سيّد الاستغفار، هو دعاءٌقاله لنا رسولنا الكريم ونصه الآتي: ” اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت”.
سبب التسمية
ذكر الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم في هذا الدعاء من ألفاظٍ ومعانٍ، حيث يحتوي على صيغٍ لغوية جميلة وفاضلة ترقى بأعلى مستويات سؤال الغفران من الله، أيضاً كان قد جمع بين معاني الاستغفار والتوبة معاً حسب تفسير الكثير من علماء الفقه والدين.. لذا استحقّ أن يكون دعاءً سيداً على باقي الأدعية والابتهالات.
المعاني التي يحملها سيّد الاستغفار
لكل عبارة مذكورة في الدعاء غاية معينة يطلبها المسلم من ربه عزّ وجلّ، لذا وجب أن نفهم ما المقصود بكل منها وذلك حرصاً على التوجه إلى الله بكل إخلاص وحاجة والتماس وتقرب.
اللهم أنت ربي لا إله إلّا أنت: في هذه العبارة إقرار من العبد المسلم المتوجه إلى الله بوحدانية الله، وتسليم بعظمته وجلاله وتفرده بهذه الصفات وكمالها.
خلقتني وأنا عبدك: هنا إقرارٌ من العبد الداعي بأنه الخالق، وشكره لله على منحنا نعمة العبودية له والتي تتمثل في خضوعنا وتذللنا إليه.وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت: وبما أن هذا الدعاء يلجأ له من هو بحاجة للمغفرة من الله سبحانه وتعالى، حيث يظهر التذلل والخضوع والاستسلام لله وبكل الجوارح المادية والمعنوية التي تسكنه، فهو هنا يقدم الاستعداد التام للالتزام بأوامر الله وكل ما يدعونا به وإليه من عبادات والتزامات، حيث يقوم العبد بقوله لهذه العبارة بتقديم عهدٍ لله بأنه سوف يسير على نهج الإسلام وتنفيذ حذافيره المطلوبة.
أعوذ بك من شر ما صنعت: أيضاً هذا الدعاء يظهر ما يشعر به الإنسان الداعي اللاجئ إلى ربه مدى ندمه ونفوره من أعمال الشر أو الأعمال المنهي عنها، إن كان قد اقترفها من قبل، ويطلب من الله الاستعاذة منها وأن يجنبه إياها. أبوء لك بنعمتك عليّ: بعد أن حمد الله على نعمة خلقه ونعمة عبوديته، فإنه هنا يقر أيضاً مدى شكره وحمده لله على باقي نعم الله التي تفضل بها عليه, والتي لا تعد ولا تحصى.
وأبوء بذنبي فاغفر لي: ولأنّ الاعتراف بالذنب، كان من أهم خطوات التوبة النصوح والرجوع إلى الله فإن في هذا الدعاء ما يمكن من ذلك، حيث بقول هذه العبارة يقر العبد بكل ذنوبه التي فعلها من قبل، ويعترف بها، ومن ثم يطلب رحمة الله ومغفرته في تلك الذنوب جميعاً. فإنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت: وهنا تظهر الاستسلام والانقياد الكامل لله، وذلك بقول أن لا أحد يمتلك القدرة على غفر الذنوب، ومحوها إلا الله وهي من صفات الله سبحانه وتعالى.
فضل الدعاء بسيد الاستغفار
عن شدّاد بن أوس (رضي الله عنه)، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: “سيّد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلّا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت، من قالها في أول النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يُمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقنٌ بها فمات قبل أن يُصبحَ؛ فهو من أهل الجنة” رواه البخاري.
ويظهر الدعاء التأدب مع الله وذلك في ذكر “ما استطعت” وهذا تثبيتاً لنقص الإنسان وعجزه ودوام حاجته إلى الله.
ويظهر في الدعاء مدى قرب العبد من ربه، وذلك بأن بينهما علاقة وطيدة قائمة على الطلب والحاجة وتقديم العهد بفعل الخير كله، وتجنّب كل ما يغضبه سبحانه من أفعال.