سم الله الرحمن الرحيم
زوجي عصبي جداً ويقوم بسبي وإهانتي وكان في أول الزواج عند وجود خلاف أحيانا يقوم بضربي ويقول إن هذا حقه، فهل هذه حقيقة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فسب المسلم وإهانته حرام بل هو من كبائر الذنوب، جاء في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة التاسعة والثمانون والتسعون والحادية والتسعون بعد المائتين: سب المسلم والاستطالة في عرضه وتسبب الإنسان في لعن أو شتم والديه وإن لم يسبهما ولعنه مسلما. انتهى.
وسب المسلم من الخصال التي توجب الفسق لصاحبها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه..
قال النووي: واعلم أن سباب المسلم بغير حق حرام كما قال صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق. انتهى.
ويزداد الإثم إذا وقع السب للزوجة لما لها من حق على الزوج زائد عن الحقوق الواجبة لعموم المسلمين, ولما جاء في القرآن والسنة من الأمر بمعاشرتها بالمعروف.
وأما ضرب الزوجة بغير حق فهو حرام أيضا ومن كبائر الذنوب, جاء في كتاب “الزواجر عن اقتراف الكبائر”: الكبيرة الحادية والخمسون الاستطالة على الضعيف والمملوك والجارية والزوجة والدابة، لأن الله تعالى قد أمر بالإحسان إليهم بقوله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا.
وليعلم هذا الزوج أن الإسلام ما جاء إلا بإعزاز المرأة وإكرامها, وأن فقهاء الإسلام وعلماءه قد جعلوا ما يصدر من الرجل من أذى لزوجته مما هو أقل من ذلك يجيز لها طلب الطلاق ولو حدث مرة واحدة لم يتكرر بعدها, بل ليس هذا فحسب بل أوجبوا مع الطلاق التعزير البليغ الذي يردع هذا الذي يسب زوجته ويهينها, قال خليل: ولها التطليق بالضرر البين ولو لم تشهد البينة بتكرره.
وقال الدردير في الشرح الكبير، فقال: ولها أي للزوجة التطليق بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعا، كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك وسبها وسب أبيها، نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون، كما يقع كثيرا من رعاع الناس، ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق، كما هو ظاهر، وكوطئها في دبرها. انتهى.
أما الضرب الجائز للرجل فهو ما يكون في حالة نشوز المرأة وعصيانه وبعد أن ينصحها فلا تنتصح, ويهجرها في الفراش فلا تنته عن نشوزها عند ذلك له أن يضربها بشروط:
أـ أن لا يكون الضرب مبرحا، أي شديداً بل يكون على وجه التأديب والتأنيب ضرباً غير ذي إذاية شديدة.
ب- أن لا يضربها على وجهها.
ج- أن لا يشتمها أثناء الضرب.
دـ أن يستصحب أثناء هذا، أن القصد حصول المقصود من صلاح الزوجة وطاعتها زوجها، لا أن يكون قصده الثأر والانتقام.
هـ- أن يكف عن هذه المعاملة عند حصول المقصود.
أما قول الزوج لك إن هذا حقه, فإن كان يقصد أن حقه الضرب بلا سبب والسب والشتم لزوجته, فهذاغير صحيح لأننا قد قدمنا ما هو حق له بالشروط المذكورة, بل إن قوله هذا كبيرة أعظم من كل الكبائر المذكورة إذ أن قوله هذا كذب على الله سبحانه والله عز وجل يقول: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا {الأنعام:93}, ويقول سبحانه: وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النحل:116- 117}.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 69، والفتوى رقم: 65795.
والله أعلم.