طول القامة هو أول شيء يلفت النظر في الشخص الذي تقع العين عليه، فالطول يسحر ويعطي صاحبه ميزات خاصة، خصوصاً في المجتمع الشرقي الذي يملك خلفية نفسية لهذا الأمر. وطبعاً هناك خصال كثيرة تقال عن طويل القامة، أشهرها القوة والسيطرة، وقد ساهمت الموروثات الشعبية القديمة، خصوصاً الشعرية منها والنثرية، في استمرار النظرة المتفاخرة بالطول ومزاياه.
أما قصر القامة، فكان ولا يزال “مذمّة” اجتماعية، إلى درجة أن هناك من يعتبر أن “كل قصير نقمة”، مع أن كثيرين من قصيري القامة وصلوا إلى مراتب اجتماعية وعلمية عالية، مثل نابليون بونابرت وجان بول سارتر ونيكولا ساركوزي ومارادونا الذي كان يحوّل طوال القامة في حلبة الملاعب الى أقزام.
لكن على ما يبدو أن للطول علاقة ببعض الأمراض، فقد أثبت علماء ألمان بالتعاون مع زملائهم من جامعة هارفرد الأميركية، أن طول قامة الإنسان له تأثير كبير في تقرير وفاة الشخص جراء الأمراض المنتشرة، بغض النظر عن مؤشر كتلة جسمه والعوامل الأخرى، من هنا دعوة البعض إلى أخذ طول الإنسان في الاعتبار للعمل من أجل منع إصابته بتلك الأمراض، وفي ما يأتي عرض لعدد من تلك الأمراض التي لها علاقة بطوال القامة:
– السرطان، في دراسة حديثة هي الأولى من نوعها أفاد باحثون من ولاية جيفو اليابانية أن طوال القامة من الرجال أكثر عرضة لاحتمال الإصابة بسرطان القولون بواقع مرتين مقارنة بالرجال قصيري القامة، واكتشف الفريق الذي قاده هيرويكي شيميزو أستاذ علم الأوبئة والطب الوقائي بالجامعة، أن النتائج أظهرت أن طوال القامة الذين يتجاوز طولهم 168 سنتيمتراً هم أكثر عرضة للإصابة بسرطان القولون مقارنة بمن هم أقصر منهم.
ويقول باحثون من جامعة هارفرد أن الرجال الطويلي القامة فوق عمر الخمسين معرضون بشكل أكبر للإصابة بسرطان البروستاتة، إلا أن المشرف على الدراسة الدكتور جون جازيانو، صرح بأنه ما زال مبكراً القول بوجود علاقة بين طول الشخص وسرطان البروستاتة، خصوصاً أن هناك عوامل غذائية ووراثية تلعب دوراً.
وفي دراسة أخرى أجريت في كلية ألبرت آينشتاين للطب في الولايات المتحدة، تبين أن كل زيادة إضافية قدرها 10 سنتيمترات في الطول ترفع خطر الإصابة بالسرطان بنسبة 17 في المئة. وكان أقوى الارتباطات بين طول القامة والسرطان هو سرطان الجلد والقولون والرحم والكلى والغدة الدرقية، وعزا العلماء السبب في هذا الارتباط إلى نظرية واحدة هي أن طويلي القامة لديهم مستويات أعلى من بروتين يسمى عامل النمو الذي يشبه الإنسولين، أو IGF، والذي يبدو أن له علاقة بالسرطان.
وعلى الصعيد ذاته، كشف خبراء من المعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة، عن أن الرجال طوال القامة قد يتعرضون للإصابة بسرطان المثانة أكثر من غيرهم، وتوصل الباحثون الى هذه النتيجة بعدما اطلعوا على البيانات الخاصة بأكثر من 10 آلاف شخص، فوجدوا أنه كلما زاد طول القامة خمسة سنتيمترات إضافية فوق المعدل، يرتفع احتمال الإصابة بسرطان المثانة بنسبة 13 في المئة، إلا أن المشرفين على الدراسة أقروا بأنهم غير قادرين على فهم كيف أن زيادة الطول ترفع نسبة احتمال إصابة الرجال بسرطان المثانة.
