كشفت جمعية المأذونين الشرعيين عن أن متوسط عدد حالات الطلاق التي تسجلها سنويا يبلغ 300 ألف حالة سنويا. ولا تخلو احصائية الجمعية من دلالات وطرائف حيث كشفت أيضا أن 42% من حالات الطلاق كانت بين المتزوجين حديثا.. وان حالة طلاق تقع كل 6 دقائق كما أكدت ذلك دراسات حديثة.
كما تبين أن 55% من حالات الطلاق وقعت لنساء عاملات وكان السبب الرئيسي للطلاق إما الخلاف علي مساهمة الزوجة المادية في مصاريف المنزل أو تدخل أطراف خارجية في الخلافات الزوجية.
يقول الدكتور مصطفي الشكعة عضو مجمع البحوث الإسلامية إن في مقدمة اسباب حدوث الطلاق زيادة المشكلات والضغوط الاقتصادية التي تواجه المتزوجين حديثاً بالإضافة إلي التكنولوجيا الحديثة التي اسهمت بدورها في ارتفاع معدلات الطلاق نتيجة ما يشاهده كثير من الازواج علي الفضائيات والانترنت من مشاهد مثيرة وخليعة.
اضاف د. الشكعة ان كثيرا من الشباب والفتيات يسعون إلي اختيار المال أو اللهث وراء الجمال أو نحو ذلك من الحسب والنسب أو الشهادات العلمية ناسين ان الدين هو اساس الاختيار وبالتالي يتسبب سوء الاختيار في الطلاق لأنه سرعان ما تدب الخلافات بين الزوجين نتيجة تجاهل تعاليم الدين رغم أن الجميع يعلم ذلك ولكنهم تناسوا ما قاله النبي صلي الله عليه وسلم “فاظفر بذات الدين تربت يداك” أي ربحت وكثر خيرها.
أشار إلي أن من أهم الأسباب التي تؤدي لحدوث الطلاق بعد التربية الدينية عن مجال الشباب والفتيات فأصبح كل منهما لا يرعي الله في الآخر ولا يعرف ما له من حقوق ولا ما عليه من واجبات فتاهت الأمور بين الطرفين بالاضافة إلي كثرة العنوسة وانتشارها بين الرجال والنساء مما يجعل الكثير ممن يفكرون في الاستبدال والاستغناء بكثرة المعروض خاصة ان البعض يسعي إلي عرض نفسه علي الآخر.
كما أن جهل كثير من النساء بحقوق الزوج واندفاع الكثيرات منهن إلي التسلط والعناد والاستعانة بالافكار الجديدة في الاهتمام بالمرأة ومساواتها بالرجل والوقوف إلي جانبها في القضايا والمصالح مما جعل المرأة تستغني عن البيت أو الزوج الذي اصبح في نظرها الجديد سجنا وقيدا يعطلها ويحرمها من الاستمتاع بالحياة والحقوق الخاصة.
يري د. الشكعة أن حل هذه المشكلة يكمن أولا في حسن الاختيار والبحث عن الوازع الديني فهو المؤهل الأول والأكبر كما قال صلي الله عليه وسلم: “إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير” وهذا ما لاحظناه في تزايد مشكلة الطلاق.
كما لابد من دراسة التربية الدينية والثقافة الإسلامية ونظام الأسرة في الإسلام في مناهج التربية والتعليم في المدارس والمعاهد والجامعات لأن هذه الثقافة تعمل علي استقرار البيوت وتفاهم الأطراف وشيوع روح العفو والمودة والتسامح والرحمة كما جاء في القرآن الكريم.
التصرف عند الغضب
اضاف د. عبدالغفار هلال الأستاذ بجامعة الأزهر أن الحياة بطبيعتها لا تخلو من تعكير الصفو بين الزوجين ولهذا علمنا رسول الله صلي الله عليه وسلم كيفية التصرف عند الغضب وامتدح من المؤمنين من يملك نفسه فقال “ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب”.. وقدم لنا صلي الله عليه وسلم العلاج الناجع والشفاء النافع من الغضب فعن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: “إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فان ذهب عنه الغضب وإلا فليضجع وقدم لنا علاجا آخر لمن يتسرع في الحكم علي الأمور في حال غضبه فقال – صلي الله عليه وسلم -إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ”.
كما أن من الأسباب التي تؤدي إلي وقوع الطلاق كثيرا اصابة الأزواج بداء الغيرة المذمومة والشك في سلوك زوجته فاصبح أي تصرف يرد منها يفسره هو علي هواه ويبني من خياله امورا لم تحدث ثم يصدر أحكامه بغير روية ولا حكمة ثم يسارع بعد ذلك بكتابة نهاية الحياة الأسرية بالطلاق رغم ان الاسلام لا يبني أحكامه ولا تشريعاته علي الظن والوهم وإنما ينبغي لمن أراد أن يصدر حكما في قضية ان يتجرد من هواه.
