تسجيل الدخول

ومن الحب ما سجن.. قصص سجينات قتلن بدافع العشق!

زاجل نيوز27 يناير 2018آخر تحديث : منذ 7 سنوات
ومن الحب ما سجن.. قصص سجينات قتلن بدافع العشق!

941853698 - زاجل نيوز

خلف أبواب موصدة، اختلفت القصص والأسباب لكن النتيجة واحدة، نساء سجينات الذكريات والأحلام، يحاصرهن الندم ويعتصرهن الألم، أسمى أهدافهن “الحرية” واستعادة حياتهن التي سلبت منهن بسبب خطأ ارتكبنه عن قصد أو عن جهل. في عنبر النساء بسجن عكاشة أكبر السجون المغربية، اجتمعت نساء من فئات عمرية مختلفة وفئات اجتماعية متفاوتة وجدن أنفسهن محبوسات بين جدران تخترقها أشعة الشمس باحتشام. ” انتقت قصصا لسجينات القاسم المشترك بينهن أنهن ارتكبن جريمة القتل بدافع الحب أو بسببه، راح ضحيتها الشخص الذي رق قلبهن له ذات يوم.

جلست مطأطأة الرأس ودمعتها حبيسة جفونها، ظلت على تلك الحال لمدة غير يسيرة، ثم رفعت رأسها ورسمت على شفتيها ابتسامة مجتزأة. يبدو أن مجرد معرفتها سبب قدومنا، جعلها تسترجع ذكريات مرت عليها سنين طويلة، لكنها لازالت منحوتة في ذاكرتها وداخل فؤادها. قالت بصوت خافت “سأحكي لك قصتي كما هي، لكن اعذرني إن تلعثمت في الكلام فكلما حاولت استحضار تلك التفاصيل أتوقف عن التفكير”.

قبل ست سنوات، كانت فاطمة (اسم مستعار)، تحلم كباقي بنات عمرها بالفارس الذي سيخطفها على حصانه الأبيض، ويأخذها إلى جنة الحب الخالدة. انقطعت عن الدراسة بعد فشلها في الحصول على شهادة الباكالوريا، فذهبت للعمل رفقة شقيقها الذي يعمل كموثق في مدينة الصويرة. لم تكن تتوقع أن عملها هذا الذي حقق لها الاستقرار يوما سيكون سببا في قضاء زهرة شبابها وراء القضبان.

تضحية في سبيل الحب!

كانت حياة فاطمة مقتصرة على عملها والتزاماتها الأسرية، إلى أن تعرفت على أحد الشباب قابلته في مكتب شقيقها، استلطفها واستلطفته، فبدآ يقتربان من بعضهما البعض، إلى أن ربطتهما علاقة حب قوية، وهو ما جعل الشاب يحدث شقيقها في موضوع ارتباطها. “شقيقي وافق على زواجنا، وحدد موعدا خطبتنا، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان جعلنا نعدل من كل خططنا، إذ تم قبوله في إحدى الوظائف العمومية، لكن مكان التعيين كان في مدينة بعيدة على الصويرة”، تقول فاطمة، وتضيف “طلب مني إخبار الأسرة بتأجيل موعد خطبتنا إلى حين عودته وهو ما قمت به”.

مرت الأيام والشاب يظهر شهرا ويختفي شهورا، يكلمها نادرا، وفي كل محادثة يقدم أعذارا بالجملة لتأجيل الخطبة، لكن بعد مرور مدة طويلة على هذه الحال، تبين لها ولأسرتها أنه سيكون صرف النظر عن الارتباط بها. حاولت تجاوز الأمر والعودة لحياتها السابقة، لكن الأقدار كانت تخبئ لها عريسا آخرا.

عدلت من جلستها، وأدخلت بعض الشعيرات التي تطل من تحت حجابها، وقالت “في تلك الفترة التي انقطع فيها الوصل بيني وبينه، شغل شقيقي معه شابا ذا مظهر حسن وأخلاق رفيعة، أعجب بي، وطلبني للزواج من أخي، وأنا وافقت مبدئيا على أساس أن تكون هناك فترة تعارف لننسجم قليلا”، وتسترسل “لكن رغم سعادتي بخطيبي الثاني، لكن كان دائما هناك حضور لحبيبي لأول، كان هناك صوت داخلي يقول لي إنه سيعود مجددا إلي”.

