أكد عبدالرحمن محمد بحر وكيل وزارة شؤون الإعلام أهمية تعزيز الشراكة بين المؤسسات الإعلامية والتعليمية والثقافية الخليجية في ترسيخ الهوية العربية والإسلامية، وتكريس قيم المواطنة والتسامح، وتعزيز مسيرة التعاون والانتقال نحو الاتحاد الخليجي كنواةٍ فاعلة للوحدة العربية المنشودة، وخيار استراتيجي لتعزيز القدرات الخليجية والعربية على مواجهة التحديات كافة.
وأشار في كلمته أمام الملتقى الإعلامي الأول للجامعة الخليجية حول «الإعلام وتحديات الخليج العربي» الذي عقد بمقر الجامعة تحت رعاية علي بن محمد الرميحي وزير شؤون الإعلام، إلى حرص الوزارة على توطيد الشراكة مع الجامعات الوطنية في النهوض بالرسالة الإعلامية، بما يواكب مسيرة المنجزات التنموية والحضارية المتواصلة خلال العهد الزاهر لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى.
ونوه وكيل وزارة شؤون الإعلام نائب راعي الملتقى، إلى أهمية هذا المنتدى الإعلامي في ظل ما تتعرض له أمتنا العربية من استهداف لهويتها الثقافية والحضارية، وتهديدات لأمنها القومي من أعمال عنف وإرهاب، وتنامي خطابات الكراهية، وتدخلات خارجية في شؤونها الداخلية تسعى إلى زعزعة استقرارها، وتشويه صورتها، وجرها إلى حروب طائفية أو طمس ملامح الدولة المدنية الحديثة، وتأثيراتها على المسيرة التنموية.
وشدد على أن هذه التحديات تفرض على جميع وسائل الإعلام تحمل مسؤولياتها القومية والأخلاقية، من خلال احترامها لآداب المهنة، والتزامها بالتشريعات والمواثيق الإعلامية في تحري الدقة والموضوعية والأمانة، وحفاظها على الهوية الثقافية، ودعم التنمية المستدامة، ونشر قيم التسامح والوسطية، وتعميق روح المواطنة، ونبذ الدعوات المثيرة للكراهية الدينية أو الطائفية أو العنصرية أو المحرضة على التطرف والإرهاب؛ فضلاً عن توضيح الحقائق في مواجهة حملات التضليل والتشويه الإعلامي.
وأشار إلى حرص مملكة البحرين الدائم بقيادة صاحب الجلالة الملك المفدى، وفي مختلف المحافل الإقليمية والدولية على الارتقاء بدور الإعلام في نشر قيم السلام والتسامح، ونبذ التطرف والإرهاب، وترسيخ مبدأ سيادة القانون، وتهيئة الأجواء الآمنة أمام مواصلة مسيرة التنمية المستدامة، ومبادراتها لتعزيز العمل الإعلامي الخليجي والعربي المشترك، وتفعيل التحرك الجماعي في مواجهة الحملات المضادة، ووضع آلية لوقف بث القنوات الفضائية المسيئة أو المحرضة على الكراهية والإرهاب، بالتوافق مع ميثاق الشرف الإعلامي العربي والمواثيق الدولية.
وأعرب عبدالرحمن محمد بحر وكيل وزارة شؤون الإعلام عن تقدير مملكة البحرين واعتزازها بالمواقف الإعلامية الخليجية والعربية المشرفة في دعمها لأمنها واستقرارها، ومساندتها لمسيرتها التنموية والديمقراطية، وتضامنها مع التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة لترسيخ الشرعية في اليمن ومحاربة الإرهاب، ورفض التدخلات الخارجية في شؤوننا الداخلية.
من جانبه حذر د. مفيد شهاب أستاذ القانون الدولي ووزير الشؤون القانونية الأسبق من أن الإرهابيين يسعون إلى الاستئثار باهتمام وسائل الإعلام ومتابعة الرأي العام والسياسيين، حتى أنه أصبح مبررا لوجود الإرهاب بل العامل الأساسي لتعزيزه إلى الدرجة التي لم يعد هناك قيمة للإرهاب في غياب التغطية الإعلامية، لافتا إلى أن هناك دراسات وبحوثا أشارت إلى أن التغطية الإعلامية لظاهرة الإرهاب تخدم بطريقة موازية هدف الإرهابيين في تحقيق الإشهار الإعلامي لعملياتهم وأن الحركات الإرهابية تعتبر مدى نجاح تغطية وسائل الإعلام لجرائمها مقياسا مهمًّا لفعلها الإرهابي.
وذكر أن هناك بعض قنوات ووسائل الإعلام بطريقة مباشرة وغير مباشرة في تنشر الأفكار الإرهابية عبر تكرار الصور المرعبة، محذرا من أن الخطير في الأمر أن مقاطع الفيديو والصور الدموية أصبحت وسائل لتجنيد الشباب الذين يسهل التغرير بهم، والمهيئين لغسل أدمغتهم، ولعل أخطر ما في إدمان مقاطع العنف أن الشخص قد يصل إلى مرحلة عدم الاكتفاء بالمشاهدة، بل يبحث عن التطبيق وممارسة العنف والوحشية.
