اقش الملتقى العلمي «القيادات والإعلام أثناء الأزمات» الذي تنظمه القيادة العامة لشرطة دبي وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، ممثلة بمركز الأزمات وتطوير القيادات العليا في يومه الثاني «أمس» كذب وادعاءات الجزيرة القطرية في التعامل مع أزمة قطر مع الدول الخليجية والعربية.
وأكد المشاركون أن هذا البوق الإعلامي «الجزيرة» فقد الكثير من المهنية والمصداقية خلال السنوات الماضية، وفي الوقت الراهن حيث استبدلت الكلمات والعبارات بأخرى لكي تستميل التعاطف معها.
وقال الدكتور فهد الشليمي، الخبير الاستراتيجي والأمني والعسكري الكويتي إن قناة الجزيرة القطرية بتصميمها الذي كان يقوم على الخطاب الثوري وتغييب العقل والقلب عند مخاطبة الجمهور خلقت القبول في السنوات الثلاث الأولى من عمرها، وأعدت كوادر لها في الخارج، واستغلت بعض الأحداث والأمور في العديد من دول العالم، وهي اليوم في الأزمة بين دول الخليج والدول العربية مع قطر تحول كلمة المقاطعة إلى حصار، ولجأت إلى الضوضاء في التصريحات والتعليقات على الأزمة، وعالجت الأزمة بأزمة أخرى لإحداث انشقاق وفتنة بين الدول والشعوب وبعضها البعض.
وأشار الشليمي إلى أنه باستدعاء قطر لقواعد تركية وإيرانية بدأ الناس يسألون لماذا أتوا بهؤلاء وبدأت تبث في نفوس الناس حالة من القلق وهو ما روجت له الجزيرة القطرية. ولفت إلى أن دور الإخوة في قطر لم يخدمها ولم يخدم دول الجوار، بل إنهم تعمدوا استغلال كوادر خارجية سياسية في الأزمة وخاصة النقابات والتجمعات الإخوانية والمنظمات متعددة الأسماء والأشكال التي أسستها جماعة الإخوان في عدة دول شرقا وغربا على مدار عشرات السنين لتردد نفس الادعاءات وتكون سنداً لها في أزماتها المتعددة مع الدول، موضحاً أن الدول المقاطعة لقطر ليست 4 دول ولكنها 10 دول إلا أن الجزيرة القطرية تروج لعكس ذلك بأكاذيب وحيل متعددة. ولفت إلى أن أسلوب ونمط قناة الجزيرة هو نفس الأسلوب والنمط الذي تستخدمه قناة الميادين التي تديرها إيران. وقال إن المطلوب من وسائل إعلامنا الابتعاد عن الفكر الإعلامي التقليدي وأن تنتهج أساليب حديثة مع هذا الأسلوب الدعائي الثوري الذي ينتهجه البعض، وأن يكون لدينا ملحقون إعلاميون لتسويق سياسات الدول بكل شفافية ومصداقية للآخرين لدحض تلك الأكاذيب التي يلجأ إليها الإعلام الكاذب.
وقال الشليمي: للأسف نعمل هذه الإجراءات مع الأخ وليس مع دولة «إسرائيل» أو إيران.
المتحدث الإعلامي
من جانب آخر ناقشت فعاليات اليوم الثاني للملتقى العلمي «القيادات والإعلام أثناء الأزمات» سبل التعامل مع الإعلام الجديد «مواقع التواصل» والشائعات والحملات الإعلامية المعادية أثناء الأزمات.
وأكد المتحدثون في الملتقى على أهمية وجود متحدث إعلامي رسمي مُتمكن في عمله للرد على الاستفسارات وله سمات ومواصفات خاصة تُمكنه من أن يكون جاهزاً وقادراً على مواكبة كل المستجدات سواء فيما يتعلق بالأزمة أو ما يتعلق بالتطورات الحاصلة في العالم الافتراضي ومواقع التواصل والإعلام.
