف بقرار أسود سريع ألا وهو الطلاق.
نشهد مئات القصص الأشبه بروايات عبير العاطفية الرومنسية التي اعتدنا على قراءتها قبل سنوات، فلماذا يتحول الحب من الأشواق والوله واللهفة إلى كارثة؟ وما هي الدروس التي خرجت بها شخصيات هذا التقرير بعد تجربتهم مع الحب الذي قضم سنيناً من حياتهن وشبابهن؟
ضحيت من أجل راحته
تقول المطلقة (31 عاماً) ذات الوجه الجميل بتوتر شديد، حين استعادت من ذاكرتها ألم تلك التجربة بقولها: “أمضينا ثلاث سنين ونحن في علاقة حب خرافية، أحاطني برومنسية الحب الحقيقي وشدني أنه لم يكن يلعب بمشاعري أو يكذب علي، بالإضافة إلى كونه صريحاً بكل حرف قاله حتى أدق تفاصيل حياته وظروفه، كان متزوجاً وله أولاد.
و تضيف, “عشت الحب معه بكل حلاوته فالحب شعور رائع يحتاج إلى مصداقية، كنا نتواصل 24 ساعة يومياً عبر الموبايل، كنا لا ننقطع عن التواصل معاً دقيقة، كنت أشعر بالحرية والسعادة البالغة معه، لقد تحملنا الكثير معاً ثم تزوجنا وما إن تزوجنا حتى بدأت المشاكل تحيط بنا بسبب بيته الثاني”.
وتواصل حديثها والدمعة تتأرجح في عينها، “بعد أقل من شهرين، وبسبب المشاكل الكثيرة التي حدثت بمجرد الزواج شعرت أنني سبب الضغوط النفسية التي يعيشها ونتيجة للخلاف قررت الانسحاب من هذه الدوامة وطلبت الطلاق لأنني كنت أبحث عن راحته وفعلاً تم الطلاق وانتهى كل شيء بيننا”.
أما فيما يتعلق بالدروس التي خرجت منها جراء هذه التجربة تقول: “تعلمت ألا أقدم تنازلات كبيرة في الحب، فشخص له زوجة وأولاد لا يمكنه أن يسعدني لأنني لن أبني سعادتي على حساب غيري، فأنا لن أسمح أن أجرح نفسي مرة أخرى”.
نسي أنه أصبح زوجاً
وفي قصة أخرى ترويها صاحبتها، تقول المطلقة التي أمضت خمس سنوات في الحب وبعد ستة أشهر من الزواج انفصلت، “لم تكن قصة حب عادية بل كانت أسطورية، تعرفنا على بعض في أروقة الجامعة وأمضينا سنوات الدراسة معاً وبعد الدراسة بأقل من عام تزوجنا وكنا في قمة السعادة”.
وتضيف، “بعد الزواج بدأت ألاحظ أنه لم يعد الشخص الذي كنت أعرفه أو الشخص الذي أحببته، لم يكن يعلم ما هي حقوقه أو واجباته ولم يكن يتحمل مسؤولية البيت كزوج كان غير متعاون أبداً، كان دائم السهر خارجاً مع أصدقائه ولا يعاملني كما في السابق أصبحت فقط ربة بيت لا أكثر بالنسبة له”.
“لم يكن يعي ماذا يعني زواج رغم أنه متعلم إلا أن تفكيره كان ذكورياً بشكل رهيب كان يتبجح بأنه الرجل ويحق له أن يفعل ما يريد، له أن يسهر ويخرج بينما أنا مطلوب مني أن أعمل في البيت فقط، كنت دائماً أتنازل مع أنه مفترض أن يتنازل الطرفان حتى تسير الحياة ولكن للأسف أنا التي كنت أتنازل طوال الوقت، وفي كل مرة كنت أشعر أني أتنازل أكثر وبلا جدوى” على حد قولها.
