“دودو” هكذا كان يحلو لها أن يناديها من يحبونها ..عاشت حياتها تملأ وجهها الابتسامة ..أما عن الجمال فحدث ولا حرج فهى جميلة الجميلات دون مبالغة ..ثم رزقها الله حسن الخاتمة والتوبة فى نهاية حياتها ..عن الفنانة مديحة كامل نتحدث.
الكتابة عن هذه الفنانة الجميلة تحتاج الى يد تمسك بمشرط جراج وليس قلما عاديا لانها فنانة وانسانة غير عادية
ظهرت مديحة في أواخر الستينيات ثم لمع نجمها وأصبحت أحد أشهر نجمات السينما المصرية في السبعينيات، إلا أن اعتزالها للفن أبعدها عن الأضواء حتى وفاتها عام 1997م.
ولدت “مديحة كامل صالح” يوم 3 أغسطس عام 1946م بمدينة الإسكندرية، ثم انتقلت عام 1958م مع عائلتها إلى القاهرة، وهناك التحقت بكلية الآداب جامعة عين شمس عام 1963م.
تزوجت الفنانة “مديحة كامل” خلال حياتها ثلاث زيجات، الأولى كانت من رجل الأعمال “محمود الريس” الذي أنجبت منه ابنتها الوحيدة “ميرهان”، بينما كان زواجها الثاني من المخرج السينمائي “شريف حمودة”، وفي المرة الثالثة تزوجت من محام مصري.
بدأ المشوار الفني لـ”مديحة كامل” عام 1963م وهي لا تزال طالبة بالجامعة حيث قدمت مجموعة من الأدوار الصغيرة في السينما والمسرح، ثم تدرجت في الأدوار الثانوية حتى حصلت علي دور البطولة أمام الفنان “فريد شوقي” من خلال فيلم “30 يوم في السجن”.
اختفت الفنانة الجميلة بعد ذلك عن الفن نحو عامين أو أكثر ثم عادت من جديد في مجموعة من الأدوار بمصر ولبنان، التي لم تجلب لها الشهرة الواسعة إلا أنها حققت من خلالها انتشاراً كبيراً، فلعبت أدوار البطولة الثانية في الكثير من الأفلام حتى جاءتها الفرصة للبطولة المطلقة في فيلم “الصعود إلي الهاوية” لتنطلق بعد هذا الفيلم نحو عالم النجومية.
تميزت “مديحة كامل” بوجهها الجذاب الذي يحمل مزيج من البراءة والإثارة، مما ساعدها على تنوع أدوارها على في السينما والمسرح والتليفزيون، ومن أبرز أعمالها السينمائية “مطاردة غرامية”، و”أصعب جواز”، و”المعلمة سماح”، و”درب الهوى”، و”في الصيف لازم نحب”.
بينما من أبرز أعمالها التلفزيونية: “العنكبوت”، و”الأفعى”، و”الورطة”، و”الغشاش”، و”البشاير”، و”ينابيع النهر”، بالإضافة إلى عدد من الأعمال المسرحية المتميزة منها “هاللو شلبي”، و”يوم عاصف جداً”، و”حلو الكلام”، و”لعبة اسمها الفلوس”.
في عام 1993م أعلنت الفنانة الراحلة ارتدائها الحجاب واعتزال الحياة الفنية، وكان آخر أفلامها “بوابة إبليس” الذي أُتلفت بعض مشاهده وتمت إعادة تمثيل المشاهد التالفة بواسطة دوبليره لرفضها العودة للتمثيل رفضًا قاطعًا.
ظلت “مديحة” بعيدة عن الأضواء حتى وفاتها في رابع أيام شهر رمضان المبارك الموافق 13 يناير لعام 1997م في بيتها، بعد أن أدت صلاة الفجر جماعة مع ابنتها وزوج ابنتها، ثم خلدت للنوم، وتم العثور عليها ميتة في ظهر اليوم التالي.
كانت الراحلة تعاني من صراع مع مرض القلب طوال حياتها حيث أصيبت لأول مرة بجلطة عام 1975م، إلا أن حالتها الصحية تدهورت بشكل كبير قبل وفاتها بعام حيث ظلت طريحة الفراش بالمستشفى لمدة عشرة أشهر بسبب ضعف عضلة القلب وتراكم المياه على الرئة.
وتقول ابنتها الوحيدة ميرهان تفتحت عيناي على خالة رائعة كانت بالنسبة لى بمثابة الأم الحنون ، وزوج خالة فاضل وأولاد وبنات خالة كانوا يكنون لى الحب الصادق .وحينما كبرت شيئا فشيئا أحببت أسرتى أكثر وأكثر
كانت خالتى وزوجها يداومان على صلاة الفجر وعلى إيقاظ أبنائهما ليؤدوا الصلاة جماعة .
