لا أتصور أن موضوعا قد أخذ من الاهتمام والمساحات مثلما هو موضوع المرأة.. وحقوقها.. والمطالبات المستمرة بمساواتها بالرجل.. وضمان حقها في المشاركة السياسية وكافة الأنشطة الاجتماعية.. وحقها في العمل في كل الوظائف.. ونصيبها في التعليم.. وفي قيادتها للسيارة أو الطائرة.. والحصول على البطاقة الشخصية.. وبذل المساعي المستمرة ضماناً لعدم تهميشها وتغييب دورها وإقصائها.
وامتد الأمر إلى دراسة الأوضاع الاجتماعية لها.. وسلوكياتها.. وكيف تدخل أوتخرج ونوعية ملابسها.. وتصنيف نوعية العبايات التي تلبسها.. وهل هي سادة أم مطرزة وأيهما الأصلح.. وهل توضع على الكتف أم على الرأس إلى آخر القائمة التي لا يمكن حصرها وتحديدها.
ومع يقيني التام بأهمية بعض ماذكرت وخاصة ما يتعلق بالتعليم والعمل والمشاركة المجتمعية وإثبات هويتها كمواطنة إلا أني أرى أن هناك قضايا وموضوعات أساسية وهامة وعلى درجة كبيرة من الخطورة تتعلق بحقوقها الفعلية والتي كفلها لها الدين الإسلامي بالنظر إليها كإنسانة لها شخصيتها المستقلة.. وحقها في إبداء الرأي.. وحقها في الإرث والاعتقاد وحقها في التملك والتصرف بأموالها وإعفائها من النفقة.. و في قبول الزوج أو رفضه.
ولم يقف الدين الإسلامي عائقاً أمام المرأة وحقوقها.. وصلاحيته لكل زمان ومكان لمراعاته للمستجدات والمتغيرات إذ كفل للمرأة أن تكون عضوا فاعلا في المجتمع.. مع أخذه في الاعتبار الفوارق الطبيعية والفطرية بين الرجل والمرأة دون الانسياق خلف دعاوى المساواة المطلقة بينهما لأن لكل منهما وظائفه ولقوله تعالى (وليس الذكر كالأنثى)،وأن العلاقة بينهما تكاملية لاتماثلية.
كما أبطل الدين الإسلامي كل تمييز يكون سببا مباشرا أو غير مباشر في ظلمها وهضم حقوقها وامتهان كرامتها ولم يكن هناك أي عائق أمام المرأة للحصول على حقوقها سوى عوائق العادات والموروثات الثقافية التي تضرب بجذورها في أعماق و نفسية الرجل الشرقي والتي أفضت إلى ممارسات وسلوكيات غير إنسانية كالنظرة الدونية للمرأة وضرب الرجل لزوجته وسلب حقوقها والاستيلاء على أموالها ورواتبها وخاصة عندما لايكون للزوجة أهل يحمونها من زوج نزعت من قلبه الرحمة.
وما عضل المرأة أو تعليقها لسنوات طويلة دون تحديد مصيرها.. وتفكير الرجل بنفسه ورمي يمين الطلاق لأتفه الأسباب دون مراعاة للحقوق وكأنة الحل الجاهز عند الاحتدام إلاّ صور فاضحة لانتهاك حقوق المرأة والتجني عليها.. وربما أدى إلى انتشار ظواهر الطلاق والعنوسة والمعلقات… الخ.
وفي ذات السياق وصلني تعقيب لإحدى القارئات واسمها (لينا) تعبر عن معاناة المرأة من ظلم الرجل وانتهاك حقوقها وأوردها بالنص.. فتقول (إذا كان الزوج يرى أن راتب الزوجة حق من حقوقه.. وتربية العيال مسئوليتها.. وإدارة المنزل وظيفتها.. وأهله وحقوقهم اللي ما تخلص.. ناهيك عن حقوقه فأرى أن النهاية المصحة النفسية.. لأن الوحدة مالها وقت حتى تحس بكرامتها.. والأهل وما أدراك ما الأهل إذا جتهم تبي الطلاق وكأن لسان حالهم يقول ما صدقنا نرتاح من وحدة حتى جابت لنا أرباح الزواج).
هذه الرسالة دون ريب تعبر بصدق عن حالة واحدة من حالات كثيرة ناتجة من تفكير الرجل (الذكوري المتطرف) عن المرأة والذي يتمحور حول كونها جارية عليها أن تخدم فقط وليس لها الحق في التعبير عن رأيها مع تعمد إلغاء شخصيتها تماما.
المجتمع مليء بحالات كثيرة تعبر عن هضم حقوق المرأة وهي في رأيي الحقوق الأساسية الجديرة بالمناقشة والطرح والبحث عن الحلول المناسبة لها بدلاً من التركيز على قضايا غير أساسية ظلت ولازالت محورا للجدل على مدى السنوات الماضية..