لم يعد التأثُّر بالمشاهير عبْر منصات مواقع التواصل الاجتماعي مقتصرًا على الكبار فقط، فنلاحظ انبهار وتقليد الصغار لأقرانهم أيضًا.
الطفلة الصغيرة تقف أمام المرآة وتضع “المكياج” وتُصفّف شعرها بطريقة “لافتة”.. وتبدأ بتصوير نفسها، وهي تقوم بإحدى النشاطات أو الغناء، ومن ثم البث على موقع “اليوتيوب”.
وانتشرت العديد من القنوات عبر اليوتيوب لفتيات يقمن بعمل أنشطة، أو ينقلن حياتهن اليومية وتفاصيلها، مما يُشكّل دافعًا لدى المتابعين الصغار لتقليدهن، بل يتعدّى الأمر لإنشاء قناة خاصة بهم.
فما تأثير هذه المواقع والقنوات على طفلك الصغير.. وتحديدًا الفتيات “الأكثر تعلقًا بها”؟
حول ذلك، تُقدّم الاختصاصية النفسية والتربوية د. أسماء طوقان نصائح وارشادات يمكنك الاستفادة منها عزيزتي الأم:
في الماضي (مرحلة الطفولة) كانت أكبر طموحاتنا وأحلامنا تكمن بشراء لعبة ما أو الذهاب إلى مدينة الألعاب أو النوم عند الجد والجدة واللعب خارج المنزل مع أبناء الجيران أو الخروج لتناول وجبة طعام من الماكدونالدز.
أمّا الآن، وللأسف أصبح أبسط أهداف الأطفال هو التصوير، وإنشاء قنوات خاصة لهم على اليوتيوب من أجل كسب الشهرة والربح المادي، اختلطت طموحاتهم التي كانت في السابق تحمل كل معاني الطفولة والبراءة بطموحات الكبار، وهي العمل من أجل كسب المال بشتى الطرق.
في بداية الأمر يعتقد الأهل أن هذا الأمر يجلب السعادة لطفلهم ويقوي شخصيته ويزيد من مهارات التواصل لديه، ولكن الأمر قد زاد عن حدّه، فأصبحت المنازل تخلو من الخصوصية، لأن كل شيء يتم نشره على هذه القنوات أمام المتابعين، ويزيد من مشاكل الأطفال من ناحية مقارنة أنفسهم بالمستوى المادي والاقتصادي بين أسرهم وأسر الأطفال الذين يعيشون برفاهية عالية وكثرة السفر والتنزه وامتلاك منزلٍ كبيرٍ وفخمٍ.
قد نجدُ أن معظم الأطفال لا يدركون أهمية المحافظة على الخصوصية، ومعنى الخصوصية أيضًا، فيقومون بتقليد الأطفال أصحاب القنوات، وذلك يحمل تأثيرًا سلبيًا على الطفل وعلى عائلته مثل: عدم اللامبالاة والتعرض إلى التنمر الإلكتروني وانعدام الخصوصية، لأنه قد اعتاد على أن يكون كتابًا مفتوحًا أمام الآخرين.. يكشف كل تفاصيل حياته الخاصة للمجتمع.
ويتحمّل الأهل كامل المسؤولية بقيام أطفالهم بهذه السلوكيات عندما يسمحون لهم بقضاء ساعات طويلة على الإنترنت دون مراقبة، فكثرة المتابعة والمشاهدة تزيد من احتمالية التعلم والتقليد لما يرغبه الأطفال بلفت الانتباه وحب التقليد وجذب الاهتمام والوصول إلى الشهرة وجمع عدد كبير من المتابعين.
لذا؛ يجب على الأهل أن يقوموا بتوجيه أطفالهم وتوضيح مفهوم الخصوصية وأهميتها لهم، وما يترتّب على نشرها من مخاطر وأضرار، وغرس القناعة في نفوسهم، وعدم مقارنة ما يمتلكونه بما يمتلكه غيرهم، وتوجيه سلوكهم واستخدامهم للإنترنت بشكل إيجابي ومنظّم، لضمان نمو سليم بعيد عن التقليد الأعمى في كل شيء.