– أمراض القلب، فقد نوهت دراسة جديدة أجريت في جامعة ليستر البريطانية، أن طول القامة قد يغير احتمال الإصابة بمرض القلب التاجي، فكلما كان الشخص قصيراً يزداد احتمال إصابته، ويعد مرض القلب التاجي (أي تضيق شرايين القلب) من أكثر الأمراض المسببة للوفاة في العالم.
وفي معرض تعليقه على نتائج الدراسة، يقول البروفيسور نيليش سماني أستاذ أمراض القلب ورئيس قسم العلوم وأمراض القلب والأوعية الدموي في جامعة ليستر ، أنه منذ 60 سنة كان يُعتقد بأن هناك علاقة بين الطول والإصابة بمرض القلب التاجي، لكن لم يكن من الواضح ما إذا كانت هذه العلاقة نتيجة العوامل الخارجية (مثل البيئة والتغذية وغيرهما) التي لها دور في تحديد طول القامة، أو ما إذا كان للطول علاقة مباشرة باحتمال الإصابة بهذا المرض، وقد أثبتت الدراسات التي قام بها الباحثون بجامعة ليستر أن احتمال الإصابة بأمراض القلب مرتبط بالطول لا بالعوامل الخارجية .
وأوضحت مراجعة نشرت في المجلة الأوروبية لأمراض القلب، أن احتمالات إصابة المرأة التي يزيد طولها على 160 سنتيمتراً بأمراض القلب تقل بنسبة 28 في المئة عن احتمالات إصابة المرأة القصيرة. وكانت دراسة نشرت في المجلة الطبية” نيوإنغلاند” عام 2015، ذكرت أن كل خمسة سنتيمترات إضافية في طول القامة زيادة على طول شخص من الجنس نفسه تعني انخفاضاً في احتمالات الإصابة بأمراض القلب بنسبة 14 في المئة.
– تجلط الدم: بينت دراسة نرويجية أن احتمالات إصابة الشخص الطويل بجلطات الدم هي أكثر ثلاث مرات عن احتمالات إصابة قصير القامة. وأعرب باحثون نرويجيون في دراسة نشرت في مجلة تصلب الشرايين والجلطة، عن اعتقادهم بأن السبب يكمن في أن دماء طوال القامة يتم ضخها لمسافات أطول من المسافات التي تقطعها دماء أصحاب القامات القصيرة، ما يؤدي الى ضعف تدفق الضخ وبالتالي زيادة احتمال تجلط الدم.
– سكري الحمل: في دراسة لباحثين من كلية الطب التابعة لجامعة سيتي في نيويورك شملت قرابة ربع مليون حامل، تبين أن الحامل التي يزيد طولها على 165 سنتيمتراً تكون احتمالات إصابتها بما يسمى سكري الحمل ما بين 20 و 60 في المئة أقل من احتمالات الحامل ذات القامة القصيرة.
– داء ألزهايمر: ذكرت دراسة لباحثين أميركيين نشرت في مجلة “مرض ألزهايمر” أن الرجل الذي يزيد طوله عن 175 سنتيمتراً يقل احتمال إصابته بمرض ألزهايمر بنسبة تقارب 60 في المئة عن احتمالات إصابة قصير القامة.
– طول العمر: في دراسة شملت عشرات آلاف العسكريين الأميركيين ونشرت في مجلة علم الأحياء الاجتماعي، تبين أن الجنود الذين يقل طول قاماتهم عن 160 سنتيمتراً يعيشون لمدة سنتين زيادة عن زملائهم أصحاب القامات الطويلة.
مهلاً، إذا كنت قصيراً أو طويلاً، فلا لزوم للذعر، فطول القامة قد يلعب دوراً في زيادة الخطر أو في الوقاية من بعض الأمراض، لكنه يظل عاملاً وحيداً ومحدوداً بين عوامل أخرى.
ختاماً، إذا كنت مرشحاً لانتخابات الرئاسة وتريد أن تزيد فرصك في النجاح من المفضل أن تكون طويل القامة، فباراك أوباما ربما حصل على نتائج أفضل في الانتخابات الرئاسية، لأن طول قامته هو 185 سنتيمتراً مقارنة مع منافسه جون ماكين الذي كان يقصره بـ13 سنتيمتراً.
طول القامة وقصرها … هل لهما علاقة بالأمراض؟
رابط مختصر
المصدر : https://zajelnews.net/?p=14347