اذا سألت عن أبو القاسم الشابي فحتماً سيكون الجواب في بيت هو القمة في إرادة الحياة :إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر، نعم هو أبو القاسم الشابي ابن تونس الخضراء، وسيكون حديثنا في هذه المقالة عن أهمّ المحطات التي شهدتها حياة أبو القاسم الشابي ومن ثمّ سنتناول وفاته ونموذجاً شعريّاً له. حياة أبو القاسم الشابي ولد الشاعر في مدينة توزر في تونس وذلك عام 1909م، وقد لقّب بشاعر الخضراء، والده هو محمد الشابي الذي تلقى تعليمه في القاهرة في جامعة الأزهر فظل في مصر مدة سبع سنوات ليعود بعد ذلك إلى تونس حيث عمل في عدد من المدن التونسية وكانت وفاة محمد الشابي في توزر عام 1929م، والمعلوم أنّ محمد الشابي كان تقيّاً صالحاً فربّى أبناءه على الخصال الحميدة وكان عددهم أربعة وهم الشاعر أبو القاسم الشابي، ومحمد الأمين، وكذلك عبد الل،ه وعبد الحميد. كان أبو القاسم الشابي نحيلاً وبنيته ضعيفة منذ ولادته وقد عانى من إصابته بتضخّم في القلب، ولم تكن نشأة أبو القاسم في مسقط رأسه حيث خرج منها وعمره عام واحد حيث أخذ أبوه يتنقل من مدينة إلى أخرى على حسب ما كان يقتضيه عمله في القضاء، وقد استمرّ هذا التنقل مدّة عشرين عاماً حيث أثر ذلك على حياة أبو القاسم وأدّى إلى تعدد المدارس التي دخلها، وقد بدأ أبو القاسم تعليمه وهو الخامسة من العمر حيث ذهب إلى الكتّاب في بلدة تدعى” قابس”. قبل إتمام الشابي الثامنة عشرة كان قد التحق بجامعة الزيتونة، وكان قد كوّن فيها ثقافة واسعة جمع فيها بين قديم التراث العربي وبين روائع الأدب الحديث في العراق، ومصر، وسوريا، والمهجر ولم يكن على علم بلغة أجنبية ولكن بما أنّه كان واسع المطالعة فقد استطاع استيعاب ما تم نشره في المطابع العربية فيما يخص آداب الغرب والحضارة فيه. في العام 1927م حصل أبو القاسم على شهادة التطويع وذلك من الزيتونة ولكنه انتسب إلى كلية الحقوق التونسية في العام المدرسي التالي بناءً على نصيحة والده له، وفي مطلع عام 1929م مرض والد أبو القاسم الشابي ولم يكن أبو القاسم قد حصل على إجازة الحقوق بعد؛ فشكّل تمريض والده ثقلاً عليه من الناحية النفسية والماديّة أيضاً، وشعر والده باقتراب أجله فطلب الانتقال إلى توزر حيث مسقط رأسه، وتمّ له ذلك ومن ثمّ توفّى في 8-9-1929م، وحزن الشاعر أبو القاسم حزناً عميقاً على والده، ومع هذا فقد أنهى دراسته وأخذ إجازة الحقوق عام 1930م. وفاة أبو القاسم الشابي لم تكن حياة أبو القاسم كالآخرين من أقرانه نتيجة معاناته في القلب ، فقد حرم من القفز والسباحة وتسلق الجبال امتثالاً لنصيحة الأطباء عند تشخيصهم لحالته، وقد عانى من ذلك نفسياً قبل أن يكون جسدياً، لتكون وفاته نتيجة مرضه في القلب عام 1934م. الأساليب في شعر الشابي ضمّن الشاعر أبو القاسم الشابي العديد من الأساليب في قصائده الشعرية، نستحضر بعضها هاهنا: استخدامه للأسلوب الخطابي إذ يستخدم أسلوب الأمر والاستفهام والتعجب في قصائده كقوله: ألا انهض وسر في سبيل الحياة فمن نام لم تنتظره الحياة استخدامه لأسلوب التشخيص بمعنى أن يشبه الأشياء بالأشخاص كقوله: إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر نلاحظ في البيت الشعري المذكور أعلاه أنّه شبّه القدر بإنسان يستجيب لمن يستدعيه ويناديه. استخدامه للكناية من أجل تجسيد المعاني التي يريد إيصالها للقرّاء كقوله: سخرت بأنات شعب ضعيف وكفك مخضوبة من دماه فقد كنى عن القتل وسفك الماء في الشطر الثاني من البيت الشعريّ المذكور أعلاه.