وصف الأمير خالد الفيصل رئيس مؤسسة «الفكر العربي»، السعودية والإمارات بأنهما مثال في العالم العربي، وبأنهما تعطيان الأمل بأن الإنسان العربي بخير، والفكر بخير، والإدارة العربية بخير. وقال «لدينا وحدة عربية واحدة نجحت سُميت المملكة العربية السعودية، وحّدت القبائل، وطورت المجتمع، فتغير من مجتمع لا يقرأ ولا يكتب، إلى شعب يحصد الجوائز العالمية في العلوم والتقنية. وحين يتحدثون عن الأمن والاستقرار يذكرون السعودية مثالاً، فيما يكمن المثال الثاني في الإمارات العربية المتحدة التي تُعتبر الاتحاد الوحيد الناجح»، وقال: «شاهدوا اليوم إلى أين وصلت.
العرب يتهافتون للزيارة والعمل في الإمارات، وهي تُجسد قوة الإنسان العربي وقدرته على التطور».
وزاد خلال ختام مؤتمر «الفكر العربي»: «نحن لها، ونستطيع الوصول إلى أرقى المراكز في العالم. فالسعودية من بين الدول العشرين صاحبة أكبر اقتصادات في العالم، وهو إنجاز لم تحققه كثير من الدول، وقد حققه الإنسان العربي.
واليوم، الإمارات العربية المتحدة هي من البلدان المتقدمة في كثيرٍ من النواحي. لا ينقصنا شيء إلا الإدارة والتركيز والثقة بالنفس. لقد هزوا ثقتنا بأنفسنا في الماضي بالجيوش، واليوم يستعمرون الفكر والثقافة. هم يريدون أن نؤمن بأننا لن نتطور إلا إذا تبعناهم في كل شيء. لكن التبعية ليست تقدماً وإنما هي عين التأخر.
فالتقدم هو في الإبداع والابتكار».
وسأل: «لدينا مبادئنا ولدينا تقاليدنا، لماذا لا نبني عليها؟ لماذا لا نجدد حياتنا وأساليبنا وعصرنا، ونستفيد من العلم والتجارب الدنيوية؟ لن نقبل أن نكون أتباعاً».
وفي بداية كلمته قال الأمير خالد الفيصل: «سأتحدث عن الإنسان العربي بصفة عامة، وليس بصفة خاصة، الإنسان العربي المتجدد، وأُعطي مثالاً عن بداية الرسالة الإسلامية، حيث ترك رسول الله ما تعود عليه آباؤنا من عبادة الأصنام، وذهب إلى عبادة الله وكتابه.
وبذلك برهن الإنسان العربي أنه يستطيع التجدد والتكيف بما فيه فائدة له. وانتقل الإنسان العربي إلى إنسان مشارك في العالم».
وتطرق إلى الوضع الحالي فقال: «منذ الحرب العالمية الثانية والدول العربية تُقَسم من قبل الغرب إلى دويلات، وتُحكم من قبل الآخرين، ثم ظهر ما يُسمى بالتحرر العربي على يد بعض الضباط العرب، فحدثت انقلابات عسكرية استولت على الدول العربية وتحولت بفضل رغبات القيادات العسكرية إلى ثورات شعبية ليس للشعوب أي يد فيها.
من هنا أحبط العرب، وبدأوا بالخنوع والمسيرة التي لا تسأل بل تُلبي، وهكذا انتشر الركود الفكري والثقافي والعقلي للإنسان العربي، وأصبح ينفذ ولا يفكر. وفي السنوات الأخيرة، تغيرت هذه الثقافة، وتغير الفكر، والوعي، من التبعية إلى التفكير، لهذا الغرض ولهذا السبب أنشئت المؤسسات والجمعيات الثقافية والفكرية في الوطن العربي، ومنها مؤسسة الفكر العربي، التي أتاحت المجال للمفكر العربي كي يتحدث بحرية».
واختتمت مؤسسة الفكر العربي فعاليات مؤتمرها السنوي «فكر 16» الذي انعقد في دبي على مدى ثلاثة أيام بجلسة بعنوان «نحو إنسان عربي جديد»، شارك فيها الأمير خالد الفيصل، والشيخ الدكتور محمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، والدكتور علي الدين هلال دسوقي، وزير الشباب المصري الأسبق وأستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة. وأدار الجلسة البروفسور هنري العَويط، المدير العام لمؤسسة «الفكر العربي».
من جهته، شدَّد الشيخ العيسى عن أهمية التعليم باعتباره المُكمل الذي يأتي بعد الأسرة، وأشار إلى وجود منصات التأثير وهي كثيرة، وفي طليعتها الإعلام الذي يقود الرأي العام، ويشمل الثقافة والعادات والإعلام الذي لديه تأثير كبير، وقدرة على قلب المعادلات، معتبراً أن هذه الأمور هي منظومة مُجتمعة، ورأى أن التغيير يبدأ من الداخل، حيث لا بد من صياغة مشروع وطني يبتغي المصلحة العامة في صياغة المنظومة الثقافية واستشراف مستقبل واعد للنهوض، ويضع خططاً استراتيجية واضحة وشفافة بناءً على مقاييس تُحاكي التقدم وتأخذ الإخفاقات في الاعتبار.
وأكد الشيخ العيسى أن الإنسان العربي يشترك مع غيره في الفكر والطموح، ولكنه مَرّ بمنعطفات عوَّقت طموحه، وهي تبدأ بالحكومات القائدة، وهي منعطفات دفعت العقل العربي إلى الهجرة، وفي أحيان أخرى إلى أن يكون حبيس بحثه وإبداعه.
مرت أوروبا خلال مراحل طويلة بعصرٍ كانت فيها منغلقة على نفسها، وكانت المصالح الفردية والتقاطعات السياسية يصاحبها مزيج من الهيمنة الراديكالية، وتحمل في داخلها رايات دينية. قائلاً: «لذا نجد أن ردة الفعل في بعض تلك الدول كانت حادة وعكسية تمخض عنها فصل الدين عن الدولة.
كما صاحب ردة الفعل تلك هجرات ما يسميه بعضهم البلاد الجديدة التي استفادت وتضافرت فيها الجهود لتتجاوز المصالح الضيقة، ويلتقي الجميع على طاولة تكوين الدولة المدنية، كون ذلك التغيير جاء بمقومات علمية وفكرية ومعرفية، مما يجعلني أقول إن الإنسان العربي معارض للمرور بتلك المرحلة».