السفر على متن رحلات جوية طويلة مملٌ جداً، ولكن ملل الركاب يختلف كلياً عن ملل الطيار.
فكيف يقضي الطيارون تلك الساعات الطويلة؟ وما الذي يفعلونه كي يحافظوا على تركيزهم طوال الرحلة لإيصال مئات الأرواح، ومن ضمنها أرواحهم، إلى أرض المطار بسلام؟
القبطان، الذي يجلس على الجانب الأيسر من قمرة القيادة، هو المسؤول في نهاية المطاف عن كل ما يحدث على متن الطائرة.
وهذا يشمل اتخاذ قرارات القيادة الرئيسية وقيادة فريق الطاقم وإدارة الطوارئ ومعالجة الركاب المزعجين بشكل خاص.
يدير القبطان بالطيران خلال معظم الرحلة، ولكنه يتداول بشكل عام مع الضابط الأول في وقت ما،
الذي يتعادل في تدريباته مع القبطان، ولكنه أساسي بكل رحلة في حال حدوث طارئ صحي للطيار نفسه وللمشاورة بشأن القرارات بحيث ينحصر عدد الأخطاء.
يختار الطيارون ذوو الأقدمية جدولاً دورياً للرحلات يسمى «الخط».
يعيش الطيارون الذين يديرون خطاً حياة أكثر «عادية»، بمعنى أنهم يعرفون في وقت مبكر عندما يعملون.
ولكن حتى هؤلاء الطيارين يقضون الكثير من الوقت بعيداً عن عائلاتهم، ولا يعرفون أبداً ما هي التأخيرات التي سيواجهونها.
الروسي جمع بعض النشاطات التي يستخدمها الطيارون للترويج عن أنفسهم مع تأدية عملهم على أكمل وجه،:
الألغاز والكلمات المتقاطعة.. لا تشتت الذهن فترة طويلة
أقر العديد من الطيارين باهتمامهم بممارسة بعض الألعاب الفكرية، على غرار جمع الكلمات المتقاطعة وحل ألغاز السودوكو، في أثناء السفرات الطويلة.
وفي الواقع، تمثل ممارسة هذه الألعاب خطراً على حياة المسافرين، إلا أن الطيارين يزعمون أنها غير مشتِّتة
للذهن مقارنة بمطالعة كتاب أو مشاهدة فيلم، مؤكدين أن حل الألغاز لا يؤدي إلى صرف الانتباه فترة طويلة.
الدراسة.. رحلات عبر الأطلسي كفيلة بإنهاء صفوف بأكملها
يمكن استغلال وقت الرحلة للقيام بالعديد من المهام، إلا أن الكثير من المسافرين
يقضونه في مشاهدة الأفلام الكوميدية وتصفُّح المجلات. وقد اعترف العديد من الطيارين باستغلالهم الرحلات الجوية الطويلة لإثراء زادهم المعرفي.
فعلى سبيل المثال، ويذكر أحدهم أن طياراً كان يدرس علم ميكانيكا الكم في أثناء عدة رحلات عبر المحيط الأطلسي بين المملكة المتحدة وأميركا الجنوبية.
القراءة.. لها طعم مختلف في السماء
أكد الطيارون مدى التزامهم بالقوانين الداخلية التي تمنع المطالعة أو تصفُّح المجلات في أثناء مباشرة العمل.
ولكنَّ هذه التصريحات تتعارض مع اعترافات الطيارين في المنتديات، حيث يتباهى الكثيرون منهم بعدد الأعمال الأدبية التي طالعها بكل رحلة تقريباً.
وقال أحدهم:
«لا أملك الصبر الكافي للجلوس وقراءة كتاب عندما أكون على الأرض، لكن عندما أكون وحدي في السماء، تشعرني قراءة الكتب الجيدة بالسعادة».
تعلُّم لغة أجنبية.. لم لا؟
إن قضاء الكثير من الوقت في غرفة القيادة يمكن أن يدفع الكثير من الطيارين إلى تعلم لغات أجنبية جديدة.
فقد اعترف العديد من الطيارين في منتدي الطيارين بتعلُّم اللغة الصينية والعديد من اللغات الأخرى خلال الرحلات الجوية الطويلة.
المزاح.. يقتل الوقت ويبث الضحك
يضفي بعض الطيارين حس الدعابة على معاملاتهم مع طاقم الطائرة، من خلال إلقاء النكات المضحكة.
فعلى سبيل المثال، يمكن أن يتظاهر أحد الطيارين بتتبعه للسفن بمساعدة الردار من أجل قصفها، أو القيام بمقلب يتظاهر فيه أمام الموجودين في غرفة القيادة بوفاة زميله في العمل.
في هذا الإطار، اعترف أحد الطيارين بقيامه بخدعة قاسية في حق إحدى المضيفات،
حيث أخبرها بتعرُّض الكابتن لنوبة قلبية أودت بحياته، وقد أمرها بالتكتم على الأمر، وعدم إطلاع بقية المضيفات والركاب على ما حدث حتى لا يفزعوا.
النوم.. وهل من متعة ألذ؟
تحتوي الطائرات كبيرة الحجم على أماكن سرية مخصصة للنوم، تقع مباشرة فوق الدرجة الأولى.
ولا يمكن الوصول إلى غرف النوم السرية التي تحتوي على تلفزيون وحمامات، إلا عن طريق تسلُّق الدرج السري.
وفي حين أن بعض شركات الطيران لا تقدم وسائل رفاهية مماثلة لطاقمها، تعمل بعض الشركات الأخرى على توفير وسائل رفاهية خيالية مقارنة بركاب الدرجة الأولى.