الإعلام الجديد
وتطرقت الجلسة الأولى للملتقى التي أدارها العميد غيث غانم السويدي مدير أكاديمية شرطة دبي، إلى موضوع «القيادات والتعامل مع الإعلام الجديد أثناء الأزمات»، وتحدث فيها اللواء أشرف ريفي وزير العدل السابق ومدير قوى الأمن الداخلي السابق في لبنان، والعميد محمد بن دينه مساعد رئيس الأمن العام في مملكة البحرين، وبالقاسم الكتروسي نائب الأمين العام للمنظمة الدولية للحماية المدنية في جنيف.
وقدم اللواء أشرف ريفي رؤيته لتعامل القيادات مع الإعلام الجديد أثناء الأزمات، مشيراً إلى أنه لا يوجد حتى الساعة تعريف موحد وجامع للإعلام الجديد، لكن لا ينكر عاقل الدور المركزي الذي لعبه هذا النموذج الجديد من الإعلام في الأحداث المفصلية التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة وحجم التأثير والدور الذي لعبته الشعوب العربية بفعل نشاطها المفرط على مواقع التواصل والذي نتج عنه سلسلة من التحركات الشعبية.
وأشار ريفي إلى أن انتشار الأجهزة الإلكترونية والهواتف النقالة بين الناس منحهم مساحة واسعة للتعبير بحرية عن آرائهم وساهم في انتقال المعلومات وتداول الأخبار بينهم بصورة أسرع من وسائل الإعلام التقليدية التي لم تجد مفراً لولوج هذا العالم لتحافظ على استمراريتها وحضورها، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه لا يمكن لأي مراقب أو متابع أن يلاحظ بوضوح حجم الاحتراف الذي وصل إليه بعض النشطاء في عمل مواقع التواصل الاجتماعي حتى بات لهم آلاف وربما ملايين المتابعين وأصبح الخبر أو الرأي ينتقل بسرعة البرق متخطياً كل الحواجز التي قد تفرضها السلطة أو تقنيات المراقبة الحديثة لذلك ولأن القادة أكثر المعنيين من الاستفادة من هذه المستجدات كان لا بد من وقفة ضرورية لبحث كيفية التعاطي مع الإعلام الجديد والاستفادة منها.
واستعرض اللواء ريفي نماذج عالمية لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي من قبل قادة، مشيراً إلى أن اعتماد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمواقع التواصل خلال حملته الانتخابية تكللت بانتخابه رئيساً، وأن استخدامه لمواقع التواصل أدى أيضاً إلى أزمات مثل قضية بناء جدار مع المكسيك حيث خلق تفاعلاً وردود فعل كبيرة من قبل الناس. كما واستعرض اللواء ريفي تجربة الصين في التعاطي مع مواقع التواصل الاجتماعي من خلال بوابتها الخاصة وحجبها لمواقع عالمية لأسباب ترتبط بما يعرف بخصوصية المجتمع الصيني والتي تخفي في طياتها خوفاً وترقباً من دور المواقع، حيث كانت تعي القيادة الصينية الدور الهام فأنشأت مواقع تواصل خاصة بها.
القيادة الناجحة
وفي ذات السياق تحدث العميد محمد بن دينه عن مواصفات القيادة الناجحة في إدارة الأزمات إعلامياً، مشيراً إلى أن القيادة الناجحة هي من توفر للاتصال والإعلام كافة إمكانية النجاح والفاعلية في إدارة الأزمة باعتبار أن خلق قيادة ناجحة إدارياً أو إعلامياً يتطلب منظومة إدارية متكاملة في الاتصال والإعلام، كما أنها لا تختزل العمل الإعلامي في شخص بعينه وإنما يجب تشجيع كافة المبادرات الهادفة إلى خلق قيادات جديدة قادرة على التعامل الإعلامي الفعال مع الأزمات، مشدداً على أهمية وجود بناء مؤسسي للإعلام الأمني في مختلف المؤسسات الأمنية مبني على خطط وأهداف وآليات عمل مُنضبطة وواضحة الملامح تتمتع بالمرونة الكافية للتعامل مع أي ظروف أو مستجدات طارئة.