ولقد حرصت على الوقوف معهم وتقليدهم منذ أن كان عمرى خمس سنوات .
كان زوج خالتى حافظا للقرآن الكريم ، وكان صوته شجيا عذبا . وكان رجلا متدفقا بالحنان وكان يعتبرني ابنته ويعاملني بكرم ولطف.
وفي الاعياد كانت تزورنا سيدة انيقة وجميلة وتحمل الكثير من الهدايا لي وكنت اقول لها طنط فتضحك و تقول : قولي لي دودو وليس طنط وعندما بلغت السابعة علمت انها امي وصدمت وقتها.
وفي الثاني عشرة من عمري اخذتني معها الى منزل فسيح جدا وغاية في الثراء في المهندسين كله خدم وحشم ومعاونين كانت تحتضنني وفمها فيه مزيج من العطور ورائحة كريهة علمت انها كانت خمرا وبعد فترة سألتها عن عملها فضحكت وقالت انا ممثلة مشهورة جدا جدا سوف اجعلك تشاهدين افلامي ولم اكن رايت افلامها من قبل لان زوج خالتي كان متحفظا لا يجعلنا نرى العري للأسف كانت كل افلامها مثيرة للغرائز.
كانت لا تعرف عن الاسلام الا الشهادة، صارحتها مرات ان اسلوبها في الحياة لا يرضيني وان الدنيا ليست في الشهرة والمال لكنها قالت كل هذا الثراء الذي لديك وتعيشين فيه من الفن ومن عملي كانت رغبتها جامحة للشهرة والمال.. وحين اقترب عيد ميلادي العشرين قالت لي اطلبي هديتك حبيبتي فقلت لها ستوافقين عليها مهما كانت ؟ قالت نعم اكيد مهما كانت فطلبت منها زيارة الكعبة فضحكت وقالت لي وهل لي ان ارفض لك طلب موافقة وسعدت جدا بهذا.
وكانت استجابة الله.. انهمرت الدموع من عيني امام المكان المقدس ودعوت الله ان ينقذ امي ويهديها وعدنا واهتدت لفترة لكن عادت كما كانت مرة اخرى، وارتديت انا الحجاب فثارت امي وقالت لي ما هذه العمامة اتمشي بجواري هكذا وانا احضرت لك فساتين من اوروبا؟ قلت لها اتركيني اعيش القيقة لا السراب والوهم مثلك الدنيا اختبار وسأنجح.
وذهبت امي لرحلة في امستردام وكانت سعيدة جدا وعندما عادت وجدتها بعد حزينة جدا بل خائفة ومتوترة وحاولت ان اعرف سر التغير من مديرة اعمالها فاخبرتني ان ابن عمها قابلها وقال لها : أعرف ان روحك في ابنتك لكنك لست امينة عليها انك لا تسترين عوراتك وانت انسانة فاسدة فلن يستر الله عورة ابنتك والله لو احبتهها بصدق يوما لفكرت في هذا اليوم وفي انتقام الله فيها ليعذب قلبك بها ..و بعد عدة شهور ظهر ورم في صدر امي واصبحت حالتها النفسية في الحضيض وقبل لحظات من دخولها العمليات بكت وقالت لي : انا لا استحق ابنة طاهرة مثلك فادعي لي.
قلت لها : لن يتركني الله بدونك وانا احتاج لك ستكوني بخير.
ووعدتني امي اذا قامت بخير ستقلع عن الخمر والمحرمات وبالفعل عادت واقلعت عن الخمر الا ان اصدقاء السوء لم يتركوها في حالها سخروا منها فعادت مرة اخرى فعنفتها بشدة وقلت لها انها لاتفي بوعد او بعهد وخرجت ثائرة من المنزل الى المسجد وبحثت عني ثم تذكرت الله فعدت اليها واعتذرت لها .
فبكت امي بحرقة وقالت: انا لا استحقك يا طاهرة فعلمت ان قلب امي تحرك وطلبت منها ان تصطحبني الى دروس في المسجد وبعد تنهيدة حارقة وافقت امي وذهبت معي حتى وجدتها في يوم تصارحني بانهيار بانها ام تخجل من نفسها ولم تعد تعرف اذا فقدت حياتها ماذا ستقول لربها بعد ان تدفن في التراب وتشبثت بيدي كالغارقة تقول لي ادعي الله يغفر لي لانه لن يقبل دعائي.
واعتزلت امي التمثيل بكامل ارادتها لتبتعد عن المغريات وكانت في صلاة التهجد ليلا اسمعها تبكي وتدعوا الله ان تموت في الشهر الكريم لكثرة ذنوبها حتى يغفر لها الله ، وبعد عدة سنوات وفي يوم من ايام رمضان ماتت امي بالفعل وكانت صائمة وقائمة مبتهلة فعلمت ان الله قد قبل توبتها واستراحت روحي .