فعلى سبيل المثال، تقدم شركة الخطوط الجوية السنغافورية وسائد مطرزة بشرائط الساتان لطياريها.
الاستماع إلى الراديو.. ومتابعة أخبار المباريات
يتعين على الطيارين استخدام موجات الراديو عندما يحتاجون إليها كجهاز ملاحة مساعد،
إلا أن بعضهم يستخدم هذا الجهاز من أجل الاطلاع على الأخبار المحلية ومتابعة تفاصيل المباريات.
ويُعتبر الراديو من العوامل التي تؤثر بشكل إيجابي على نفسية الطيار في أثناء الرحلات الجوية الطويلة، لا سيما في ظل غياب شخص يتحدث إليه.
دراسة الخرائط.. بعدما أصبح العالم صغيراً جداً
يروي الكثير من الآباء لأطفالهم قصصاً عن الرحلات العابرة للحدود، والأجهزة اللازمة لتحديد المواقع،
ولا تزال هذه القصص تستهوي الكثيرين حتى بعد انتشار الأجهزة المزودة بنظام التموضع العالمي.
وفي الواقع، يميل الطيارون إلى دراسة التضاريس على الرغم من أنهم في غنى عن ذلك.
ففي بعض الأحيان، يأخذ الطيار منظاراً ومجموعة من الخرائط ويتجه نحو غرفته لمعرفة المدينة التي يحلّقون في سمائها.
الكاريوكي.. لإبراز المواهب الفنية
يُسمح للمسافرين بالاستماع للموسيقى عن طريق استخدام سماعات الأذنين، في حين يُمنعون من الغناء وإثارة الضجيج داخل الطائرة.
في المقابل، يتمتع الطيار بقليل من الخصوصية في أثناء وجوده بغرفة القيادة، ما يتيح له التصرف بِحرية وممارسة بعض الهوايات، مثل الغناء.
ولضمان عدم إزعاج المسافرين، يتأكد الطيار من إيقاف الميكروفون.
استخدام الأجهزة اللوحية.. وكمٌّ هائل من التطبيقات
حالياً، أصبح امتلاك الأجهزة اللوحية ضرورياً بالنسبة لمعظم الطيارين؛
نظراً إلى احتواء هذه الأجهزة على العديد من التطبيقات التي يحتاجها الطيار؛
على غرار تطبيقات التنبؤ بالطقس، وتقديرات الوقود، ولا يقتصر استخدامها على تفقد البريد الإلكتروني والألعاب.
ويمكن اعتماد الأجهزة اللوحية لأغراض أمنية، حيث يمكن حفظ صور أعضاء الطاقم داخل الجهاز، ولكن لا يجب استخدامها في تطبيق «تندر» للتعارف.
تناوُل الطعام.. وجباتهم تختلف عن المسافرين
يتناول الطيارون الأطباق نفسها التي تقدَّم للركاب، لكن غالباً ما تكون جودتها مختلفة؛ خشية تعرُّض الطيارين لتسمم غذائي؛ الأمر الذي قد يتسبب في كارثة.
لهذه الأسباب، تفضل شركات الطيران تقديم وجبات مختلفة لطياريها.
دراسة الوضع برمته.. للسيطرة على الكارثة حتى قبل وقوعها
يخاف الركاب والطيارون من إمكانية تعرُّض الطائرة لحادث مفاجئ؛ وذلك ما يدفع الطيار للتفكير في أسوأ السيناريوهات المحتملة والبحث عن حلول لها.
فعلى سبيل المثال، يشير تعطُّل المحرك إلى حدوث حريق على متن الطائرة، وانخفاض مستوى الضغط، وهذا يستدعي اتخاذ خطوات سريعة، من بينها النزول في أقرب مطار.
التقاط صور سيلفي.. رغم أنها محظورة
يُحظر على الطيارين التقاط صور السيلفي، إلا أن العديد منهم يتجاهل هذه القاعدة.
وقد أدى التقاط صورة سيلفي إلى وقوع حادث تحطُّم طائرة
وعوضاً عن التقاط صور السيلفي، يمكن اعتماد تقنية الفوتوشوب لتركيب الصور ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي دون أن يلاحظ أحد الفرق.
تأمُّل الطبيعة عبر النافذة.. فمنظر السحاب الخلاب قد ينذر بكارثة
يعد النظر عبر النافذة لتأمُّل السحاب والعالم من الأمور التي يرغب الركاب في القيام بها في أثناء الرحلات الجوية الطويلة.
وعلى نحو مماثل، يميل الطيارون إلى القيام بالشيء نفسه، لكن بشكل أكثر تعمقاً.
ففي معظم الحالات، ينظر الطيارون عبر النافذة للتحقق من أحوال الطقس، ومعرفة ما إذا كانت هناك طائرات أخرى قريبة.
وفي حين يستمتع الركاب بمشاهدة الأفق والأرض، يبحث الطيار عن السحب الركامية، التي قد تشكل خطراً على سلامتهم.
النميمة.. كأي مكانِ عملٍ على وجه الأرض
كغيرهم من الأشخاص العاديين، عادة ما يثرثر الطيارون، وقد يكون موضوع حديثهم أحد الزملاء،
أو إمكانية بيع شركة الطيران التي تشغّلهم أو دمجها مع شركة أخرى، فضلاً عن مناقشة الخطط المستقبلية لمدير الشركة
ويعد عالم الطيران من المجالات المليئة بالشائعات، وعلى الرغم من أن أغلبية الشائعات لا أساس لها من الصحة، فإن الطيارين يستمرون في مناقشتها