ويشتد الضغط على إدارة الرئيس الأمريكي بسبب انتخابات التجديد النصفي المقررة في 8 نوفمبر (تشرين الثاني)، ومخاوف الديمقراطيين من فقدان السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ.
حلول
ولتجاوز الأزمة، فإن الرئيس الأمريكي يبحث عدداً من الخيارات لتخفيف الضغط على الأسعار في الولايات المتحدة، ومن أبرزها اللجوء إلى السحب من الاحتياطي.
وفي أول رد فعل للرئيس بايدن على قرار أوبك، أصدر أوامره لوزارة الطاقة بضخ 10 ملايين برميل من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي الأمريكي إلى الأسواق الشهر المقبل، وتعهد بمواصلة إصدار مزيد من احتياطي البترول الاستراتيجي وفقاً للحاجة ولحماية المستهلكين الأمريكيين.
وأمس الخميس، قال المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، بريان ديس، إن واشنطن تدرس السحب من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي، بعد قرار دول أوبك+ خفض الإنتاج بواقع مليوني برميل يومياً في آخر اجتماع لها.
وأشار إلى أن نقص إمدادات النفط لا يزال تحدياً كبيراً، معتبراً أن قرار أوبك+ خفض الإنتاج “مخيب للآمال”.
وبحسب التحليلات، فإن إدارة بايدن التي طرحت فعلاً كمية تاريخية من النفط الخام من احتياطي الطوارئ في البلاد بهدف تخفيض الأسعار، تستطيع الاستفادة من هذه الموارد مرة أخرى. ومنذ مارس (آذار) الماضي، باعت إدارة بايدن أكثر من 155 مليون برميل من النفط الخام من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي الأمريكي، مع عقود لتسليم 10 ملايين برميل أخرى في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وفقاً لما ذكره موقع “الشرق-بلومبرغ”، يوم الأربعاء الماضي.
ورغم أن الإدارة وضعت خططاً في الربيع تهدف إلى طرح ما يصل إلى مليون برميل من النفط يومياً لمدة 6 أشهر -أو ما مجموعه 180 مليون برميل- فإن لديها مجالاً لمواصلة هذه الاستراتيجية، حيث لا يزال 416.4 مليون برميل من النفط الخام مخبأة في كهوف الملح تحت الأرض التي تشكل الاحتياطي. ومع ذلك، فإن قدرة الرئيس على ضخ خام النفط من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي في الحالات غير طارئة ليست بلا حدود. فالالتزامات الأمريكية والدولية تشترط حدوداً دنياً لكمية الاحتياطي بنحو 250 مليون برميل.
اللجوء إلى فنزويلا وإيران
في ظل الضغط المتزايد على بايدن، سرت تسريبات وتقارير صحافية تشير إلى أن الرئيس الأمريكي قد يقدم على خطوة رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على فنزويلا وإيران، والسماح لشركة “شيفرون” الأمريكية باستئناف عملياتها هناك، وفقاً لما ذكرته صحيفة “الشرق الأوسط”.
وأشارت صحيفة “وول ستريت” إلى أن تفكير إدارة بايدن يتجه إلى إعلان رفع العقوبات مقابل عودة مادورو إلى طاولة المفاوضات مع المعارضة السياسية بقيادة خوان غوايدو وتلبية الشروط لإجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في 2024.
رغم أن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، إدريان واتسون، نفت ذلك، وقالت: “سنواصل تنفيذ وفرض عقوباتنا على فنزويلا”، فإنها أضافت عبارة مطاطة تعطي بعضاً من الضوء الأخضر، فقالت: “الولايات المتحدة ليست لديها خطط لتغيير سياسة العقوبات ضد فنزويلا دون خطوات بناءة من الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو لاستعادة الديمقراطية”.
وقف الضريبة
ومن الخيارات الأخرى التي قد يلجأ لها بايدن، وقف الضريبية الفيدرالية على الغاز أو بطاقات غاز يُمكن أن توفر خصومات للمستهلكين، أو تخفيف محتمل لقانون جونز، وهو قانون يتطلب نقل البضائع المحلية على متن ناقلات أمريكية الصنع باستخدام نقابات العمال، لتوسيع عمليات التسليم المنقولة بحراً.
وكل من هذه الأفكار ثقيلة سياسياً، ومع ذلك يمكن أن يكون لها أيضاً تأثير محدود في الأسعار، وفق ما أكدته وكالة رويترز.
واقترح بايدن سابقاً، تعليق ضريبة البنزين الفيدرالية لمدة 3 أشهر، على سبيل المثال، لمساعدة المستهلكين؛ لكن المشرعين رفضوا ذلك، لأنهم اعتقدوا أن ذلك سيكلف الحكومة الكثير من الخسائر في الإيرادات.
مقاضاة أوبك
هناك سلاح آخر في صندوق أدوات الإدارة الأمريكية هو مشروع قانون “لا تكتل لإنتاج وتصدير النفط” المعروف اختصاراً باسم “نوبك” (NOPEC) الذي من شأنه أن يسمح للحكومة الأمريكية بمقاضاة أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بسبب “التلاعب بسوق الطاقة”، حسب زعم الإدارة الأمريكية.
لكن، وبحسب المحلل في شركة مزيج للاستشارات الاقتصادية بالسعودية، سعد الغباري، فإن خفض الإنتاج في الوقت الحالي ما زال لا يمثل مشكلة بالنسبة للولايات المتحدة التي في إمكانها حتى الآن سحب 4 ملايين برميل يومياً من احتياطيها الاستراتيجي، بينما قرار أوبك+ كان خفض مليوني برميل يومياً فقط، ومن ثم فالوضع تحت السيطرة في واشنطن حتى هذه اللحظة
رد أوبك
بدورها، بررت “أوبك+” سبب خفض الإنتاج، وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان خلال اجتماع التحالف الذي يضم 13 بلداً منتجاً للنفط أمس في فيينا، إن قرار خفض الإنتاج هو “واجب منا تجاه الاقتصاد العالمي ويهدف لتحسين وضع المستهلكين والمنتجين”.
وتابع الأمير عبدالعزيز بن سلمان “سنظهر لكم الآن وحتى في مرحلة لاحقة بأن الأمر تم من منطلق اهتمامنا بالتزاماتنا التي قطعناها”، وأضاف “ستعمل “أوبك بلس” كقوة محورية لتحقيق استقرار وتعزيز ودعم الاقتصاد العالمي”، على حد تعبيره.
وقال وزير الطاقة الإماراتي، سهيل المزروعي، في إطار تأكيده على أن النفط ليس المؤثر الرئيسي على الوضع الاقتصادي حول العالم: “الغاز والسلع الأخرى تؤثر بشكل أكبر على الاقتصاد العالمي من النفط”.