أكد البروفيسور كلاوس شواب مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس»، أن ما يشهده العالم من تداعيات للأزمة المالية التي بدأت عام 2008 لم ينته بعد، ومن الخطأ تجاهل استمرار الأزمة وتجلياتها التي تتمثل بالتفاوت الكبير في مستويات الدخل وتوزيع الثروات بين الفئات الاجتماعية.
واستعرض البروفيسور شواب في كلمته بعنوان «تحديات العالم في 2018» وما يحمله المستقبل القريب من متغيرات وكيفية الاستعداد لها، وشدد على خمسة تحديات رئيسية تواجه العالم اليوم، وهي تحديات بيئية وجيوسياسية وإلكترونية واقتصادية وتحديات مستقبلية تمثلت في سناريوهات «ماذا لو» تم استعراضها في التقرير.
وتطرق البروفيسور إلى التحديات الإلكترونية حيث أشار إلى الهجمات الإلكترونية الواسعة النطاق وارتفاع الاعتماد على الإنترنت باعتبارها من العوامل التي تشكل خطراً عالمياً على مدى السنوات العشر المقبلة.
كما ذكر البروفيسور شواب بأن التحدي الإلكتروني جاء في مقدمة تقرير المخاطر العالمية هذه السنة، وقال إن المخترقين باتوا قادرين على التحكم بمركباتنا أثناء قيادتنا لها وسرقة أموالنا وبياناتنا التي تشكل قاعدة حياتنا وتعاملاتنا. وطالب الدول والحكومات بالعمل على حماية الفضاء الإلكتروني لأنه بدأ يشكل العمود الفقري للاقتصاد والعلوم وشبكة العلاقات التي تجمع الناس.
و تحدث البروفيسور حول تطوير برمجيات النانو الذي سيمكن الآلات من التفكير والتقرير بتصرفاتها دون تدخل من البشر. وتساءل شواب ما الذي سيبقى للبشر بعد أن تفكر الآلة وتقرر كيف تتصرف بمفردها؟ وأجاب بأن البشر متفوقون على الآلات بالقوة الناعمة والمهارات العاطفية التي تشمل المحبة والتعاطف والتعاون. وأكد أن هذا التفوق العاطفي للبشر لن يُهزم، واعتبر أنه تفوق أنثوي، أي تمتاز به الإناث، منادياً بالمزيد من تمكين المرأة من المواقع القيادية.
التحديات الاقتصادية
وفي إشارة منه إلى التحديات الاقتصادية، نوه البروفيسور شواب إلى أن الأزمة المالية الأخيرة كلفت العالم ما قيمته 200% من الناتج العالمي الإجمالي، واعتبر أن استمرار سياسة الفائدة المتدنية التي تدفع بالسيولة لأسواق البورصة العالمية، ضارة ويجب إعادة النظر فيها، مؤكدا على أهمية الشفافية مع الجيل القادم عبر توصيف الحالة له بشكل علمي ودقيق مهمة لبناء الشراكة بين الشعوب والحكومات. وأضاف مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي: «لا يجب أن نخدع الجيل القادم بالحديث عن الرفاهية والتطور لأننا لم نبلغ هذه المرحلة بعد».
واعتبر أن التفاوت في توزيع الثروات ومستوى الدخل بين الفئات الاجتماعية وبين الدول الفقيرة والغنية يحتل المركز الثاني على قائمة المخاطر التي أوردها التقرير لعام 2018، وطالب العالم بتغيير سياسته في دعم الأسواق، وقال: «إن ما يحتاجه العالم اليوم هو أن تصبح التقنيات عالية الكفاءة متاحة لكافة الدول والشعوب، وليس الاستمرار في تسيير السيولة لهذه الأسواق».
التحديات الجيوسياسية
وقال البروفيسور شواب بأن العالم اليوم أصبح متعدد الأقطاب وتسوده نظريات ورؤى مختلفة حول كيفية حل الصراعات وهو ما يؤسس لمزيد من هذه الصراعات والانقسامات التي ستضر بمسيرة التنمية العالمية.
أما التحديات المستقبلية، فقد تم عرضها ضمن تقرير المخاطر العالمية كتحذير من الرضا بالوضع الراهن بأن المخاطر قد تتبلور بسرعة وتخرج عن إطارها المتوقع.
ونوه شواب إلى أن المنتدى الاقتصادي العالمي طور بالتعاون مع مجموعة من المنظمات الدولية المختصة مؤشراً جديداً لقياس الناتج المحلي، بحيث يشمل التقدم الاجتماعي وجودة الحياة والتطور في البنى التحتية والارتقاء في أنظمة التعليم.
التحديات البيئية والمستقبلية
وبحسب تقرير المخاطر العالمية 2018، تمثل التحديات البيئية مصدر قلق الخبراء كافة كظواهر الطقس الشديدة وفقدان التنوع البيولوجي وانهيار النظم الإيكولوجية والكوارث الطبيعية الكبرى والكوارث البيئية من صنع الإنسان وفشل التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه. أما التحديات المستقبلية، فقدأشار البوفيسور شواب إلى عدد من سيناريوهات «ماذا لو» التي يمكن أن تهدد العالم في المستقبل مثل فشل عالمي متزامن في زراعة السلع الأساسية – الدقيق والحبوب – الذي يمكن أن يهدد شبكة الإمدادات الغذائية العالمية، أو تفشي الذكاء الاصطناعي بطريقة سلبية يمكن أن تهدد أداء الإنترنت، أو موت التجارة بسبب زيادة الحروب التجارية وتتاليها.