بالفعل ذلك ما حصل، بعد مدة عاد حبيبها إلى المدينة باحثا عنها، لكنه صدم من خبر خطبتها، حاول التواصل معها، وعاتبها على تصرفها واستبداله بغيره، ورغم أن قلبها رق له، لكنها رفضت دعوته لها لترك خطيبها والعودة إليه. “بعد ذلك اللقاء أصبح يتعقبني، أجده في كل مكان أذهب إليه، أصبح كظلي، كان هاجسي الوحيد الخوف من أن يصل الخبر إلى خطيبي، كنت أصده رغم حبي له”، تقول فاطمة.

التفاصيل الأكثر مأساوية ابتدأت منذ آخر لقاء لهما، تسترجع فاطمة تفاصيل ذلك اليوم وأعينها غرقت في دموعها، “كان يوم عطلة، طلبت من خطيبي أن نخرج للفسحة في مكان بعيد عن أجواء المدينة الصاخبة، وهو ما تم فعلا، كان المكان جميلا، الأشجار مصطفة كعقد لؤلؤ، الزهور جعلت من الحديقة لوحة زيتية تسر الناظرين، كنت مشدوهة من المكان الذي أنا فيه”، لتضيف “اتخذنا مقعدا بالقرب من سقاية الماء، وأخذنا نتحدث عن مستقبلنا وحياتنا، لكن فجأة وقعت عيني على ظل رجل أعرفه، رفعتها وجدته هو رفقة أحد أصدقائه. “الأحداث كانت تمر بسرعة، كل ما أتذكره أنه شتمني وشتم خطيبي بأفظع النعوت، وهو ما تسبب في نشوب شجار بينهما، انتهى بضرب هذا الأخير لخطيبي بحجر على رأسه أرداه قتيلا”.

تردف فاطمة: “سقوطه على الأرض غارقا في دمائه جعلنا أدخلنا في صدمة، كان يردد “لم يكن في نيتي قتله.. لم يكن في نيتي قتله”، كانت مشاعري مختلطة، حزني على خطيبي وخوفي على حبيبي، بعد مرور فترة، بدأنا نفكر ونبحث عن حل للموضوع، وجدت نفسي في الوسط، لكنه شدد على أني سبب كل شيء، وعلي أني أتحمل جزءا من المسؤولية، وبعد طول تفكير اقترح علينا أنا وصديقه أن نتحمل مسؤولية الجريمة وهو سيدعمنا ولن تكون الأحكام قاسية”.

نجحت خطة الإقناع هذه، وبحسب فاطمة، فإن الشاب، وبعد إلحاح، “أقنع صديقه بتحمل وزر الجريمة، على أساس أن صديقه كانت له علاقة سابقة معي ووجدني أخونه مع الشخص المقتول. صديقه وافق لأنه يعزه ويعرف مدى حرصه على الحفاظ على وظيفته وله نفوذ، بعدها أقنعها هي الأخرى بمسؤوليتها في الحادث، لكن طمأنها على أنها إن اعترفت بمشاركتها في الجريمة سيخرجها براءة، “وافقت حبا فيه وخوفا عليه”.

بعد الاتفاق على سيناريو الجريمة، عادت لبيتها دون أن تنبس ببنت شفة، “كنت جاهزة لاستقبال قدري، ارتديت جلبابي وودعت أمي وجلست أنتظر قدوم الشرطة”، تحكي المتحدثة، وتضيف “مشاعري كانت مختلطة بين الخوف والحزن والندم، لكن كومة هذه الأحاسيس ستتوقف فور سماع جرس الباب والمناداة باسمي”٠

فاطمة التي حكمت عليها المحكمة بـ 20 سنة حبسا نافذا قضت منها 6 سنوات، لأول مرة تبوح بتفاصيل الجريمة لشخص غير نفسها، وفق ما أكدته، “حتى حين كان يزورني في السجن قبل أن ينقطع عن ذلك، كنا نتفادى الحديث في تفاصيل ذلك اليوم”، وتتابع “لو كان الزمن يعود بي إلى تلك الأيام، لكنت فضلت أن أعيش لوحدي ولن أتعرف على أي شخص، سأكون كاذبة إن قلت إني غير نادمة على قرار سجني بدله وهو يتمتع بالحرية”٠

وتختم فاطمة روايتها بالقول: “لسنوات وأنا أخلد للنوم بالمهدئات، كل ما أفكر فيه والدتي وشقيقي، لا أعتقد أني بعد انقضاء مدة حبسي سأستطيع مواجهة المجتمع ثانية”.