الإعلام الموازي
ومن جانبه، قدم بلقاسم الكتروسي ورقة عمل بعنوان«تعامل القيادات مع الإعلام أثناء الأزمات» أكد فيها على التطور الرهيب والصاروخي للإعلام الموازي للإعلام الرسمي الذي بات يهدد الأخير كونه يعتمد على معلوماته من خلال تحليله واستنتاجاته للقضايا المختلفة من مصادر غير موثوقة في أغلب الأحيان دون تبيان مصداقية تلك المعلومات إن لم تكن مجافية للحقيقة.
وأشار إلى أن أكبر التحديات التي تواجه الإعلام الرسمي هي قضية الشائعات التي تعكس الطرق الملتوية التي يتم اختيارها للحصول على المعلومة عبر وسائل الإعلام الموازي، لافتاً في الوقت ذاته إلى أنه في ظل مواقع التواصل وانتشار الشائعات أصبح القائد يجد نفسه مضطراً للتعامل مع الإعلام الموازي خوفاً من تداعيات ما يتم نشره من معلومات تنعكس سلباً على المجتمع لذلك يجب تدريب القادة على مواجهة الإعلام الموازي ومخاطره.
دور المتحدث الإعلامي
وناقش المتحدثون في الجلسة الثانية في الملتقى «دور المتحدثين الإعلاميين في الأزمات سماتهم ومشاكلهم وتطور أدائهم»، وتحدث فيها كل من سميح المعايطة وزير الإعلام الأردني السابق، والعميد الدكتور جاسم خليل ميرزا مدير إدارة الإعلام الأمني في القيادة العامة لشرطة دبي، والدكتور علي قاسم الشعيبي خبير ومفكر إعلامي.
واستعرض وزير الإعلام الأردني السابق في ورقة عمل قدمها بعنوان «تعامل الناطق الرسمي مع الإعلام» المهمات الأساسية للناطق الإعلامي والمواصفات الشخصية والمهنية التي يجب أن يتمتع بها إضافة إلى العوامل التي تساعد الناطق الإعلامي على النجاح في عمله سواءً كان عملاً اعتيادياً أو في ظروف طارئة.
وشدد على أهمية تكييف الناطق الرسمي في مختلف الجهات الحكومية الرسمية مع التطورات التقنية المتسارعة في مجال الإعلام وعمله على إزالة مختلف العوائق والمشاكل التي يتعرض لها في عمله أو خلال تواصله مع وسائل الإعلام.
مواصفات وأخطاء «المتحدث»
وبدوره، قدم العميد الدكتور جاسم خليل ميرزا، ورقة عمل بعنوان «المتحدث الرسمي في الأزمات.. المواصفات – الأخطاء الشائعة- الصعوبات»، تطرق خلالها إلى تطور وسائل الإعلام والاتصال، وحق المواطن في الحصول على المعلومات الصحيحة في ظل كثرة الأزمات في هذا العصر وانتشار الشائعات سريعاً.
وعرّف العميد الدكتور ميرزاً «المتحدث الإعلامي» بأنه الشخص المخول له الإدلاء بالأخبار والمعلومات والبيانات الصحيحة لوسائل الإعلام المختلفة، وهو حلقة الوصل بين المؤسسة والأجهزة الإعلامية.
وبين أن هناك مجموعة من الشروط الواجب توفرها في المتحدث الرسمي تتمثل في: الأخلاق، الذكاء وفن المراوغة، القدرة على الإقناع، قول الصدق، الشجاعة في الرأي، الهدوء والتروي، عدم الانفعال، الكاريزما الإعلامية والتي تتضمن الشكل والصوت والشخصية، وصورة أن يكون واثقاً بنفسه، وتحمّل ضغوط العمل، والاستقرار النفسي، والتحلي بالصبر.
وشدد على أهمية ألا يكون المتحدث الرسمي فخاً سهلاً لتعمد بعض الصحفيين استفزازه وأن لا يدلي بمعلومات على اعتبار أنها ليست للنشر كونها ستُحسب عليه.