وأكد د. مفيد شهاب أن الإعلام يعتبر من أهم وسائل التنظيمات الإرهابية حاليا لتجنيد العملاء واكتساب الأنصار عبر غسل الأدمغة، وترويج أفكار ضالة بصناعة مواد إعلامية مزيفة، وفبركة صور وفيديوهات ومواد أخرى، منوها بأن البعض يرى أن المعالجات الإعلامية للأحداث الإرهابية هي شريان الحياة للإرهاب، وأن مقاومة الإرهاب تتطلب حرمان الإرهابيين من الوصول إلى وسائل الإعلام باعتبارها الرئة التي يتنفس بها الإرهاب.
وتطرق وزير الشؤون القانونية الأسبق إلى أن الأحداث الإرهابية الأخيرة كشفت عن أن الإنترنت قد أصبح طعم تنظيم داعش لاصطياد الشباب، وتعتبر مواقع التواصل الاجتماعي من بين أهم الوسائل التي تستخدمها التنظيمات الإرهابية لتحريض الشباب على الإرهاب، لافتا إلى أن عدد حسابات داعش على مواقع التواصل الاجتماعي تبلغ 46 ألفا، وعدد التغريدات المبعوثة منها تصل إلى 200 ألف تغريدة أسبوعيا.
وأوضح أن التناول الإعلامي لظاهرة الإرهاب شابته بعض الاختلالات وخاصة أن إفشاء المعلومات من شأنه أن يهدد الأمن القومي ويتسبب في فشل بعض العمليات الأمنية.
وطالب د. مفيد شهاب وسائل الإعلام بتبني منهجية علمية عند تغطيتها للظاهرة الإرهابية بهدف بناء تيار مستمر من الوعي والإحاطة والفهم وتحصين الجماهير ضد التأثر بالفكر الإرهابي وحث الجماهير على التعاون مع الأجهزة المعنية بمكافحة الظاهرة الإرهابية، وذلك من خلال مرحلتين، الأولى وقائية، ومرحلة الضبط والمواجهة الميدانية، مشددا على أن المواجهة للإرهاب تتطلب شراكة مجتمعية في الداخل وشراكات والتزامات في الخارج، حيث لا يجب أن يقف المواطنون كمتفرجين ويتركون السلطة تواجه الإرهاب وحدها.
واختتم د. شهاب محاضرته مؤكدا أن مواجهة الإرهاب لا يمكن أن تكون أمنية فقط، مشيرا إلى أن التنظيمات الإرهابية تستخدم الدين لاصطياد الشباب، وتستغل الإعلام لإظهار عملياتهم على أنها عمليات بطولية، مشددا على أن الإعلام عليه مسؤولية مشتركة مع مختلف أجهزة التوعية والتربية.
وأشار د. عايد المناع مستشار جمعية الصحفيين الكويتية، إلى ما تقوم به إيران من إرهاب دولة من خلال ممارستها التحريضية لتأجيج الطائفية في عديد من دول المنطقة، وذلك من أجل تحقيق أغراضها التوسعية، مشددا على ضرورة وجود وقفة وطنية صادقة تحول دون استغلال إيران لأي من الجماعات الداخلية.
وقد أصدر الملتقى عددا من التوصيات في ختام فعالياته تضمنت المطالبة ببناء استراتيجية إعلامية خليجية موحدة بالتنسيق مع المستويين العربي والدولي للتعامل مع الإرهاب إعلاميا وفكريا، وتأسيس مرصد إعلامي خليجي لتقييم أداء الإعلام الخليجي في معالجات الأحداث الإرهابية والأفكار المتطرفة، كما دعوا إلى الاستفادة من الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب.
وطالبوا بتأهيل الإعلاميين في الخليج العربي عبر برامج متخصصة في التعامل مع الأحداث الإرهابية وأساليب التغطيات الصحفية والإعلامية، مع تقييم خطاب ديني يفند مزاعم الأفكار المتطرفة التي تصور هذه العمليات على أنها أفكار جهادية، مع مخاطبة الجمهور غير العربي بخطاب إعلامي وديني يناسب عقليته وثقافته، وهو ما يتطلب وجود وسائل إعلام عربية دولية تتحدث باللغات الأجنبية، مع توظيف الكفاءات الخليجية والعربية في الخارج لدعم الخطاب الديني المعتدل وخدمة السلام والاستقرار بالخليج العربي.
ونادوا بإنشاء مركز إعلامي متخصص في الاقتصاد الخليجي يعنى بخلق الاقتصاد المعرفي والإعلام المعرفي لتحقيق التنمية المستدامة، مع تأهيل دارسي الاقتصاد بالفنون الإعلامية المختلفة، والتفكير في إنشاء أقسام جديدة للإعلام الاقتصادي.
من جانبه أكد د. مهند المشهداني رئيس الجامعة الخليجية أهمية انعقاد الملتقى في ظل التحديات التي تواجه المنطقة، ومن أجل تسليط الضوء على دور الإعلام في مواجهة هذه التحديات، من خلال مشاركة العديد من الخبراء ذوي الاختصاص للإسهام في دفع عجلة البحث العلمي نحو الأمام لتحقيق رؤية مجلس التعليم العالي في مملكة البحرين التي أضحت مركزا للتعليم العالي في المنطقة، لافتا إلى أن التوصيات سترفع إلى عديد من الجهات المعنية في البحرين كوزارة التربية والتعليم ومجلس التعليم العالي، إلى جانب وزارات الداخلية وشؤون الدفاع.