تعيش الساحة العراقية حالة من الغليان السياسي والشعبي، على خلفية القصف الذي طال منتجعاً سياحياً في محافظة دهوك في شمال العراق، حمّلت بغداد مسؤوليته لتركيا، وأسفر عن سقوط 9 قتلى و22 جريحاً، في حدث ينذر بمزيد من تفاقم الأزمة بين البلدين.
زاجل نيوز، ٢٢، تموز، ٢٠٢٢ | عربي دولي
ووفق صحف عربية صادرة اليوم الجمعة، اندلعت بوادر خلاف دبلوماسي بين أنقرة وبغداد، بعد الهجوم التركي على منتجع دهوك، فيما شيّع العراقيون بغصب وحزن ضحايا القصف ودخلت البلاد في حداد وطني، في وقت دعا نوري المالكي إلى قيام حرب أهلية جديدة في العراق، يعتقد أنها ستحسم النزاع بينه وبين مقتدى الصدر.
حداد رسمي وإدانات واسعة
وفي السياق، أفادت صحيفة “الشرق الأوسط”، بأن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أعلن الحداد الرسمي في البلاد تعبيراً عن حزنه وأسفه على ضحايا القصف في منتجع دهوك في شمال العراق، مؤكداً المضي بالدفاع عن العراق وردع أي محاولة للمساس بسلامة أرضه، كما استدعت وزارة الخارجية السفير التركي وسلّمته مذكرة احتجاج شديدة اللهجة، طالبت فيها أنقرة بسحب قواتها من أراضي العراق.
وأصافت الصحيفة، أن “الخطوات الدبلوماسية التي أقدمت عليها بغداد وإدانة الحكومة ومعظم الشخصيات الرسمية الحادث بأشد العبارات، فشلت في امتصاص حدة الغضب الشعبي العارم الذي أعقب الحادث”، إذ “اشتعلت معظم منصات التواصل العراقية بانتقادات شديدة للسلطات أو لأحزابها السياسية، وحمّلها معظم المعلقين مسؤولية الاعتداءات المتكررة منذ سنوات، بالنظر لتهاونها في حماية حدود البلاد وعدم قيامها بردع أنقرة عن القيام بالأعمال العسكرية داخل الأراضي العراقية بذريعة محاربة حزب العمال الكردستاني المعارض، إلى جانب احتفاظها بقوات عسكرية ثابتة داخل العراق”.
وفي حين أثار الحادث تداعيات سياسية إقليمية ودولية من خلال الإدانات الواسعة له، فإن فورة الغضب الشعبي مازالت مستمرة، حيث خرج المئات، أول من أمس، في مظاهرة أمام السفارة التركية في بغداد وأنزلوا العلم التركي، ويتوقع أن تستمر المظاهرات في الأيام القليلة المقبلة.
دعوات ضغط ونفي تركي
ومن جانبها، قالت صحيفة “الجريدة” الكويتية، أن سياسيين عراقيين أطلقوا دعوات للضغط على الكاظمي من أجل اتخاذ مواقف أقوى ضد العاصمة التركية، وقال عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية، حيدر السلامي، إن “العراق يمتلك الكثير من خيارات الردع لإيقاف التدخل والقصف التركي، منها التبادل التجاري”، مشيراً إلى ضرورة ايجاد حل “لنشاط المعارضة التركية داخل العراق، لأنها أصبحت سبباً في قتل أبناء الشعب العراقي”.
وفي المقابل، جددت السلطات التركية رفضها الاتهامات باستهداف المدنيين في كردستان، ودعوتها بغداد إلى التعاون من أجل الوصول إلى الجناة الحقيقيين، وفق ما ذكرته الصحيفة الكويتية.
ودافع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن موقف بلاده، أمس، بالقول إن “المعلومات المؤكدة تفيد بأن القوات المسلحة التركية لم تنفذ أي هجوم ضد المدنيين في محافظة دهوك العراقية”.
وذكر أن أنقرة أعلنت استعدادها للتعاون مع السلطات العراقية بشأن الهجوم، معرباً عن رفضه للتصريحات الرسمية وغير الرسمية التي تستهدف بلده قبل اتضاح حقيقة الأمر وملابساته.
وأكّد أوغلو أن وقوع مثل هذه الحادثة يثير التساؤل في ظل تحسُّن العلاقات التركية العراقية وتحقيق نجاح في مكافحة الإرهاب، لافتاً إلى قيام السفارة التركية بتنكيس علمها، للمشاركة في الحداد العراقي على أرواح الضحايا والمصابين.
دور إيراني
وفي ذات الشأن، تساءل تقرير لموقع “الحرة”عن ما ستشهده العلاقات في المرحلة المقبلة بين بغداد وأنقرة.
وفي التقرير، يرى عبد السلام برواري النائب السابق في برلمان كردستان عن “الحزب الديمقراطي الكوردستاني” أن “أفضل حل ميدانياً هو أن تتحرك قوى حرس الحدود بالتنسيق مع إقليم كردستان، وهذا ما يمنع تركيا من ذريعة حماية الحدود”. بالتزامن مع ذلك “يجب أن يتم الضغط على حزب العمال ليترك المنطقة”، وفق برواري.
وبينما أكدت أنقرة نفيها للاتهامات العراقية الموجهة لها، اتخذت أوساط مقربة من الحكومة (صحفيين ومحللين وباحثين) خطاً موازياً، حيث ألمحوا إلى ضلوع ميليشيات تدعمها إيران بالوقوف وراء حادثة القصف.
وبدوره، ألمح المحلل السياسي المقرب من الحكومة التركية يوسف ألاباردا، إلى أصابع إيرانية تقف وراء ما حدث.
فيما، تقول المحللة السياسية، كارولين روز، لموقع “الحرة”، إن “التحقيق سيكون مفتاحاً لتحديد الجاني، خاصةً ما إذا كان الهجوم قصفاً مدفعياً (حيث توجد فرصة أكبر لحدوث خطأ) أو غارة جوية”، مضيفةً “لقد رأينا مجموعات ميليشيات أشباح (أصحاب الكهف) و(ثأر المهندس) تعلن مسؤوليتها عن الضربة المستمرة على منشأة عسكرية تركية في أعقاب الهجوم في دهوك”.
وتتابع: “لذلك من الواضح أن هناك توترات متصاعدة بين تركيا وإيران، والميليشيات المدعومة من الأخيرة”.
ويشير الباحث السياسي العراقي، مجاهد الطائي إلى أن “هناك خلافات معقدة بين الجانب العراقي والتركي حول المياه والأمن والطاقة، وأنه وفي كل مرة يحدث تصعيد سياسي أو أمني أو دبلوماسي، لانعدام الحلول الحقيقية وضعف الدولة العراقية”.
لكنه يضيف أن “التصعيد العسكري بضرب مدفعي وليس عبر المسيرات والأسلحة الذكية كان مفاجئا”.
زاجل نيوز