الطمع قتل الحب

كانت حياتها مختلفة نوعا ما عن باقي بنات جيلها، فهي الابنة الوحيدة لأب وأم يتاجران في المخدرات، يقطنان معها في نفس المدينة لكن في منزلين منفصلين، أدمنت المخدرات “الهروين” في سن المراهقة، وتعودت على الخروج والسهر والعودة متأخرة للمنزل، دون أن يحاسبها أي أحد، كانت متعثرة في دراستها وتعيش في عزلة عن العالم، كانت تفعل كل ذلك هربا من واقعها على حد قولها.

ياسمين (اسم مستعار) شابة تبلغ من العمر 26 سنة، ذات ملامح طفولية وعينين عسليتين، تستعيد تفاصيل الحادث الذي رما بها وراء القضبان وهي لم تتجاوز بعد 17 سنة، قائلة “كانت جل صداقاتي مع الأشخاص الأكبر مني سنا، وكانت لي صديقة تكبرني بأزيد من عشر سنوات كانت مطلقة وأما لطفلين، عن طريقها تعرفت على أحد الشباب أحببته وجمعتنا علاقة عاطفية”، تجفف دموعها التي لم تتوقف منذ دخولها للقاعة، وتضيف “كنا نسهر كل يوم، كان مدمنا مثلي، وفي بعض الأحيان كنت أقضي عنده أياما دون أن أثير انتباه أحد من أفراد أسرتي”.

في أحد الأيام طلبت منها صديقتها أن تذهبا عنده إلى مدينة أكادير، تقضيان معه أياما في بيته وتعودان إلى مدينتهما، “وهو ما وافق عليه حبيبي دون تفكير، فسافرنا إلى هناك”، قضوا ليالي ماجنة من سهر ورقص وسكر ومخدرات، لم تكن تتوقع أن إحدى هذه السهرات ستنتهي بمأساة، فصديقتها لم يكن هدفها قضاء وقت ممتع وانتهى، بل كانت تخطط لأشياء أخرى.

“في اليوم التالي، بدأت صديقتي تقنعني بأن نسرق كل ما هو نفيس في هذه الفيلا ونهرب، كنت مترددة في بادئ الأمر، لكن إصرارها جعلني أتبع شيطانها”، تصمت لبرهة تأخذ نفسا ثم تكمل باقي قصتها، “خططنا للعملية، على أساس أن نجعله يسكر حتى يغيب عن الوعي وبعدها نأخذ كل ما نريد ونرحل”.

كانت الساعة تشير إلى العاشرة مساء، جلس الثلاثة وسط المنزل يحتسون النبيذ، كانت الفتاتان تدعيان السكر، إلى أن أحسا أنه يكاد يغيب عن الوعي، فنهضتا لينفذا خطتهما، بالفعل جمعتا كل ما يمكن سرقته ووضعتاه في حقيبة وقصدتا الباب، لكن المفاجأة أن الشاب اكتشف فعلتهما، ووجداه ينتظرهما عند الباب، حاولتا الهرب منه، لكنهما لم يفلحا، فدخلتا في شجار معه، جعلهما يتفقان عليه مرة أخرى ويقتلانه.

قتلتا الشاب، وهربتا إلى محطة الحافلات، ركبن أول حافلة متوجهة إلى مدينتهما، “كنت خائفة، لم أكن أريد قتله حتى وجدت نفسي في ذلك الموقف، كنت متأكدة أن الشرطة ستعثر علينا بسهولة، عند وصولي قصدت بيت والدتي، دخلت وعانقتها وصرت أبكي دون توقف، كانت تسألني عن سبب بكائي لم تكن لي القدرة على أن أرد على أسئلتها”.

مرت أيام، تم إلقاء القبض على صديقتها، في ذلك اليوم حسب حكيها، كانت تنام في حضن أمها، إلى أن سمعتا جرس الباب، في بادئ الأمر اعتقدت والدتها أن الشرطة تريدها هي، لكن اكتشفت فيما بعد أن فلذة كبدها هي المطلوبة، “ذلك اليوم كان الأصعب في حياتي، والدتي انهارت أمامي، الحي كله يراقبني ويشمت في، والدي مصدوم من المشهد، تمنيت لو كنت أنا القتيل حتى لا أعيش ذلك الموقف”.

