نشأت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها في أنوار النبوة، وفي كنف الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فتشربت منه مكارم الأخلاق وحسن العشرة، فأصبح سلوكها وأفعالها تطبيقًا عمليًا للزوجة المسلمة المثالية، فكانت خير زوجة لخير زوج صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله.
ولم تبخل السيدة عائشة رضي الله عنها بنصائها الزوجية على نساء المسلمين، فكانت أم للمؤمنين والمؤمنات بحق، تنصحهم وترشدهم إلى ما فيه سعادتهن الزوجية واستقرار حياتهن وحسن تبعلهن لأزواجهن.
التجمل
ومن نصائح أم المؤمنين عائشة للزوجات المسلمات أن يتجملن لأزواجهن أحسن تجمل فتروي بكرة بنت عتبه، فتقول: دخلت على عائشة وهي جالسة في معصفرة فسألتها عن الحناء، فقالت: شجرة طيبة وماء طهور، وسألتها عن الحفاف (أي إزالة الشعر الزائد من الوجه) فقالت لها: إن كان لك زوج، فاستطعت أن تنزعى مقلتيك، فتصنعيهما أحسن مما هما فافعلي.
وهي نصيحة للزوجات بأن يفعلن ما في وسعهن ليتجملن لأزواجهن لدرجة أنهن لو استطعن أن ينزعن المقلتين ويجملهن فليفعل، وهي صيغة مبالغة تدل على شدة التجمل للزوج.
تقوى الله في أزواجهن
وتتوالى نصائح السيدة عائشة للنساء فقالت يومًا للنساء وقد اجتمعن عندها: “يا معشر النساء اتقين الله ربكن، وأطعن أزواجكن، وبالغن في الوضوء، وأقمن صلاتكن، وأتين زكاتكن طيبه بها أنفسكن، وأطعن أزواجكن فيما أحببتن أو اكرهتن”.
فقد وجهت السيدة عائشة النساء إلى ضرورة أن يتقوا الله في أمورهن كلها، ومن بينها طاعة الزوج في الأمور المباحة التي لا تخالف الشرع حتى لو كانت هذه الأمور لا يملن إليها ما دام الأمر مشروع، وذلك حتى تسود المودة والألفة بين الأزواج.
التفنن في أن تكون في أحسن صورة
التفنن في أن تكون في أحسن صورةالتفنن في أن تكون في أحسن صورةوكانت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها تهتم بمظهرها وزينتها، وتحرص أشد الحرص ألا يرى النبي صلى الله عليه وسلم منها إلا ما يسره، فتقول: “دخل عليّ رسول الله فرأى في يدي فتخات من ورق، فقال: ما هذا يا عائشة؟ فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله”.
وهذا من شدة حرصها على التزين للنبي وأن يراها في أحسن صورة حتى ولو بأمور بسيطة كإسورة من الورق.
الاهتمام باحتياجات الزوج
وكانت رضي الله عنها تحضر للنبي صلّى الله عليه وآله وسلم الوضوء، وتغسل ثيابه، وتغسل سواكه، وتقوم بترجيل –تصفيف- شعره صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله حتى في حال اعتكافه في المسجد وهي حائضة.
كما كانت تقوم بنفسها بالخدمة في البيت، وتقضي سائر حاجات النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم، فتطحن الدقيق، وتطبخ، وتقري الضيوف، وتفرش المفارش.
وكل هذه الأمور التي تقوم بها السيدة عائشة إشارة ونصيحة إلى المرأة أن تهتم بزوجها أشد اهتمام بقضاء حوائجه ومساعدته في أموره كلها، بل وتدلل زوجها بتصفيق شعره، وهي أمور تزيد الألفة والحب بين الأزواج، وكذلك على الزوج أن يساعد زوجته ويدللها ولا يرمي كل الأحمال على زوجته، فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقوم في خدمة أهله، ويساعدهم في أعمال المنزل دون خجل، فيرقع ثوبه، ويخسف نعله بنفسه.
وكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لديها درع ثمين غال ثمنه خمسة دراهم، وكانت النساء تستعرنه منها؛ ليلبسنه عرائسهن ليلة زفافهن كنوع من الزينة لأزواجهن.
ولقرب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من زوجها رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم، ومحبته لها، كان صلَّى الله عليه وآله سلم يفضي إليها بأسراره فتكتمها.
الغيرة العاقلة
حتى في غيرتها وهي الزوجة المحبة ولأنها طبيعة في المرأة كانت السيدة عائشة تجيب عن ذلك بحبها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكانت تغار على الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم، ولما سألها يومًا: “أغرتِ؟ قالت: وما لي أن لا يغار مثلي على مثلك”.
ولذلك كان صلَّى الله عليه وآله وسلم يظهر حبه للسيدة عائشة رضي الله عنها، ولا يخفيه، حتى إنه لما سئل: أي النَّاس أحب إليك؟ قال: عائشة.
كانت تلك بعض وصايا أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها للنساء والمتزوجات، وهى وصايا تساعد في أن يسود الحب والمودة والرحمة والسكن بين الأزواج حتى يستقر البيت المسلم وينشأ فيه أجيال من المؤمنين والمؤمنات في جو من الحب والاهتمام.