أكد معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي الحاجة للارتقاء بممارسات الحوكمة لدى المؤسسات المالية والمصرفية وأسواق المال العربية .. مشيرا إلى أنه على الرغم من التحسن في هذا الجانب جراء إقدام السلطات الإشرافية في السنوات الأخيرة على تطوير إرشادات خاصة بالحوكمة فإنه لا يزال هناك حاجة للمزيد من الجهود لترسيخ ثقافة ومفاهيم الحوكمة والإفصاح والشفافية .. مشيدا في الوقت نفسه بالجهود الكبيرة التي تقوم بها السلطات الإشرافية والرقابية في الدول العربية للارتقاء بممارسات الحوكمة .
ونوه الدكتور الحميدي في الكلمة الافتتاحية لـ “منتدى الحوكمة للسلطات الإشرافية والرقابية في المنطقة العربية .. الفرص والتحديات” الذي بدأ أعماله اليوم في أبوظبي وينظمه صندوق النقد العربي بالمشاركة مع اتحاد هيئات الأوراق المالية العربية وبالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية .. بأهمية تعزيز كفاءة الالتزام والتنفيذ في تطبيق المعايير والمبادئ الدولية .. مشيرا إلى أن التطبيق وإنفاذ مبادئ الحوكمة لا يتوقف فقط على السلطات الإشرافية والرقابية ووضعها للمعايير والمبادئ ومتابعة إلتزامها بل يستلزم كذلك جهود كبيرة على صعيد التوعية والتدريب وبناء القدرات وتقوية التواصل مع مؤسسات وفعاليات القطاع الخاص ومختلف الهيئات المعنية .
وقال الحميدي إن حضور هذا العدد الكبير من المشاركين من مختلف السلطات الإشرافية والرقابية في الدول العربية يعكس في واقع الحال الحرص والرغبة التي تبديها السلطات العربية المعنية لمواكبة التطورات في المبادئ والممارسات الدولية السليمة المتعلقة بإدارة المخاطر كما يعكس الحرص على تعزيز سلامة وكفاءة القطاع المالي والمصرفي في الدول العربية والارتقاء بقدرات القطاع على مواجهة التحديات المختلفة .
وأضاف أن التطورات الاقتصادية والمالية الإقليمية والدولية تفرض تحديات كبيرة على إقتصادات المنطقة العربية في الوقت الذي تحتاج فيه هذه الاقتصادات لزيادة وتيرة النمو الشامل لمواجهة قضايا البطالة. كذلك تتواصل في السياق نفسه الجهود الدولية لتطوير التشريعات التنظيمية للقطاع المالي والمصرفي للارتقاء بالأطر التشريعية والإجراءات الرقابية للتعامل بصورة أكثر إحترازية وشمولية مع المخاطر .. ونوه بضرورة بذل جهود كبيرة من قبل السلطات الرقابية العربية لتعزيز متانة وسلامة القطاعات المالية والمصرفية لديها والتعامل مع التحديات التي تفرضها التطورات السياسية والاقتصادية والمصرفية من جهة وقضايا تطبيق التشريعات والمبادئ الرقابية الجديدة من جهة أخرى .
وقال “تبرز بوجه خاص في هذا السياق الحاجة للارتقاء بممارسات الحوكمة لدى مؤسساتنا المالية والمصرفية وأسواقنا المالية. فعلى الرغم من التحسن في هذا الجانب حيث أقدمت العديد من السلطات الإشرافية في السنوات الأخيرة على تطوير إرشادات خاصة بالحوكمة فإنه لا يخفى أنه لا يزال هناك حاجة لترسيخ ثقافة ومفاهيم الحوكمة والإفصاح والشفافية” .. لافتا إلى أن ترسيخ الحوكمة السليمة لدى الأسواق والمؤسسات والشركات العربية يتطلب توفر قواعد قانونية وتشريعية ومؤسسية فعالة وهو في بعض الحالات قد يكون خارج عن نطاق صلاحيات السلطات الرقابية بصورة منفردة .. ومن هنا تبرز أهمية وضع مسائل تعزيز الحوكمة والشفافية في مقدمة أولويات السلطات الإشرافية المحلية المختلفة وتعزيز التعاون فيما بينها في هذا الشأن .
