تسجيل الدخول

لماذا لا يموت الإيطاليون بنوبات القلب؟

مقالات
manar12 أكتوبر 2024آخر تحديث : منذ شهرين
لماذا لا يموت الإيطاليون بنوبات القلب؟

روزيتو بلدة ريفية صغيرة في جنوب إيطاليا، سكانها كانوا من المزارعين المجتهدين، وعلى الرغم من اجتهادهم في عملهم، إلا أن الحياة كانت صعبة وشاقة على أولئك المزارعين الفقراء، وفي عام 1882 هاجرت مجموعة صغيرة من شبان روزيتو إلى الولايات المتحدة، للبحث عن حياة أفضل، واكتشفوا أن الحياة فيها كانت فعلاً أفضل من تلك التي يعيشونها في بلادهم، فهاجر أغلبية سكان تلك البلدة الإيطالية الصغيرة، واجتمعوا في بلدة في بنسلفينيا، وقاموا بتسميتها روزيتو، نسبة إلى قريتهم في إيطاليا، ولأن أغلبية السكان كانوا من تلك القرية عاش المهاجرون الإيطاليون في الولايات المتحدة كما كانوا يعيشون في إيطاليا تماماً، كانوا يتحدثون الإيطالية، ويحافظون على الروابط الأسرية وزيارات الأقارب، ولم يتأثروا بنمط الحياة الأمريكي، وفي حدود عام 1955م اكتشف طبيب أمريكي اسمه ولف أمراً غريباً في سكان روزيتو، وهو أنه لا يوجد بينهم شخص تحت سن الخامسة والخمسين يعاني من مرض القلب، بل إن أسباب الوفاة في روزيتو غالباً ما تكون بسبب تقدم السن، وكان مرض القلب هو السبب الذي يتصدر أسباب الوفاة في أمريكا، ولذلك كانت حملات محاربة مرض القلب الشغل الشاغل للأطباء، فأخذ الأطباء يتساءلون، لماذا لا يموت سكان روزيتو بسبب النوبات القلبية، لماذا لا يموت الإيطاليون؟

درس الباحثون سر الصحة الجسدية، التي يتمتع بها سكان روزيتو، فبحثوا في نظامهم الغذائي، لأن أحد الأسباب الكبرى للنوبات القلبية هي تناول الأطعمة غير الصحية مثل الوجبات السريعة، التي يتناولها الأمريكان بكثرة، فوجدوا أنه لا فرق بين الأمريكان وسكان روزيتو في نظامهم الغذائي، ولم يجدوا في جيناتهم ما يميزهم عن غيرهم، وبعد بحث طويل اكتشفوا أن سر الصحة الجسدية، التي يتمتع بها الروزيتيون هي صحتهم النفسية، فالترابط الأسري، وعطف الكبير على الصغير، واحترام الصغير للكبير، وحفظ حقوق الجار، كانت هي السر خلف وقايتهم ليس من أمراض القلب فقط، بل من جميع الأمراض، لأن نمط الحياة الاجتماعية التي يمارسها الفرد لها أثر كبير على صحته الجسدية، ومثل هذه الدراسات وغيرها جعلت العلماء يولون اهتماماً كبيراً بأهمية الصحة النفسية، ويكفيك أنه في التسعينيات من القرن الماضي أعادوا اختبار صحة السكان في روزيتو، بعد أن تغير نمط الحياة فيها، وتفككت روابطهم الاجتماعية، وأصبحت حياتهم الاجتماعية أمريكية خالصة، فوجدوا أنهم يعانون من ذات الأمراض التي يعاني منها الجميع في الولايات المتحدة، فقط لأنهم تركوا نمط الحياة الاجتماعية الإيطالية، التي كان يمارسها آباؤهم وأجدادهم، وهذا مثال واضح على تأثير الحياة الاجتماعية والصحة النفسية على الصحة الجسدية.

ومن هذا المنطلق قام المجلس الأعلى للأمومة والطفولة بتنظيم منتدى فاطمة بنت مبارك للأمومة والطفولة حول الصحة النفسية، والذي يعقد تحت رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك أم الإمارات، حفظها الله، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، لأن الصحة النفسية أول مرحلة من مراحل الوقاية من الأمراض الجسدية، وأهم مرحلة من مراحل تحقيق الرفاه النفسي، وأكثر الأدوات التي تمكن الفرد من القدرة على إدارة المشاعر، والأسرة والطفل والمجتمع في أمس الحاجة إلى ذلك.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.