شهدت الآونة الأخيرة الكثير من النقاش حول تكنولوجيا «الميتافيرس»؛ حيث تحاول الشركات فهم ما يعنيه لها فيما يتعلق بالتعامل مع العملاء والموظفين، وكيف يمكن توسيع علامتها التجارية من خلاله.
زاجل نيوز، ١٣ ، آب، ٢٠٢٢ | تكنولوجيا
ونظراً لأن «الميتافيرس» مفهوم تكنولوجي معقد فإن الخطوة الأولى في فهم التأثير المحتمل له هي تعريفه؛ فهل هو عبارة عن مكان افتراضي أو شبكة أماكن عبر الإنترنت تم إنشاؤها وإدارتها بواسطة شركات التكنولوجيا؟
هل هي معايشتنا اليومية الاعتيادية، لكنها تتم بوساطة التكنولوجيا التي تجمع بين الرحلات المادية والرقمية؛ كعروض تجري في مكانٍ ما وتظهر على هواتفنا وعروض تفاعلية داخل المتاحف والمتاجر؟
كلا الرأيين صحيح؛ ف «الميتافيرس» هو التكرار التالي (وليس النهائي) للإنترنت؛ حيث ستصبح تفاعلات الإنسان مزيجاً من معايشة تجارب افتراضية وآنية وثلاثية الأبعاد ومادية؛ وستتغير بشكل جذري طرقنا في العمل والإبداع والشراء والاستهلاك، وسيكون التأثير في حياتنا أكبر من ذلك الذي أحدثه الهاتف الذكي.
نعم، ما زلنا في المراحل الأولى عندما يتعلق الأمر بعائد الاستثمار الحقيقي للمؤسسات كالشركات وغيرها، ولكن حان الوقت الآن للتجربة والاستثمار والابتكار في حالات الاستخدام القائمة على «الميتافيرس».
نتائج التجارب
والأمر المهم للمؤسسات هو التركيز على نتائج أعمال إنشاء تجارب «الميتافيرس» والهدف من هذه التجارب بغض النظر عما إذا كانت تحدث عبر الإنترنت أو في مساحة مادية رقمية مختلطة؛ فبينما يوجد هناك تركيز قوي من الأعمال ووسائل الإعلام على إمكانات التسويق وتوليد الإيرادات من هذه التقنية، هناك أيضاً اتفاق متزايد بمجموعة متنوعة من حالات أخرى يمكن فيها استخدامه؛ حيث نجد أنه بالإضافة إلى الترفيه يمكن على سبيل المثال أن تستخدمه مؤسسة ما لتحسين العمليات التجارية، وإثراء تعاون الموظفين وخبرات التدريب.
من المهم أيضاً معرفة كيفية تطور التجارب البشرية «المفعّلة رقمياً»، وتوقع مدى استمرارها في التطور، وهذا من أجل التخطيط الاستراتيجي؛ حيث نجد أن معظمنا معتاد على التفاعلات ثنائية الأبعاد القائمة على واجهة المستخدم في الأجهزة اللوحية والهواتف وأجهزة الكمبيوتر والشاشات، والآن سنرى المزيد مما نسميه واجهات المستخدم الطبيعية أو المكانية، والتي يتفاعل فيها المستخدمون مع البيئة المادية، وتتضمن بعض التقنيات التي تدعم الواجهات الطبيعية قياسات حيوية وبيئات الواقع الممتد ثلاثية الأبعاد التي يعيشها المستخدم من خلال سماعة رأس، وربما تساعده في بعض المهام كتخطيط ديكور الغرفة.
ويمكن إشراك الحواس الأخرى من خلال واجهات المستخدم الطبيعية كاللمس والسمع، بل وحتى تجارب حاسة الشم، وذلك لخلق تفاعل غامر بدرجة أكبر، والذي قد يشمل تجارب الواقع المعزز أو الواقع الافتراضي لتعزيز أو إنشاء قدرات أو طرق جديدة للتفاعل. والنتيجة هي تجربة تجمع بين كلٍّ من الواجهات البصرية، والطبيعية أو المكانية، والتقليدية مما يتيح تجربة متعددة الحواس.
ربما لا يزال لدينا الكثير لنتعلمه عندما يتعلق الأمر بالتفاعل الفعلي بين الإنسان والآلة والعكس، فتجربة المستخدم ومهارات تصميم الواجهة على وشك التغيير جذرياً، ولكنها في النهاية يجب أن تتسم بالثقة والأمان والخصوصية عند الحاجة.
مخطط ارتباط العميل بالماركة
الشيء المثير للاهتمام حول «الميتافيرس» هو أن التكنولوجيا التي تدعمه ليست جديدة، بل إنها فقط تتطور وتصبح أكثر سهولة في الوصول إليه وبأسعار معقولة؛ و«مخطط الارتباط» هو منهجية فعالة لتخطيط وتصميم «فن الممكن»؛ حيث تتضمن العملية النظر في كل لحظة خلال رحلةٍ ما لمعرفة ما هي التجربة التي سيعيشها المستخدم الآن، والتفكير في كيف يمكن للتقنيات المكانية ثلاثية الأبعاد الآنية الجديدة تحسينها.