جدلية العلاقة
وقدم الدكتور علي قاسم الشعيبي ورقة عمل حول «جدلية العلاقة بين إدارة الأزمة وتكوين المتحدث الرسمي»، أكد فيها على أهمية إعداد وتطوير مهارات المتحدث الرسمي في إدارة الأزمات بحيث يكون قادراً على إدارة حوار مُقنع وعملي خاصة أن معظم أداء المتحدثين الذين استضافتهم القنوات التلفزيونية والإذاعات العربية والخليجية لم يكن مقنعاً أو قادراً على إدارة الأزمة إعلامياً لعدة أسباب أهمها قلة الخبرة وضعف التكوين المهني للناطق الرسمي، وعنصر المفاجأة في حدوث الأزمات، وأن وسائل الإعلام لم تكن مستعدة أصلاً للتعامل مع الأزمات.
وحث الشعيبي على أهمية إعداد ناطق إعلامي عسكري ومحلل عسكري ليكون واجهة للتعامل مع الأزمات وقت حدوثها في ظل ما يشهده العالم العربي من تطورات كبيرة في مجال الإعلام.
التعامل مع الشائعات
وتطرقت الجلسة الثالثة للملتقى والتي أدارها الدكتور محمد مراد عبد الله مستشار نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي لاستشراف المستقبل، إلى موضوع التعامل مع الشائعات والحملات الإعلامية المعادية أثناء الأزمات، وتحدث فيها كل من الدكتور فهد الشليمي خبير أمني واستراتيجي كويتي، والدكتور عبد الله العساف رئيس قسم الإعلام المتخصص في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والمقدم فيصل القاسم من القيادة العامة لشرطة دبي.
وقدم الدكتور فهد الشليمي ورقة عمل بعنوان «الدور المحوري للإعلام في إدارة الأزمات والكوارث»، أكد خلالها أن الإعلام يلعب دوراً محورياً في تبيان الحقائق للمواطنين والجمهور في حالات الكوارث والأزمات، وأنه في الحالات الناتجة عن وجود وحدوث الكوارث المفاجئة يلعب دوراً هاماً وحيوياً في إيصال المعلومات الإيجابية المتوفرة من المؤسسات الحكومية إلى أفراد الجمهور ما يقلل فرص التأويلات بين صفوف المواطنين وعدم إصابتهم بالخوف والفوضى.
وأوصى الدكتور الشليمي مؤسسات الدول الإعلامية بالعمل على تحضير الكوادر المؤهلة لنقل الرسالة الإعلامية الإيجابية خلال الأزمات وتجنيب المواطنين التعرض للأخبار الكاذبة والمُلفقة من بعض الجهات المعادية، مشدداً على أهمية أن يلعب الإعلام دوراً مهماً في تزويد الجمهور والعامة بالحقائق والإجراءات عن تعريف الأزمة عند وقوعها وطبيعتها وكيفية التصرف خلالها لمواجهة الشائعات أو التحوير أو التشويه وكسر الثقة وهيبة الدولة في عقل المواطن في حالة نقص المعلومات أو النقص في إشعارها.
وبدوره، تحدث الدكتور عبد الله العساف عن «التعامل مع الشائعات والحملات الإعلامية المعادية أثناء الأزمات»، مشيراً إلى أن البعد الإعلامي يحتل مكانة هامة في أدبيات دراسة الأزمات حيث يعد أداة رئيسية وفعّالة من أدوات إدارة الأزمة سواء على المستوى الخارجي أو المستوى الداخلي للدول، مؤكداً في الوقت ذاته أن الجهود الإعلامية تظهر كإحدى الدعامات الأساسية لمواجهة هذه الأزمات، وما يصاحبها من شائعات أو أخبار مغلوطة. ولفت إلى أن الإشاعة تعد من أهم وسائل الحرب النفسية والاجتماعية لأنها تستعمل بفاعلية وقت الحرب والسلم لما تتميز به من تأثيرها على عواطف الجماهير وقدرتها على الانتشار.
وقدم المقدم فيصل عيسى القاسم ورقة عمل بعنوان: «الإعلام الأمني ودوره في توجيه الآراء ودحض الشائعات» تحدث فيها عن تعريف الإعلام ودوره في المجتمعات وقوته على التغيير والدور الحيوي الكبير له في توجيه الآراء وقيادة الأفراد أثناء الأزمات، مستعرضاً أهم السبل والطرق الواجب اتباعها خلال مواجهة الشائعات.