الرياضة أسلوب حياة ولابد ان تصبح من ضمن جدول يومياتنا، هذا ما ينصح به الأطباء عندما نشتكي من زيادة في الوزن أو من ارتفاع في ضغط الدم أو من ترهل بعد الولادة أو من الأمراض المزمنة أو الضغوط النفسية والقائمة تطول، فلماذا ينصح بممارسة الرياضة والتمارين الرياضية؟ ولماذا يلجأ لها الناس فقط من أجل تنقيص الوزن؟ هل للرياضة فوائد أخرى نجهلها؟ هل حقا تساعد على تقوية المناعة وترفع منسوب هرمون السعادة الذي نفتقده هذه الأيام؟
طرحنا على سالي الدهان عريم، مدربة الرياضة والمتخصصة في التربية البدنية والتدريب الشخصي في لندن عدة تساؤلات حول أهمية الرياضة في حياتنا فقالت لـ”القدس العربي”: غالبا ما يفكر الإنسان في الرياضة عندما يقرر تنقيص وزنه دون أن يدري بأن للرياضة فوائد صحية كثيرة، حيث تساعد من يشتكي من أمراض مزمنة ومن أمراض القلب وهي ليست فقط للجمال والرشاقة.
وتضيف: “تقوية العضلات مهمة جدا خاصة عندما يتعرض الإنسان لأمراض مفاصل أو لكسور عظام نتيجة حادثة. أول شيء ينصح به الطبيب بعد العلاج هو الرياضة، لتقوية وبناء العضلات التي ستحافظ على المفاصل من التلف”.
وتقول عريم إن الرياضة تفرز هورمونات السعادة مثل هورمون “الأندروفين” وهي تعتبر أحسن علاج للكآبة وأفضل من الأدوية خاصة إذا مورست لمدة ثلاثين دقيقة في اليوم فسيتحسن المزاج ساعتين بعد ممارة الرياضة.
وتنصح المرأة بأن لا تتكاسل عن ممارسة الرياضة، بل عليها أن تتحمس وتعتبرها طريقة حياة كما المأكل والمشرب ويجب ان تضاف إلى برنامجها اليومي، وحتى الأعمال المنزلية تساعد في تخفيف الوزن إذا مورست بالطريقة الصحيحة.
وسألنا المدربة عن التغييرات التي تطرأ على جسم الإنسان عندما يقوم بممارسة الرياضة بانتظام؟
فأجابت: “سيشعر الإنسان خلال المرة الأولى التي يمارس فيها الرياضة بالنشاط والحيوية والانتباه، ولكن يتعرض الشخص بعد ذلك لشد عضلي خفيف خاصة العضلات التي تم تمرينها وغالبا ما يدوم الشعور بالتعب لمدة يومين، وفي غضون أسابيع سيبدأ في تكوين الكتلة العضلية، وهي أجزاء من الخلايا مهمتها الأساسية تحويل الكربوهيدرات والدهون والنشويات إلى وقود للعضلات تستخدمه في أداء مهامها مثل الانقباض والانبساط.
موضحة أنه بعد مرور ستة أشهر من ممارسة الرياضة سيبدأ الشخص في حصاد نتيجة مجهوده وتعبه طوال الفترة الماضية. وبالنسبة لحالة الجسم بعد عام من ممارسة الرياضة بانتظام فإن كثافة العظام تزداد بشكل يقلل من خطورة الإصابة بهشاشة العظام عند النساء تحديدا وذلك بعد مرور 12 شهر من التمرينات المتواصلة.
وتقول: ” المشكلة أن البعض عندما يحققون ما يريدون من تخفيض الوزن يتركون الرياضة ما يؤدي إلى الترهل، لذا أنصح بضرورة الاستمرار ولو حتى ثلاث ساعات في الأسبوع وأن تكون الرياضة نمط حياة وفعل يومي كالمأكل والمشرب، وهذا بالطبع مع اتباع نظام غذائي يناسب مع نوع التمرين وتحديد ساعات التمارين والتنسيق مع المدرب المتخصص لتحقيق النتائج المطلوبة في وقت قياسي وعدم التوقف عن ممارسة التمرينات الرياضية.
سر السعادة
ويقول دكتور عمر الصكبان، استشاري الأمراض الباطنية الوبائية ومختص في الطب البديل في بريطانيا لـ”القدس العربي” أن الرياضة مهمة جدا وأننا نجهل فوائدها وتحديدا المشي وعلاقته بهورمونات السعادة.
ويضيف: في العصور الحجرية كان الإنسان يركض وراء الحيوان ليصطاده والسؤال من أين جاءت هذه الطاقة التي كان يتمتع بها الإنسان آنذاك؟ واكتشف العلماء أن هذه الطاقة من هورمون يسمى “الإندروفين” الذي كان يحصل عليه الجسم من خلال المشي، فالجسم يفرز مادة الاندروفين أثناء المشي وهذا الهرمون يساعد على الاسترخاء والشعور بالسعادة وفي الوقت نفسه يخفف الآلام.
مضيفا: ان هورمونات السعادة والمتعة موجودة في داخل الجسم مثل الأندروفين الذي يشبه “المورفين” وهورمون الحب “الأوكسيتوسين” وهورمون الإنجاز، وهرمون المتعة “دوبامين” وهورمون “السيروتونين” الذي ينظم المزاج والشهية والنوم.
وأكد د.الصكبان على أن التمارين الرياضية تزيد من وظيفة السيروتونين في الدماغ لدى البشر وكذلك هورمون “الأدرينالين”.
وأوصى بضرورة ممارسة تمارين “اليوغا” لأنها تساعد على خفض نسبة السكر في الدم وتحرك العضلات وتقويها ومن الضروري أن نتعلم طريقة التنفس بعمق والتمدد لتخفيف آلام الظهر والتوازن والتخفيف من حدة التوتر النفسي وكذلك يحسن المشاكل الناتجة عن عسر الهضم والقولون العصبي.
وبالإضافة إلى أهمية اليوغا نصح د. الصكبان بضرورة ممارسة تمارين “البيلاتيس” والتوازن وكذلك تمارين القوة والمرونة وإدارة الإجهاد وكلها تعزز من إنتاج السيروتونين.
وأوضح أن المشي والجري والسباحة وركوب الدراجة تعتبر من الرياضات الأكثر فاعلية في زيادة تخليق السيروتونين في الدماغ، مما يساعد على الارتقاء بالمزاج أثناء وبعد التمرين، وأن هذه التمرينات إذا مورست بانتظام تعمل على تأخير الشيخوخة.
ويعتقد أنه كلما استمر الإنسان في ممارسة التمرينات لمدة طويلة فإن ذلك يقلل من خطورة إصابته ببعض المشكلات الصحية مثل بعض أمراض القلب والسكري وسرطان الثدي والقولون وستقلل أيضا من أعراض الاكتئاب والتوتر التي يعاني منها الكثير من الناس في يومنا هذا.
ويشير إلى أن قلة الحركة من شأنها ان تضر بصحة الإنسان وقد تتسبب في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وإصابة الرئتين بالاحتقان وانسداد الشعب الهوائية بالإضافة إلى قلة حجم العضلات وانخفاض مرونتها، وزيادة احتمال الإصابة بالنوع الثاني من السكري، واضطرابات التمثيل الغذائي، وزيادة هورمونات التوتر، وترقق وهشاشة العظام، وضعف جهاز المناعة، والبدانة والسمنة المفرطة.