ولفت مدير عام صندوق النقد العربي إلى أن الدراسات والتجارب أثبتت أن ترسيخ ممارسات الحوكمة السليمة لدى المؤسسات المالية والمصرفية ومؤسسات أسواق المال كان عاملا حاسما في تقوية قدرات وكفاءة هذه المؤسسات على مواجهة المخاطر وإدارتها بصورة رشيدة .. كما أثبتت الدراسات أيضا أن تعزيز الحوكمة وممارساتها السليمة لدى المؤسسات وشركات القطاع الخاص بغض النظر عن حجمها وقطاعاتها يرتبط إيجابيا بقدرات هذه الشركات على الوصول للتمويل وأسواق المال بأقل تكلفة ممكنة ويعزز من كفاءتها التشغيلية وسمعتها وقدرتها على الاستمرار والتوسع والنمو .
وأكد الدكتور الحميدي أن المتابع لأوضاع وممارسات الحوكمة في الدول العربية يدرك التطور الكبير خلال السنوات الماضية حيث حرصت السلطات الإشرافية على وضع معايير وإجراءات ومواثيق تخص ممارسات الحوكمة سواء وزارات المالية والاقتصاد والتجارة أو المصارف المركزية أو هيئات أسواق المال .. كما مارست هذه السلطات دورا متزايدا في حث المؤسسات والشركات على الالتزام بهذه المعايير والإجراءات .. موضحا في الوقت نفسه أن هناك حاجة أكبر في هذه المرحلة لتعزيز كفاءة الالتزام والتنفيذ في تطبيق هذه المعايير والمبادئ .. مضيفا أن التطبيق وإنفاذ مبادئ الحوكمة لا يتوقف فقط على السلطات الإشرافية والرقابية ووضعها للمعايير والمبادئ ومتابعة إلتزامها بل يستلزم كذلك جهودا كبيرة على صعيد التوعية والتدريب وبناء القدرات وتقوية التواصل مع مؤسسات وفعاليات القطاع الخاص ومختلف الهيئات المعنية بما يعزز إدراك الجميع لأهمية الحوكمة وجوانب تطبيقها المختلفة .
وقال “صحيح أن هناك تحسنا ملحوظا على صعيد تطبيق الحوكمة لدى المصارف العربية والشركات المدرجة في أسواقنا المالية إلا أن الأمر يحتاج للتعزيز بالنسبة للشركات خارج أسواق المال ولدى الشركات العائلية كذلك لدى المؤسسات والشركات العامة حيث هناك حاجة للمزيد من الجهود للارتقاء بالحوكمة .. مؤكدا في هذا الصدد على دور السلطات الإشرافية التي يقع على عاتقها إتخاذ المزيد من الإجراءات والجهود في هذا الشأن وذلك على خلاف الأسواق المتقدمة حيث يلعب المستثمر المؤسسي دورا كبيرا في مراقبة ومتابعة تطبيق الحوكمة لدى المؤسسات والشركات إلا أن الأسواق العربية لا تزال بحاجة لمثل هؤلاء المستثمرين مما يزيد من الأعباء على السلطات الإشرافية .
ولفت مدير عام صندوق النقد العربي إلى أن المنتدى سيناقش مختلف هذه القضايا والخطوات الأخيرة في المبادئ الدولية الصادرة عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والمعتمدة من مجموعة العشرين وتحديات تطبيقها في حالة الدول العربية إضافة إلى مناقشة دور السلطات الإشرافية والرقابية في خلق البيئة التشريعية والقانونية والتنظيمية التي تشجع على إرساء ممارسات الحوكمة السليمة وتحديات تطبيق وإنفاذ مبادئ الحوكمة ومعالجة المخاطر المرتبطة بالتطبيق تأخذ أيضا نصيبا كبيرا من مناقشات المنتدى ..