ولا ينبغي للرجل أن يتجسس علي حياة زوجته ولا يتعنت في ذلك ولقد قال صلي الله عليه وسلم: “إن من الغيرة غيرة يبغضها الله عز وجل وهي غيرة الرجل علي أهله من غير ريبة”.. ولا يعني هذا أن الاسلام لا يقر وجود الغيرة المحمودة التي تشعر كل طرف بأنه موضع اهتمام وتقدير وتدل علي نخوة الرجل وشهامته فيقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: “إن الله يغار والمؤمن يغار وغيرة الله تعالي أن يأتي الرجل ما حرم عليه”.. ولما علم رسول الله صلي الله عليه وسلم بغيرة سعد رضي الله عنه قال: “أتعجبون من غيرة سعد أنا والله أغير منه والله أغير مني”.. وهذه هي الغيرة المحمودة التي لا تكون رميا بغير علم ولا يقين ولا ظنا سيئا وقد نهينا أن نظن السوء لأن الله تعالي يقول: “يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن اثم” وهو من تتبع العورات والتجني في الأحكام والتسلط والتسرع في اصدار النتائج التي يكون من جرائها وقوع الطلاق التعسفي.
قال د. شاكر إن من الأسباب ايضا طلاق الزوج لزوجته لأنها تنجب له البنات فقط وهذا دليل علي عدم ايمانه بما قسم الله له وعدم رضاه بحكم الله وهو لا يعلم ما أعده الله لمن يقوم علي تربية البنات من خير في الآخرة ونعيم مقيم.
الطلاق التعسفي
يركز الدكتور محمد فؤاد شاكر استاذ الدراسات الإسلامية بكلية التربية جامعة عين شمس علي أن كثيرا من حالات الطلاق تقع نتيجة تعسف أحد الزوجين تجاه الآخر فالزوج مثلا يستخدم الثلاث طلقات في لفظ واحد أو في مجلس واحد لأن شرعنا الحنيف جعلها ثلاثا ليكون في ذلك فسحة.. ولكن الأفضل من وجهة نظره أن يطلقها الأولي وتقضي عدتها فتكون هناك فرصة للمراجعة أو المصالحة أو الصفح من أحد الطرفين وعودة الألفة مرة ثانية إلي الأسرة فيكون ذكر الطلاق ثلاث مرات تعسفاً في استخدام الحق وقد يكون التعسف في طلب الطلاق بغير حق من المرأة عندما تسارع في طلب الطلاق لاقل الأمور وأتفهها أو لمطالبتها بما لا يقدر عليه كوسيلة لكراهيتها ليطلقها وغير ذلك من الأسباب التافهة.
والحل كما يري د. محمد فؤاد شاكر أن يتجنب الرجل التلفظ بلفظ الطلاق جادا أو مازحا أو حالفا أو متوعدا.. وأن يتذكر قبل اصدار حكمه ما يترتب علي هذا الحكم من ضياع للأسرة وندم علي التسرع ومخالفة لشرع الله الحكيم
رأي القانون
يقول المستشار حسن خليل رئيس محكمة استئناف القاهرة إن ظاهرة الطلاق ازدادت في الفترة الأخيرة ومعظمها لأسباب سطحية لدرجة ان بعضها يحدث قبل الزفاف وذلك قد يكون بسبب الاختلاف علي أمر من أمور ترتيبات الحفل في اللحظات الأخيرة أو سكب العريس العصير علي فستان العروس أو اشتراط العروس لمطرب معين يحيي الحفل أو أن الزوج يشخر أثناء نومه أو أن الزوجة تريد تغيير سيارتها أو اثاث منزلها وهذا في غير استطاعة الزوج وغيرها من الأسباب التي لا يصح أن يقع بسببها حدث جلل مثل الطلاق الذي يهتز له عرش الرحمن والذي هو أبغض الحلال عند الله الذي شرعه للضرورات القصوي وفي مقدمتها استحالة العشرة بين الزوجين.
زوجها وافتداء نفسها مقابل الطلاق بتنازلها عن جميع حقوقها المالية الشرعية ورد عاجل الصداق الذي دفعه الزوج لها المثبت في عقد الزواج أو الذي تقدره المحكمة عند التنازع فإذا لم يوافق الزوج علي التطليق فإن المحكمة تقوم بدورها في محاولة الصلح بين الزوجين ثم تندب حكمين لموالاة ذلك دون التزام علي الزوجة بأن تبدي اسبابا لا تريد الإفصاح عنها ومن ثم لا تبحث المحكمة اسبابا معينة قانونية أو شرعية أو تحقيق أضرار محدودة يمكن أن تكون لحقت بها فإن لم يتم الوفاق وعجز الحكمان عنه تتحقق المحكمة من رد الزوجة لعاجل الصداق بعد أن تستوثق من اقراراتها ثم تحكم بالخلع الذي تقع به طلقة بائنة اخذا بما اجمع عليه فقهاء المسلمين.
حالة طلاق كل 6 دقائق.. بين المتزوجين حديثاً
رابط مختصر
المصدر : https://zajelnews.net/?p=31475