وإذا أخذنا كمثال اتصال مستهلك بمركز اتصال دعم العملاء؛ فالعميل لا يرى تصميم الخدمة من وراء الكواليس كقائمة الهاتف والموسيقى المعلقة إلى أن يتم الرد عليه ويتحادث مع ممثل خدمة العملاء. تم وضع كل هذه العناصر في الحسبان وقد يكون لها الآن تأثير على العلامة التجارية بطريقة تختلف تماماً عما كانت عليه عندما تم إطلاقها لأول مرة؛ حيث يعطي مخطط الارتباط نظرة جديدة للتجربة لتفهم ما يشعر به العميل أو الموظف حول العلامة التجارية أثناء تقديم خدمة الدعم، فعلى سبيل المثال تؤثر فترات الانتظار الطويلة تأثيراً سلبياً على آراء العملاء بشأن العلامة التجارية (المنتج أو الشركة)، ويخلق التجاوب البطيء ضغوطاً على موظفي الخطوط الأمامية.
ومن خلال مراجعة مجموعة من التقنيات والعمليات والتدريب التي تخلق تلك التجربة يمكن للمخطط أن يحدد مجالات التحسين لخلق تجربة أفضل لكلٍّ من الموظف والعميل، خلال رحلة الخدمة ويتشكل لدى العميل انطباع إيجابي عن العلامة التجارية ويظل مدافعاً مخلصاً عنها.
وعلى نحو متزايد ستوفر تجارب «الميتافيرس» حلولاً لهذه المشاكل، ومثال على ذلك يمكن للعميل التفاعل مع نموذج ثلاثي الأبعاد آني للمنتج، من خلال بوابة مساعدة تابعة للشركة لتحديد المشكلة قبل التحدث إلى أحد ممثلي خدمة العملاء، وبعد ذلك يمكن للموظف أيضاً رؤية نموذج المنتج في حد ذاته لإرشاد العميل خلال عملية استكشاف الأخطاء وإصلاحها، وهي عملية يسهل التنقل فيها وهي أكثر فاعلية من المحادثة الهاتفية الاعتيادية.
تذليل الصعوبات
بالإضافة إلى تحسين تفاعلات الخدمة للعملاء والموظفين يمكن للحلول المستندة إلى «الميتافيرس» دعم التدريب بصورة أكثر فاعلية/ وكذلك الخدمة الميدانية والمبيعات؛ ففي العديد من المجالات تفقد الشركات جزءاً كبيراً من قوتها العاملة، بسبب بلوغهم سن التقاعد، وبذهابهم يذهب معهم الكثير من المعرفة المؤسسية.
ولتحتفظ الشركة بتلك المعرفة وتنظمها وتقدمها للموظفين الذين يحتاجون إلى تلك المعلومات للعمل بكفاءة أكبر يمكن أن تساعدها تجارب الواقع الافتراضي والواقع المعزز-باستخدام سماعات الرأس والنماذج ثلاثية الأبعاد وردود الفعل اللمسية- على التقاط تلك المعرفة والحفاظ عليها ومشاركتها دون الاعتماد على تفاعلات تدريب فردية مملة؛ لأن استخدام الواقع الافتراضي لأغراض التدريب يساعد الموظفين على الاحتفاظ بمعرفة أكثر بنسبة 75%.
وبمجرد تلقي التدريب يمكن لفني الخدمة أن يعمل بكفاءة أكبر من خلال الوصول إلى الرسوم التخطيطية للمنتج وغيرها من تجارب الواقع المعزز، وكل هذا يقلص وقت المكالمات، ما يرفع من مستوى رضا العملاء، ويُسهم في الاحتفاظ بالموظفين. بالإضافة إلى ذلك يمكن لهذه الحلول أن تساعد في مجال المبيعات الميدانية.
ربما يبدو فهم كيفية تحقيق أقصى استفادة من «الميتافيرس» أمراً معقداً بعض الشيء، لكنه يتبع نفس نهج أي تطبيق تقني آخر؛ فقط يجب أولاً التجربة، وبدايةً تطبيق الابتكار المنظم التقليدي، وتحديد حالات استخدام الأعمال المرشح لحلها. بعد ذلك وضع مخطط للعملية المتضمنة لفهم كيفية تجربة العملاء والموظفين لها، ثم التفكير بطريقة إبداعية في كيفية الاستفادة من التقنيات الحالية الجديدة، والجمع بينها لتحسين التجربة. وأخيراً متابعة التقنيات الناشئة للتمكن من إعادة النظر في العملية أثناء تطور الميتافيرس الذي تتطور معه توقعات العملاء والموظفين.
زاجل نيوز