“مرت سبع سنوات على تواجدي هنا، والدي توفي، ووالدتي لم تتحمل الصدمة، فقدت أعصابها وهي الآن ترقد في مستشفى الأمراض العقلية، كل شيء جميل في حياتي رحل، وأصبحت وحيدة”، تشرد لدقائق، تعدل من جلستها، وتسترسل، “بالفعل تعلمت أشياء كثيرة في هذه المؤسسة، تعالجت من الإدمان، وحصلت على دبلومات، لكن كل ذلك لا يطفئ شعلة الحزن والقهر على شبابي الذي ضاع وأنا مسجونة بـ20 سنة حبسا”.

غسل للعار!

بدأت قصة إيمان “اسم مستعار”، بوفاة والديها، مما جعلها تنتقل للعيش مع شقيقتها المتزوجة في مدينة مراكش، كانت تبلغ آنذاك 13 سنة، في بيت شقيقتها كان يعيش أخ زوجها معهم تحت سقف واحد، كان هذا الشاب دائم التحرش بها، إلى أن وصلت جرأته ذات يوم مستغلا تواجدها في البيت لوحدها واغتصبها، كان لهذا الحادث وقع كبير على حياتها، علمت أختها بالخبر، لم تكن تدري ماذا ستفعل إن وقفت في وجهه سيخسر زواجها هي أيضا، فقررت أن تصمت وتخفي حقيقة أختها.

إحساس شقيقتها بالذنب جعلها تبحث لأختها الصغرى عن عريس، يتفهم وضعها، ويستر ضعفها، وهو ما تم فعلا، فبعد مرور سنتين عن ذلك الحادث، تقدم شاب قريبهم لخطبة إيمان، “كانت سعادتي لا توصف، لكن كان لدي هاجس واحد كيف سأخبره بالحادثة”، خوف إيمان لم يطل، فأختها تكلفت بالأمر وأخبرت الشاب بقصة أختها، لكنها لم تخبره بسبب فقدانها لعذريتها، الشاب تقبل الوضع، “عند سؤاله لي عن السبب أخبرته أن ذلك الحادث وقع لي في المدرسة”.

مرت الأيام كانت، تعيش إيمان في سعادة رفقة زوجها إلى أن جاء يوم وتشاجر زوجها مع شقيق زوج أختها الذي اغتصبها، تزايدا في الكلام، فقال الآخر لزوجها وهو يستهزئ به، “تزوجت شياطة ديالي”، زوجها لم يفهم ما قصده، لكنه اشتعل غضبا من ذلك الكلام، حيث عاد للبيت مسرعا، واستفسرها عن طبيعة العلاقة بينها وبين ذلك الشاب فأخبرته بالحقيقة الكاملة، “عاتبني كثيرا على كتماني للقصة، لكن كنت خائفة”.

زوجها تغير بشكل كبير منذ تلك الحادثة، وكان دائما يهدد بقتله والانتقام لشرفه، مرت الأيام إلى أن وصل يوم زفاف شقيق زوج أختها، جهزت نفسها وأختها وذهبا للحفل، زوجها كذلك كان حاضرا، لكن ما لم يكن في الحسبان أن يتحول ذلك الزفاف إلى جنازة مثلما يقع في المسلسلات العربية، دلف زوجها المقهور إلى قاعة الحفلات، قصد العريس سلم عليه وبارك له الزواج وقبل نزوله من المنصة طعنه بسكين في قلبه فأرداه قتيلا.

“صدمت كباقي الضيوف، لم أكن على علم بما يخطط له زوجي، لكن بعد تسليمه لنفسه، أخبر الشرطة على أني شريكته في الجريمة”، تجفف دموعها وتردف، “لو كنت أريد أن أقتله لكنت فعلت ذلك يوم اغتصبني وحول حياتي لجحيم، عند مواجهتي مع زوجي، أخبرني أن سبب اتهامه لي هو خوفه من أن يذبل هو في السجن وأن أبدأ أنا حياة جديدة”.

إيمان التي حكمت بـ 30 سنة أمضت منها الثلث، تحاول جاهدة أن تغير حياتها، بعد حصولها على عدد من الدبلومات في الخياطة وإعداد الحلويات، عادت قبل سنوات إلى مقاعد الدراسة، وهي تحضر الآن لشهادة الباكالوريا حرة، “ظلمت بوضعي في هذا المكان وأنا بنت 16 سنة، لكني قررت أن أحول سجني إلى جنة، وأن أكافح إلى أن يأتيني الله بالفرج”، وتضيف وهي تبتسم “رفعت دعوى الطلاق، وسأنتهي منه قريبا، وسألتفت إلى مستقبلي في انتظار أن أعانق الحرية من جديد”.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.