مع استمرار طموح بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة أكثر، بات الاقتصاد الأمريكي يعجّ بإشارات متضاربة.
زاجل نيوز، ١٦، آب، ٢٠٢٢ | مال وأعمال
فارتفاع معدلات الوظائف قابلته أرقام المساكن المتراجعة بشكل حاد، وانخفاض أسعار البنزين جاء على حساب ارتفاع تكاليف المأوى والغذاء، أما هبوط معنويات المستهلكين، فقد حدث في ظل أرقام الإنفاق الثابتة.
من هنا يتضح أن طريق المركزي لمكافحة التضخم الجامح والمحافظة على الاقتصاد من الانزلاق نحو انكماش كبير، لا يزال مفتوحاً نعم، ولكنه يضيق شيئاً فشيئاً، وكل ذلك في خضمّ محاولاته الحثيثة لتحقيق توازن معقول نسبياً بين الدلائل والمؤشرات.
يعتقد الاقتصاديون في بنك «جولدمان ساكس» أنه كانت هناك انتصارات واضحة، وبعض الخسائر، وبأن المشهد الحالي تنتظره تحديات كبرى. قال ديفيد ميريكلي الخبير الاقتصادي في «جولدمان»: «استنتاجنا العام هو أن هناك مساراً ممكناً للهبوط السلس، لكنه صعب، وهناك العديد من العوامل الخارجة عن سيطرة الفيدرالي يمكن أن تُسهل أو تُعقد هذا المسار وتزيد أو تخفّض احتمالات النجاح».
– نمو بطيء وتضخم عنيد
أحد أكبر العوامل الدافعة للتضخم هو النمو الهائل الذي يخلق اختلالات بين العرض والطلب. وهنا يتدخل الاحتياطي الفيدرالي عن طريق زيادة أسعار الفائدة في محاولة لتثبيط الطلب حتى يتمكن العرض من اللحاق بالركب، وتكون ضغوط سلسلة التوريد في أدنى مستوياتها.
في هذا الصدد، أشار ميريكلي إلى أن جهود الاحتياطي الفيدرالي سارت على ما يرام، وبأن الزيادات، التي بلغ مجموعها الآن 2.25 نقطة مئوية منذ مارس/ آذار، قد حققت «تباطؤاً في أمس الحاجة إليه»، خصوصاً فيما يتعلق بالنمو والطلب.
ويتوقع بنك «جولدمان ساكس» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بوتيرة 1% فقط خلال الأرباع الأربعة المقبلة؛ وذلك بعد انخفاضات متتالية بنسبة 1.6% و0.9%. وعلى الرغم من أن معظم المحللين يرون أن المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية لن يعلن دخول الولايات المتحدة في حالة ركود في النصف الأول من العام، فإن مسار النمو البطيء الحاصل يجعل من التوازن الذي يعمل بنك الاحتياطي الفيدرالي عليه أكثر صعوبة.
وفي سياق مماثل، قال ميريكلي: إن تحركات الاحتياطي وجهوده ساعدت في تضييق فجوة العرض والطلب في سوق العمل؛ حيث لا يزال هناك ما يقرب من فرصتين وظيفيتين لكل عامل متاح. لكن مع ذلك ما يزال الطريق طويلاً، والمشكلة الأكبر تبقى خفض التضخم المرتفع بعناد.
ظل مؤشر أسعار المستهلك ثابتاً في يوليو/ تموز، لكنه ما يزال مرتفعاً بنسبة 8.5% عن العام الماضي. ونمت الأجور بمعدل قوي؛ حيث ارتفع متوسط الدخل في الساعة بنسبة 5.2% عن العام الماضي. ونتيجة لذلك، فإن جهود بنك الاحتياطي الفيدرالي لوقف دوامة تغذي فيها الأسعار المرتفعة أجوراً أعلى وتديم التضخم، أظهرت القليل من التقدم المقنع حتى الآن، بحسب ميريكلي. الذي أضاف، بأن النبأ غير السار هو أن مساحة التضخم الجامح واسعة بين السلع، ومقاييس الاتجاه الأساسي مرتفعة، وتوقعات تضخم الأعمال والأسعار ما تزال في مستويات عالية أيضاً.
– شكوك تحيط بالفيدرالي
في الواقع، لمكافحة التضخم، ربما ينبغي رفع أسعار الفائدة أكثر مما يتوقعه السوق حالياً. وتشير توقعات جولدمان ساكس إلى أن الاحتياطي الفيدرالي سيرفع المعدلات المعيارية بنقطة مئوية أخرى قبل نهاية العام، لكن هناك «مخاطر صعودية» بسبب التيسير الأخير في الظروف المالية، والوتيرة القوية للتوظيف، وعلامات الثبات في نمو الأجور والتضخم على حد سواء.
يعتقد رئيس بنك الاحتياطي السابق في نيويورك وليام دودلي، أن السوق يقلل من أهمية المسار المستقبلي لارتفاع أسعار الفائدة، وبالتالي، يقلل من شأن مخاطر الهبوط الحاد أو الركود المتوقع. وقال دودلي: «يُسيء السوق فهم ما ينوي الفيدرالي القيام به، أعتقد أنه سيواصل رفع المعدلات لفترة أطول مما يفهمه المشاركون في هذه المرحلة، حتى يتأكد من أن التضخم يتجه عائداً إلى هدف البنك المركزي البالغ 2%». معتبراً أن سوق العمل أضيق بكثير من توجهات الفيدرالي، ومعدل تضخم الأجور مرتفع للغاية ولا يتوافق مع تضخم بنسبة 2%.
زاجل نيوز