وتعبر عن رأيها بأنه بعد الزواج يتحول المحب إلى شخص أقل رومنسية على عكس المرأة إذ يصبح الرجل أكثر واقعية ويبتعد عن الاهتمام والدلال ومع المعاشرة الزوجية ومتطلبات الحياة تصبح العلاقة مجرد روتين يومي ينهي الحب بل ويقتله.
خطف وتهديد
أما القصة التالية فهي أشبه بالأفلام الهندية التي يعاني فيها البطل والبطلة ألوان العذاب كي يبقيا معاً، فقد حدث فيها الخطف والتهديد والوعيد للشاب كي يترك محبوبته ولكنه يصمم أن يتحدى الجميع ويرتبط بها والمفاجأة أنه قبل الزفاف بأيام يتم إنهاء كل شيء للأسف.
تقول (ر.ع 22 عاماً) صاحبة القصة: “كنت وقتها 17 عاماً حين تعرفت إليه، فقد كان يعمل سائقاً لحافلة مدرسية، أحببنا بعضاً جداً وتبادلنا الإعجاب وأصبحنا نتواصل بشكل دائم، أصبح كل عالمي، لم يكن أهلي أو أهله على دراية بالعلاقة، استمرت العلاقة عامين وبعدها تقدم لخطبتي”.
وتضيف، “لقد قدم لي هدايا كثيرة ورسائل مفعمة بالحب والاشتياق، بدأت الأمور تتعقد بعد عقد القران نتيجة عدم رضى الأهل سواء لدي أو لديه، قام أهله بخطفه وتهديده من أجل أن يفسخ الخطوبة معي ولكنه رفض واستمرت العلاقة ولكنها كانت محفوفة بالمشاكل”.
“في النهاية وقبل زفافنا بأسبوع ونتيجة الضغط الذي تعرضنا له قررنا الانفصال وهذا ما حدث فبعد سنوات الحب والعشق شعرنا أننا لا نناسب بعضنا وحدث الطلاق بعد ثلاثة شهور من عقد القران” على حد قولها.
أخصائي اجتماعي
عن هذا الموضوع يعلق الأخصائي الاجتماعي محمد حلس من المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات بالقول: “السبب يكمن في الندية والعناد والاختيار الخاطئ والاختلاف في الثقافات والعادات والتقاليد بين بيت أهلها وبيت زوجها وغياب التفاهم والحكمة وعدم الشعور بالمسؤولية”.
و يضيف، “غالباً ما تنتهي العلاقة العاطفية على عكس ما توقع الطرفان، نظراً إلى غياب الجانب العقلي وتغليب متعة الحب والرومانسية على المشكلات الحقيقية التي قد تواجه الطرفين في تكوين الأسرة، وخاصةً في السنة الأولى للزواج إذ غالباً ما يتوقع الطرفان سعادة مزيفة من واقع الحب وينتظر كل طرف من الآخر تحقيق أحلام وردية غير موجودة على أرض الواقع”.
حالة من الصدمة تحدث بعد مواجهة المشكلات الحقيقية للحياة والمرور باختبار المسؤولية وتحمل ظروف الحياة القاسية التي يفشل الحب وحده في مواجهتها، فإن الأنثي تحاول الحصول على الكثير من العاطفة والحب بعيداً عن تحمل المسؤولية ومواجهة صعوبات الحياة لأن قصص الحب غالباً ما تكون مستقاة من المسلسلات أو الأفلام الرومانسية والتي تختلف اختلافاً كلياً عن الواقع حينها تصطدم العلاقة بالواقع” على حد قوله.
يذكر، أن نسبة الطلاق في غزة قد ازدادت مؤخراً بشكل مخيف، إذ وصلت معدلاته إلى 3288 حالة طلاق خلال عام واحد بسبب عدة عوامل بعضها يعود إلى الظروف المحيطة والآخر يعود إلى طبيعة الاختلافات بين الثقافة ومستوى التفكير.
الطلاق السريع بعد سنوات من الحب العاصف.. قصص واقعية
رابط مختصر
المصدر : https://zajelnews.net/?p=30859