مؤكدا أن تواجد العدد الكبير من مختلف السلطات الإشرافية والرقابية من وزارات مالية ووزارات إقتصاد وتجارة ومصارف مركزية وهيئات أسواق المال سيمثل فرصة كبيرة لتبادل التجارب والخبرات فيما بين مختلف السلطات في الدول العربية بما يساهم في تعزيز الوعي بتحديات تطبيق هذه المبادئ والاستفادة من تجارب بعضنا البعض .
وأكد الدكتور الحميدي أن صندوق النقد العربي من خلال دوره كأمانة فنية لمجلس وزراء المالية العرب ومجلس محافظي المصارف المركزية العربية يحرص على متابعة تطورات الحوكمة حيث يمثل هذا الموضوع واحدا من الموضوعات الهامة التي تناقشها باستمرار اللجنة العربية للرقابة المصرفية .. لافتا إلى أن الصندوق يعمل من خلال برنامج الدورات التدريبية على المساهمة في بناء القدرات التي تساعد بشكل مباشر وغير مباشر على الارتقاء بالحوكمة لدى القطاعات والمؤسسات الاقتصادية والمالية في الدول العربية.
وأعرب في ختام كلمته عن أمله بأن يساهم المنتدى في تعزيز إدراك العديد من الجوانب والقضايا المتعلقة بتقوية وتطوير البنية المشجعة على الارتقاء بالحوكمة في الدول العربية مستفيدين بذلك من تواجد هذا الكم الكبير من الخبرات الرفيعة .
بدوره قال جليل طريف الأمين العام لاتحاد هيئات الأوراق المالية العربية إن عقد هذا المنتدى يأتي كثمرة للتعاون المشترك ما بين الاتحاد وصندوق النقد العربي ويمثل أول تجمع مهني بمستوى رفيع يعالج قضايا الحوكمة من وجهة نظر السلطات الإشرافية والرقابية على القطاع المالي بالمنطقة العربية .
وأكد أن هيئات الرقابة على أسواق رأس المال والبنوك المركزية تلعب دورا محوريا في ترسيخ تطبيق مبادئ الحوكمة والممارسات السليمة .. مشيرا إلى أن مشاركة الهيئات الدولية الفاعلة في هذا المجال ممثلة بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومؤسسة التمويل الدولية يؤكد على أهمية هذا المنتدى بالمساهمة في جهود السلطات الإشرافية والرقابية بالمنطقة العربية .
ويشارك في المنتدى عدد كبير من كبار المسؤولين والخبراء من المؤسسات المالية والهيئات الدولية ووزارات الاقتصاد والمالية والتجارة والمصارف المركزية وهيئات أسواق المال وغرف التجارة والصناعة في الدول العربية .
وحضر إفتتاح المنتدى جون أنجل كوريا “جوزيه انجل كوريا” الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية المتحدث الرئيسي .
ويناقش المنتدى الذى يستمر يومين التطورات الأخيرة في المبادئ الدولية المتعلقة بالحوكمة الصادرة عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية المعتمدة من مجموعة العشرين وتحديات تطبيق المبادئ في الدول العربية والدور المرتقب الذي يمكن أن تلعبه السلطات الإشرافية والرقابية في خلق البيئة التشريعية والقانونية والتنظيمية المواتية التي تشجع على إرساء ممارسات الحوكمة السليمة على ضوء واقع وأوضاع تطبيق الحوكمة في الدول العربية .
كما يناقش المنتدى إحتياجات وجوانب تطبيق وتنفيذ فعال لمبادئ الحوكمة بما في ذلك جوانب التوعية والتدريب وبناء القدرات إضافة إلى مناقشة تحديات التطبيق في عدد من القضايا مثل ممارسات مجالس الإدارة وقضايا التعويضات وحقوق المستثمرين والمساهم إضافة إلى مناقشة إحتياجات حوكمة الشركات والمؤسسات العامة ودور أعضاء مجالس الإدارة المستقلين والمنهجيات والأدوات الفعالة المستخدمة في تقييم وقياس التطبيق والالتزام بمبادئ الحوكمة على ضوء عدد من التجارب العربية والدولية .