في زمن يسود فيه المال بشكل كامل في عالم كرة القدم تظهر بعض الحالات التي تتحدى هذا الواقع وتصنع شيئاً يمكن أن نطلق عليه تسمية “معجزة كروية”.
كلنا نعرف ما تعيشه سوريا منذ عام 2011 على جميع الأصعدة وأهمها الصعيد الاقتصادي.. البنية التحتية مدمرة والمهجرون من مناطقهم بالملايين والقتلى والمفقودون يقدر عددهم بمئات الآلاف إن لم يصل إلى الملايين.
في ظل هذا الوضع المليء بالسواد والتشاؤم تأتي كرة القدم لتكون متنفسا للشعب السوري الذي ضعضعه زمن الحرب وويلاته .. فبعد المنتخب السوري الأول لكرة القدم وإبهاره لجميع متابعي اللعبة في أنحاء العالم بأدائه المميز في تصفيات كأس العالم ومنافسته الفعلية لأعتى منتخبات القارة الصفراء وعلى رأسها إيران وكوريا الجنوبية على التأهل إلى المونديال الروسي، ظهر تفوق جديد للكرة السورية عن طريق المنتخب الأولمبي الذي بلغ نهائيات بطولة آسيا تحت 23 عاما.
جيل المنتخب الأولمبي مميز عن المنتخب الأول بأنه لم يخض دوريات للفئات العمرية ولم يلعب لاعبوه مع بعضهم ليكتسبوا خبرة ما إلا في الأيام الأخيرة التي سبقت التصفيات الآسيوية التي شاركت في الدوحة القطرية.
وإضافة إلى تألق المنتخبين الأول والأولمبي على الصعيد القاري تبرز جماهير بعض الأندية في الدوري المحلي وحضورها اللافت لمباريات فريقها في مختلف المحافظات وعددهم يقدر بالآلاف ليشكلوا ظاهرة بحضورهم هذا لمباريات كرة القدم في وقت لن يعاتبهم فيه أحد إن لم يتواجدوا في الملاعب بسبب رحى الحرب الدائرة في بلادهم.
الأجور التي يتقاضاها لاعبو كرة القدم في سوريا ضئيلة جدا بالمقارنة مع تلك التي نسمع عنها في الدول المجاورة لسوريا (ولن أتحدث عن الدول المتقدمة كرويا).
المعسكرات التحضيرية كانت حتى فترة قريبة شبه غائبة. كل الظروف المحيطة بلاعب كرة القدم السوري لا تساعد أبدا على التفوق ولا على النجاح على صعيد المباريات الودية حتى، فما بالنا بالمنافسة على التأهل إلى المونديال أو البطولات القارية.
تجتمع الظروف الصعبة حول اللاعب السوري وتضغط عليه بقوة لتخرج خامة التميز من داخله، وتولد الإصرار على تحقيق الإنجاز والاعتزاز بالوطن والوطنية، وتثبت صحة المقولة الشهيرة “الإبداع يولد من رحم المعاناة”.